بقلم : ياوز أجار
برلين (زمان التركية) – غيرت تركيا موقفها الرافض لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، في خطوة تحمل أهمية كبيرة لحلف شمال الأطلسي؛ وفي هذا السياق اعتبر الكاتب الصحفي التركي المعروف آدم ياوز أرسلان أن موافقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عضوية فنلندا والسويد في الناتو بمثابة تراجع سريع عن تحدياته السابقة في هذا الصدد.
في مقال نشره موقع “تي 724” التركي بعنوان “انتصار أم هزيمة” أعاد الكاتب للأذهان أن أردوغان كان أكد قائلا: “لا يمكن لـ فنلندا والسويد أن تكونا عضوين في الناتو ما دمت في هذا المنصب”، لكنه تراجع عن ذلك أمس الأربعاء وفتح الباب أمام انضمام هذين البلدين إلى الناتو.
وتطرق أرسلان إلى أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية تقدم هذا التطور وكأنه انتصار تاريخي لأردوغان، وأنه أبرز عضلاته وحصل من خصومه على كل ما يريده، مؤكدًا أن النتيجة الوحيدة الملموسة للمفاوضات بين تركيا وكل من فنلندا والسويد هي رفع القيود المفروضة على تركيا فقط.
لكن الكاتب أشار إلى أنه كان بإمكان تركيا رفع العقوبات الفنلندية والسويدية عليها من خلال المفاوضات الدبلومساية دون حاجة إلى مثل هذا التوتر بين الأطراف، مؤكدًا أن هدف أردوغان من رفض انضمام البلدين إلى الناتو كان شيئًا آخر غير المعلن.
ضغوط على واشنطن
قال الكاتب المقيم في الولايات المتحدة: “هدف أردوغان الأساسي في مسألة رفض عضوية فنلندا والسويد في الناتو كان ممارسة الضغوط على الجانب الأمريكي من أجل إصلاح علاقاته مع إدارة بايدن وإغلاق بعض الملفات التركية التي ينظرها القضاء الأمريكي، مثل قضية بنك “خلق” الحكومي التركي المتهم بخرق العقوبات الأمريكية على إيران”.
وشدد أرسلان على أن أردوغان غلّف غرضه هذا بمطالبة كل من فنلندا والسويد بالتراجع عما سماه “دعم الإرهاب”، لافتًا إلى أن قضية حزب العمال الكردستاني وجماعة فتح الله كولن لم يكن لها أي وزن في المفاوضات بين الأطراف الثلاثة.
وذكر الكاتب أن إعلام أردوغان زعم أن أردوغان نجح في إدراج اسم حركة الخدمة كـ”منظمة إرهابية” في الوثائق الأطلسية، وأضاف: “النتيجة الوحيدة الملزمة للأطراف في نص الاتفاقية هي رفع العقوبات العسكرية المفروضة على تركيا فحسب. أما ما عدا ذلك من المواد الأخرى، فإن فنلندا والسويد استخدمتا لغة دبلوماسية سمحت لهما بالحصول على المرغوب من دون تقديم المطلوب من الجانب التركي”.
وأوضح المحلل التركي أن الاتفاقية المبرمة بين تركيا فنلندا والسويد ليست اتفاقية أطلسية، كما يزعم إعلام أردوغان، بل هي اتفاقية بين الدول الثلاث فقط، وأن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ دون الحاجة إلى موافقة برلمانات الدول الثلاث نظرا لأنها ليست اتفاقية دولية.
وتابع الكاتب المخضرم: “ومع أن الماكينة الإعلامية المحسوبة على الحكومة تقود دعاية تزعم من خلالها أن أردوغان دفع خصومه إلى التوقيع على الاتفاقية وتسجيل اسم حركة الخدمة كمنظمة إرهابية، إلا أن هذا لا يعكس الحقيقة أيضًا! حيث إن النص الأصلي في الاتفاقية كما يلي: لن تدعم فنلندا والسويد وحدات حماية الشعب الكردية والمنظمة التي توصف في تركيا بـ”منظمة فتح الله كولن…”. بمعنى أن فنلندا والسويد لم تعتبر حركة الخدمة منظمة إرهابية بل نقلت الرؤية الرسمية لتركيا فقط. وهذه اللغة الدبلوماسية تعني أن فنلندا والسويد قالتا لأردوغان: هذه منظمة إرهابية بحسب رأيك فقط، أنا لا أراها منظمة إرهابية”.
الكاتب أرسلان تساءل “ألا يعلم الناتو والعواصم الغربية أن أردوغان سيقدم هذا الاتفاق على أنه انتصار تاريخي؟، ثم أجاب عليه قائلا: “إنهم يعرفون ذلك بالتأكيد. لكن الغربيين لم يعودوا مهتمين بأكاذيب أردوغان تجاه شعبه”، على حد قوله.
يذكر أن السلطات السويدية كانت رفضت مؤخرا طلب حكومة أردوغان بإعادة مجموعة من الصحفيين الأتراك إلى تركيا بدعوى انتمائهم إلى حركة الخدمة.
كما أن الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو أكد في بيان بعد حفل التوقيع على الاتفاقية مع تركيا أنهم سيواصلون “العمل وفقًا لقوانينهم الخاصة في مكافحة الإرهاب”، مما يدل على أن كلا من البلدين سيعرضان مطالب تركيا على سلطاتهما القضائية وأنهما سوف يتقيدان بما تنص عليه قوانينهما الخاصة بدلا من مطالب أردوغان الشخصية.
–