بقلم: فادى عيد
بلقائه بولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، كسر الرئيس الامريكي دونالد ترامب قواعد البروتوكولات أحتفاء بأول ضيف خليجي وخامس ضيف على البيت الابيض بعد تولى ترامب الرئاسة، بعد إقامة مأدبة غداء خاصة للضيف في الجناح الشرقي بالصالة العائلية (دليل تقارب كبير في وجهات النظر بين البلدين) بحضور كبار أعضاء إدارة ترامب، وهم نائب الرئيس مايك بينس، ومستشار الأمن القومي هربرت ماك ماستر، وكبير مستشاري الرئيس ستيف بانون، وصهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، ومستشارة ترامب للشؤون الاقتصادية دينا باول، علماً بأن العادة جرت على أن يتم هذا الإجراء لقادة الدول فقط.
وبعيدا عن الصورة ودخولا فى عمق المشهد، فقد ذهب الامير الشاب للولايات المتحدة لتقديم أوراق اعتماده لدى الرئيس الامريكي قبل اعتماد دور بلاده فى المنطقة، فبعد ميل بعض الاجنحة داخل المؤسسات الامنية والسياسية بالولايات المتحدة لولي العهد الامير محمد بن نايف، وهو الامر الذى تجلى فى اللقاء الذى جمع مدير الاستخبارات الامريكية الجديد مارك بومبيو مع محمد بن نايف ومحمد بن سلمان فى الرياض بفبراير الماضي، ومنح بن نايف ميدالية “جورج تينت” تقديرا لعمله الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الارهاب، بالرغم من ان محمد بن نايف هو وزير الداخلية وليس وزير الدفاع، فى لقاء رسائله تتعدّى إطار التكريم.
ولذلك كان على الامير الشاب سرعة تقديم اوراق اعتماده بعد أن حاول لمرات القفز فوق بن نايف، ليكون هو ولي العهد، سواء بفترة أوباما أو أثناء رحيل أوباما، ولكن يبدو أن ما حدث مع الامير مقرن لم يفلح مع بن نايف، ومن المعلوم أن كلا من المحمدين بن نايف وبن سلمان لا يهمه سوى ردة فعل العائلة الحاكمة ومدى موافقة واشنطن تجاه الحكم. كما أن هناك اختلافا مماثلا داخل البيت الأبيض بالولايات المتحدة على من يكون ملك المستقبل بالسعودية.
وهنا توجهت الرياض للبوابة الكبيرة لقلب البيت الابيض الا وهي اسرائيل، التى بدأت معها فى رسم مشروع قديم جديد، يسمح بتأسيس محور سني لمواجهة ايران (العدو الاول للسعودية واسرائيل)، وقد لا نكون ننتظر مرحلة تأسيس لان السعودية وبتصريح من واشنطن أسست “التحالف الاسلامي”.
ومن المؤكد أنه تم التطرق بين ترامب وبن سلمان للملف اليمني والسوري (فى ظل أنباء تتردد عن وصول مئات جنود المشاه السعوديين الى قاعدة انجرليك التركية ببداية مارس الجاري)، فى ظل التحرك الامريكي المباشر فى سوريا سواء بمنبج أو الرميلان، والذى يأتى تأكيدا على تصريح قائد القوات المركزية الامريكية الوسطى جوزيف فوتيل عندما قال “ان القوات الامريكية ستبقى فى سوريا طويلا حتى بعد القضاء على داعش”، ولكن حسب التصريحات الصادرة من واشنطن والرياض فايران هى محور أساس الحديث بين ترامب وبن سلمان، ولذلك فإن تصدي سوريا فجر يوم الجمعة للمقاتلات الاسرائيلية لم يكن تصديا لها فحسب، بل تصد لكل ما دار بين بن سلمان وترامب، وما يخطط له نتنياهو منذ البداية، من عزل ايران وحزب الله من المشهد السوري، بل ومن المنطقة بأدوات المحور السني، خاصة بعد محاولة واشنطن وتل أبيب إيجاد صيغة مشتركة بينهم تتفق فيها موسكو وواشنطن على محاربة التنظيماتا لارهابية فى سوريا مقابل تحجيم دور ايران بسوريا، وأبقاء بشار الاسد فى الحكم ولكن سيصبح وقتها بلا أنياب، ولذلك كانت دمشق مجبرة على الرد على اختراق المقاتلات الاسرائيلية للاجواء السورية فى تلك المرة على عكس المرات السابقة، حتى سمعنا صوت صفارات الانذار تدوى فى القدس المحتلة واغوار الاردن، فى مشهد يقول لنا إن دمشق مستعدة للذهاب لما هو بعد ذلك، قبل أن تطلق جماعة الحوثي صواريخها على فرع شركة ارامكو النفطية بجازان.
حقيقة الامر، أن دمشق وحلفائها على علم بنوايا واشنطن واتباعها بالاقليم منذ اليوم الاول، ولذلك جاء التنسيق العسكري الاخير بين بغداد ودمشق والحشد الشعبي العراقي، واضحا سواء كان فى التصريحات أو على أرض الميدان، حتى أن طهران اطلقت تحذيراتها الى تل أبيب عبر حركة النجباء العراقية، بعد أن توعدت الحركة فى مؤتمر من طهران بتحرير الجولان المحتل.
ووسط كل تلك المعطيات لن تكون زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) للولايات المتحدة إلا جزءا من مشهد تصفية القضية تماما، حسبما أراد وخطط نتنياهو، وننتظر حماس فى ثوبها الجديد كي نطلع على شكل مستقبل القضية الفلسطينية.
ولكل ما سبق أرى عنوان المقال هو افضل عنوان للقاء الذى جمع ترامب مع بن سلمان، وأن ذلك اللقاء الذى جاء قبل القمة العربية وقبل انتخابات ايران بمايو المقبل، لا مستفيد منه سوى ترامب، الذى ضمن تحقيق مشاريعه داخل الولايات المتحدة بأموال السعودية، كما فعل فرانكلين روزفلت مع الملك عبد العزيز منذ 72عاما، فحتى وإن صعد بن سلمان الى منصب ولي العهد، فهنا سيكون مكسبا وقتيا لشخص محمد بن سلمان فقط.