القاهرة (الزمان التركية) – فندت صحيفة” البوابة” المصرية الأنباء التي روجتها إيران حول سيطرتها على مضيق هرمز ووصفته بـ” الفنكوش” أي الخبر الكاذب.
وقالت الصحيفة :”فوجئ العالم، أمس الجمعة، بإعلان إيران سيطرتها على مضيق هرمز والخليج العربي بشكل كامل، ونقلت وسائل الإعلام حول العالم التصريح الذى أدلى به العميد باقر زادة، مسؤول البحث عن المفقودين فى الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية فى هذا الشأن”.
وأضافت: “وقال «زادة» خلال التصريح الذى أدلى به لوكالة أنباء «فارس» الإيرانية: «مضيق هرمز والخليج الفارسي منطقة استراتيجية.. إيران تبسط سيطرتها فى هذه المنطقة بشكل كامل»، مشيرًا إلى «ضرورة أن تبقى هذه الحالة، ومن مستلزمات ذلك هو التواجد المقتدر».
ولفتت إلى حرص المسؤول الإيراني على استخدام مصطلح «التواجد المقتدر» للإشارة إلى عزم بلاده التواجد بقوة وبأعداد عسكرية كبيرة فى المنطقة، لافتًا إلى قيامهم بتشييع ودفن عدد من «الشهداء المجهولين» بإيران فى جزر الخليج، مضيفًا: «الهدف من ذلك ترسيخ روح الاستشهاد لدى المقاتلين المتواجدين فى هذه الجزر»، بحسب تعبيره.
تصريحات «زادة»، وهو مسؤول عسكرى صغير فى إيران، لا تتعدى، بحسب الصحيفة، كونها ضمن المناوشات والمعارك الكلامية بين إيران والولايات المتحدة، والتى بدأت قبل أيام بتصريح مسئولين عسكريين أمريكيين لشبكة «فوكس نيوز» ووكالة «رويترز» بأن زورقًا إيرانيًا صوب مدفعه الرشاش نحو مروحية أمريكية كانت تحلق فى «مضيق هرمز».
وقال المسؤولان الأمريكيان وقتها: «كانت المسافة بين المروحية الأمريكية وزورقين إيرانيين قرابة ٨٠٠ متر، حيث صوب أحد الزورقين مدفعه الرشاش نحو المروحية».
ورد مصدر مطلع فى القوة البحرية للحرس الثورى الإيرانى على التصريحات الأمريكية: «طرح بعض المسئولين الأمريكيين لا يتعدى كونه مزاعم يخرجونها من وقت لآخر.. وتدل على أنهم بصدد تحقيق أهداف خاصة من وراء الحركات الدعائية.. لذلك نؤكد لهم: لا داعى للضجيج؛ فالمشكلة تكمن فيكم».
وأضاف المسئول الإيراني: «لا يخفى اليوم على أحد أن المشكلة الرئيسية فى الخليج تتمثل فى تواجد الأمريكيين والذين يحاولون الإيحاء من خلال تصرفاتهم غير المناسبة وغير المهنية أن الظروف غير عادية».
وتابع: «سفن الدول الأخرى تمر من المنطقة ليل نهار دون أى مشكلة مع مراعاة القوانين والمقررات الدولية، فى حين أن الأمريكان هم وحدهم من يثير الضجيج، ويريدون إثارة المشاكل بذرائع غير واقعية».
واستكمل فيما يبدو كإشارة إلى ما حدث فى وقت لاحق ليلة الجمعة: «سنواصل تنفيذ مهامنا فى مياهنا الإقليمية بجدية وهدوء ودقة تامة دون الاكتراث بضجيج الأمريكيين».
وقالت الصحيفة إن تصريحات «زادة» قد تكون مجرد رد أو «استفزاز» لـ «واشنطن» بعد أن وافق مجلس الشيوخ الأمريكى على مشروع قانون لتمديد إجراءات الحظر المفروضة على إيران لعشر سنوات.
مشروع القانون حصل على ٩٩ صوتًا من أعضاء المجلس الذى يبلغ عدد أعضائه ١٠٠، وكانت إيران حذرت أن تمديد الحظر سيشكل انتهاكًا للاتفاق النووى الموقع بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد فى يوليو من العام الماضي.
وأضافت الصحيفة إنه بحسب الدكتور نائل الشافعي، مدير موسوعة المعرفة والمحاضر فى معهد «ماساتشوستس للتقنية»، فإن إيران لم تفرض سيطرتها على الخليج العربي، موضحًا: «ما حدث هو أن الكونجرس الأمريكى بدلًا من إلغاء العقوبات الاقتصادية على إيران، حسب الاتفاق النووي، جدد الحظر لعشر سنوات، فجن جنون إيران، وخرج مسؤول صغير فى البحرية الإيرانية «مسئول دفن الشهداء»، ليصرح بأن إيران مسيطرة على الخليج وعلى مضيق هرمز».
وأضاف: «لاحظوا أن التصريح جاء فى حفل بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لمقتل عدد من جنود البحرية الإيرانية على يد البحرية الأمريكية فى ديسمبر ١٩٨٧ حين حاولوا اختطاف ناقلة نفط كويتية، ضمن حرب الناقلات التى كانت جزءًا من الحرب الإيرانية العراقية»، منوهًا بأن تصريحًا مشابهًا أدلى به على شمخاني، وزير الدفاع السابق، ما يعنى أن تلك التصريحات لا تخرج إلا على لسان مسؤول صغير أو مسؤول سابق، لا يمكن محاسبتهما عليه.
وتابع: «ببساطة التصريحات الإيرانية لا قيمة لها، لأن مضيق هرمز هو أهم مضيق فى العالم بالنسبة لأمريكا».
اللافت للنظر أيضًا أن إيران نوهت باعتزامها القيام بهذه الخطوة منذ الأربعاء ٣٠ نوفمبر، وذلك عبر تقرير نشرته على وكالتها الرسمية «فارس»، حمل عنوان: «تعزيز القوة البحرية الإيرانية فى المياه الدولية: مسار طبيعى فى ظل تعاظم الدور الإيراني»، ورأت فيه أن توسيع تواجدها فى المياه الدولية «ضرورة ملحة» فى ظل ما وصفته بـ «تعاظم دورها».
وذكر التقرير: «تتوجه إيران لتعزيز نفوذها على الصعيد الدولي، وهو ما يتماشى مع دورها المتعاظم. الساحة اليوم ساحة المياه الدولية، والتى تعتبر وجهة طبيعية لأى دولة صاعدة. خاصة أن الأدوار التى تلعبها إيران على الصعيدين الإقليمى والدولي، أكبر بكثير من تلك التى تلعبها دول أخرى لا تمتلك تواجدًا فى المياه الدولية».
تقرير «فارس» أشار إلى مضمونه فى أكثر من مناسبة، على خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، والذى شدد على «أهمية التواجد القوى لإيران فى المياه الدولية»، معتبرًا إياها قادرة وبقوة على توسيع نطاق هذا التواجد.
أما قائد سلاح البحرية فى الجيش الإيراني، الأدميرال «حبيب الله سياري»، فقال قبل إعلان الاستيلاء على مضيق هرمز بشكل رسمي: «تواجد القوات البحرية الإيرانية فى المياه الدولية فى جميع أنحاء العالم يهدف إلى إحباط مشروع التخويف من إيران وإبلاغ رسالة السلام والصداقة لدول العالم، فضلًا عن تعزيز العلاقات مع دول الجوار، واستعراض القدرة البحرية للبلاد، وتوفير الأمن لصالح السفن التجارية وناقلات النفط التى تتعرض للتهديد من قبل القراصنة البحريين».
وأشار تقرير «فارس» إلى مجموعة من الحقائق عن التواجد الإيرانى فى المياه الدولية، مشيرة إلى أن السفن الإيرانية تتواجد فى ميناء «دوربان» بجنوب إفريقيا، إلى جانب تواجدها فى المحيطين الهندى والهادى والبحر الأبيض المتوسط.
ولكى تعطى شرعية لتجاوزاتها، زعمت أنها قدمت الدعم والحماية لما يقرب من ٣٨٠٠ سفينة فى خليج عدن من تهديدات القراصنة، مضيفة فى تقرير «استباق التحرك نحو مضيق هرمز»: «ترتبط إيران بجغرافيا حدودية بحرية طويلة، كبحر قزوين والخليج الفارسى وبحر عمان وهو ما يعطيها الحق فى الاستفادة من الإمكانات البحرية على جميع الأصعدة».
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الحضور الإيرانى فى المياه الدولية ليس بجديد، معتبرة «اعتراض البعض على الحضور الإيرانى محل استهجان، خصوصًا أن مبررات الحضور الإيراني أقوى بكثير من غيرها من الدول».
وأشار إلى أن تواجدها يراعى المعايير والقوانين الدولية.
مضيق هرمز:
يمثل مضيق هرمز، الذى يعد أهم أحد الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، أهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى لدول الخليج العربى بصفة خاصة ودول الشرق الأوسط بصفة عامة، بل هو الرئة التى تتنفس من خلالها دول الخليج، بل المنفذ البحرى الوحيد لعدة دول وهى “العراق – الكويت – البحرين- قطر- الإمارات العربية”.
ويقع “المضيق” فى منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التى تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتى ضمن مياهها الإقليمية.
ويضمّ المضيق عدداً من الجزر الصغيرة غير المأهولة أكبرها جزر قشم الإيرانية ولاراك وهرمز، إضافةً إلى الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، ويبلغ عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60 م فقط، ويبلغ عرض ممرّى الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10,5كم).
الأهمية الاقتصادية والتجارية لمضيق هرمز
1 – مع اكتشاف النفط ازدادت أهمية المضيق الاقتصادية نظراً للاحتياطى النفطى الكبير بالمنطقة العربية واستيراد الخدمات والتكنولوجيا، بمعنى أن المضيق يربط بين أكبر مستودع فى العالم وأكبر سوق.
2- تعبره من 20-30 ناقلة نفط يوميا بمعدّل ناقلة نفط كل 6 دقائق فى ساعات الذروة – محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم
3- تعتبر دولة اليابان من أكبر دول العالم استيرادا للنفط عبر مضيق ” هرمز”، وفى حالة غلقه فإن العالم سيحرم من هذه التكنولوجية المتطورة
4- 22% من السلع الأساسية فى العالم (الحبوب وخام الحديد والأسمنت) تمر عبر المضيق
5- المملكة العربية السعودية تصدر 88 % من إنتاجها النفطى عبر المضيق، بينما تصدر العراق 98 % من انتاجها النفطى عبره، والإمارات بنسبة 99%.
الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز.. ماذا يعنى غلق المضيق؟
نظرا للأهمية التجارية والاقتصادية للمضيق، فإن له أبعاد استراتيجية كبيرة له على المنطقة العربية، وحال إذا ما تم غلق المضيق فإن لذلك انعكاسات تؤدى إلى انهيار اقتصاديات العديد من الدول.
1- إيران أكبر الخاسرين من غلق مضيق هرمز، لكونها تعتمد عليه فى تصدير النفط الخام إلى دول آسيا، خاصة الصين أكبر المستوردين منها.
2- إيطاليا، وإسبانيا، واليونان من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق مضيق هرمز، لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكرى بين البلدين (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالى ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل نفط يوميًا، أى بنسبة 18% من إجمالي الصادرات الإيرانية البالغة 2.7 مليون برميل نفط يوميًا.
3- العديد من الدول ستلجأ إلى تصدير النفط والغاز الطبيعى عبر الأنابيب مثل المملكة العربية السعودية، حيث قامت المملكة بمد خط أنابيب رأس التنورة
4- الإمارات العربية المتحدة تمكنت هى الأخرى من مد خط أنابيب والذى بدأت فيه عام 2012
5- ستضطر الدول العربية لشق قناة مائية على غرار قناة السويس تربط بين الخليج العربي وخليج عمان، وتقوم عند أقرب نقطة بين الخليجين، أى فى أقصى شمال شرق الأراضى العمانية بين شبه الجزيرة العمانية الممتدّة فى مضيق هرمز، وبين خطى عرض 26 شمالا وطول 56 شرقًا، وتؤمّن هذه القناة مدخولا ماليًا مذهلا لسلطنة عمان والدول الخليجية المساهمة فى إنشائها.