واشنطن (الزمان التركية) – برزت “صحيح إنترناشيونال” التي كتبتها ثلاث نساء أمريكيات اعتنقن الإسلام في الثمانينيات ويعشن ويعملن الآن في السعودية كواحدة من أكثر الترجمات الإنجليزية للقرآن الكريم تأثيراً وأوسعها انتشاراً.
وأهم ما يميز ترجمة “صحيح إنترناشيونال” للقرآن عن غيرها من الترجمات النسائية للقرآن هو أنها لا تحمل تأويلاً نسوياً لبعض آيات القرآن وتحظى بشعبية واسعة تشمل بعض الإسلاميين الأكثر تحفظاً.
وأصبحت الترجمة التي يبلغ عمرها عقداً من الزمن، مؤخرا هي النسخة الرئيسية المستخدمة في دعاية تنظيم (داعش) باللغة الإنجليزية، حسب تقرير لموقع الديلي بيست الأميركي.
وبحسب موقع ” هافنجتون بوست” الأميركي يظل منتجو هذه الترجمة مجهولين إلى حدٍّ كبير، بناءً على رغبتهم الشخصية بصفةٍ رئيسية. وفيما يلي نروي لكم قصة تحول ثلاث سيداتٍ من الولايات المتحدة، ليصبحن من أكثر ناشري القرآن تأثيراً في العالم.
بينما كانت قريناتها منشغلات بالانتشاء من المخدرات ومتابعة الموضة، قضت إيميلي عصامي فترة السبعينات في دراسة اللغة العربية بدمشق في سوريا، حيث انتقلت المرأة المولودة في كاليفورنيا للعيش مع زوجها العربي.
وصلت إيميلي إلى سوريا وهي ملحدة. ولم يمضِ وقتٌ طويل قبل أن تُعجَب بمعاني القرآن، وتبدأ في دراسة اللغة العربية بجامعة دمشق، لتعتنق بعدها الدين الإسلامي وتنتقل إلى المملكة العربية السعودية. أما الآن، فهي تُعرف باسم أم محمد لمتابعيها، أو اسم آمنة الذي اختارته لنفسها.
ونصت السيرة الذاتية لإيميلي التي وردت في كتاب “WhyWomenAreAcceptingIslam” على التالي: “كانت دائماً تسعى للوصول إلى الحقيقة، لكنَّ والدها كان عالماً لم يؤمن بوجود إله. وكانت دائماً تتمنى أن يكون لها إلهٌ يتحدث إليها ويرشدها مثل الأنبياء”.
ووفقاً لهذه السيرة الذاتية، فقد نشأت إيميلي في أسرةٍ من الملحدين، لكن اهتمامها بالإسلام ظهر لأول مرةٍ بعد حضورها لدرس مقارنةٍ دينية متحيز يلقيه أستاذ تاريخ.
ويُضيف الكتاب: “أرادت أن تعرف عن النبي محمد وما قاله عن الله، وكانت ترى أنَّه في حال وجدت كلامه غير عقلاني، ستتوقف عن التفكير في المسألة إلى الأبد”.
بعدها طلبت إيميلي من والدها أن يساعدها في إيجاد كتابٍ عن النبي محمد. لكنَّه أخبرها بأنَّ جميع الكتب في المكتبة حول هذا الموضوع لم يكتبها مسلمون، وهو الأمر الذي كان يزعجه بشدة.
ولكن، بمجرد أن حصلت إيميلي على نسخةٍ من القرآن، تغيَّر شيءٌ ما في داخلها. وجذبتها أوجه الشبه بينه وبين الكتب المقدسة التي تعرفها.
وكتبت إيميلي: “بدأتُ في قراءة ترجمة القرآن منذ البداية. وجدتُ الكثير من الأشياء التي لم أفهمها، وأشياء أُخرى أبهرتني. قررتُ متابعة القراءة لعدم قدرتي على النوم في جميع الأحوال، واستمررتُ في القراءة رغم عدم رغبتي فيها أحياناً حتى أمتنع عن المبالغة في التفكير، وفجأةً وجدتُ هذه الكلمات أمامي: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). وشعرتُ بتحسنٍ كبيرٍ بعدها”.
أما زميلتاها اللتان يصغرانها بعقدين من العمر، فقد انضمتا إليها فيما بعد.
أولهما ماري كينيدي، التي كانت تَدرُس اللغة الإنكليزية، وهي من مواليد أورلاندو وتعمل محررة في دار نشر، ونشأت وسط أسرةٍ مسيحيةٍ في فلوريدا. صرّحت ماري لصحيفة عرب نيوز بأنَّها كانت فضولية، لكنَّها “لم تكن تشعر بأي شيء تجاه الكثير من الأمور”. واختلفت الأمور عندما بدأت في قراءة النصوص الإسلامية.
وقالت إنَّ اعتناق أخيها الإسلام أسهم في تسهيل طريقها، كما أنَّ عائلتها قدمت لها دعماً كبيراً.
وأضافت ماري: “لم تكن صدمةً بالنسبة لأسرتي أن يروا أحداً يسلك طريقاً مختلفاً. وساعد في تقبلهم للأمر أنَّهم شاهدوا مدى جديتي بشأن الإسلام، واستقراري وسط أسرةٍ مسلمةٍ، وتعايشي مع قواعد الإسلام”.
أما الثالثة، أمة الله بانتلي، فهي تماماً مثل إيميلي، بدأت رحلتها إلى المملكة العربية السعودية مبكراً. فمنذ طفولتها، لم تكن تجد الكاثوليكية التي نشأت عليها مُرضيةً بما فيه الكفاية. وكل مرة تذهب للاعتراف، أياً كانت خطيئتها، لم تنجح في التخلص من الشعور بالندم.
وتذكرت أمة الله ذلك قائلةً: “رددي السلام الملائكي عشر مرات، وتعهدي ألا تفعلي ما فعلتي مرةً أخرى”.
سعت أمة الله للتحرر من كاثوليكية عائلتها من خلال فقدان الإيمان، لكنَّها ظلت تتوق إلى قوةٍ عليا، قوة تؤمن بأنَّها خلقت الكون. وأضافت: “في عقلي، كنت متمسكةً بفكرة (الطبيعة الأم)”.
والتقت بعدها بالطلاب الدوليين المسلمين في الجامعة، ورغم عدم التزامهم دينياً، لكنَّهم نجحوا في جذب اهتمامها. وبدأوا في النقاش حول الأديان، رغم تردد أمة الله في البداية.
وتذكرت رأيها في البداية قائلةً: “أتذكر أنَّني كنتُ أقول لنفسي: (من المستحيل أن أعيش بهذه الطريقة أبداً). ومن الواضح أنَّني كنت واقعة في فخ الفكرة الشائعة الخاطئة أنَّ النساء يمتلكن حقوقاً أقل في الإسلام”.
لكن أمة الله حافظت على فضولها. وتعلمت المزيد عن الإسلام، وأدركت أنَّ النساء يتعرضن لسوء المعاملة في الدول الإسلامية نتيجة الثقافات المحلية وفكر البشر هناك، وليس بسبب الإسلام.
وأضافت: “رأيتُ جمال الإسلام وأدركتُ أنَّه دين الله. واعتنقتُ الإسلام عام 1986، وانتقلتُ إلى المملكة العربية السعودية في العام التالي”.