بقلم: عزت عبد الرحيم بركات
يعيش المجتمع التركي مرحلة عصيبة ومخاضا شديدا في تفاعلاته بين مكوناته المختلفة بفعل الكراهية التي دست بين أفراده.
ولا أدل على ذلك من حادثة منع مجموعة من أنصار أردوغان بعض مرتادي المسجد ممن لا ينتمون إلى أيديولوجيتهم الذين وصفتهم حكومة حزب العدالة والتنمية التركي بالخونة من دخول المسجد لأداء صلاة الجمعة بألمانيا!
المساجد في أدبياتنا الدينية هي أطهر مكان وأقدسه، وأبعد ما يكون المرء فيه عن المشاحنات والخصومات.. حيث يصطف الغريم مع غريمه والمدين مع دائنه والخصمان معا، كعبا إلى كعب، تجمعهم خشية الله ومراقبته، تاركين الخلافات عند عتبة المسجد..
وليس من خشية الله وتقواه منع المصلين من أداء واجباتهم الدينية تحت أية ذريعة حتى ولو كانت من الكبائر!
إذا، ما بال المسلمين يصل بينهم الحقد هذا المبلغ حتى يحملوه إلى بيت من بيوت الله؟!
الجواب بسيط! لأن هؤلاء المانعين يكفرون الممنوعين والكفرة المرتدون لا يدخلون المساجد! وذلك بسبب خلاف سياسي لا أكثر!
حيث عملت بعض الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية التركي على توظيف الخطاب الكراهي شر توظيف مستغلة المشاعر الدينية لدى جماهيرها، ناعتة معارضيها من السياسيين والمدنيين بالعداء للإسلام والمسلمين من خلال موالاة إسرائيل وأمريكا!
وهذا لا يخفى على أي متابع في خطابات كبار زعماء الأحزاب وعلى رأسهم السيد أردوغان، حيث نعت معارضيه وعلى رأسهم حركة الخدمة بالمنحرفين عقديا وأن شيخهم (يقصد الأستاذ فتح الله غولن) نبي كاذب، وهم من طائفة الحشاشين (عصابة ملحدة أسسها الحسن الصباح في القرن الحادي عشر الميلادي ببلاد فارس يتعاطون الحشيش وينفذون عمليات اغتيال لكبار رجال الدولة) ودعا الشعب التركي إلى حرمانهم حتى من “جرعة ماء“!.
هذا بالإضافة إلى تكفير بعض أنصار حزب العدالة والتنمية التركي لمن لم ينتخبوا أردوغان معللا بأن هذا من واجب الإيمان بالله!. ما يعني أن المعارض كافر وأن الكافر لا يستحق الرحمة!
في ظل غياب مثقفين ومفكرين وعلماء قادرين على معارضة هذا الخطاب الكراهي وغياب الصحافة الحرة قادرة على حمل انتقاداتهم على الرأي العام حتى في حال وجودهم، تنامت ظاهرة الخطاب الكراهي بحيث لم يعد في الإمكان حسمها، ولا يبدو في الأفق ما يدل على عزم الحكومة التركية على وضع حد لها!..
لأن هذا الخطاب الكراهي كما هو رأي كثير من المحللين هو الوسيلة الوحيدة لإبقاء القاعدة الجماهيرية للحزب الحاكم على حالة نفسية معينة تجعلها ترضى بجميع الممارسات القمعية لأنها تمارس ضد الكفار والخونة على حد تعبيرهم!