بقلم: عبد السلام كمال أبو حسن
لقد بات معروفًا أنّ الإعلام هو المُشّكل الأكبر لعقول الناس في هذا العصر، و أنّ للإعلام دورًا أساسيا في توجيه الناس والرأي العام إلى شيء معين، وما كذب وزير هتلر عندما قال:”أعطني إعلامًا بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي”، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وطالما تبنت الجزيرة دومًا مقولة “الرأي والرأي الآخر”، إلا أنها تخلت عن هذه المقولة وهذا المبدأ، وأصبحت آلة إعلامية في يد الحكام يديرونها كيفما شاؤوا، ولا أنسى صديقي الذي عمل في قناة الجزيرة فترة وتركها عندما حكى لي كيف يتم إعداد الملفات والنشرات في القناة وليس هذا موطن الحديث، بل سأتحدث عن دور قناة الحزيرة في الأزمة التركية الأخيرة ودورها في تضليل الناس والرأي العام وقلب الحقائق.
كان من المفترض والواجب على أي قناة إعلامية حرة تمارس دور الإعلام النزيه أن تنقل الأحداث من جميع الجهات والأطراف، وأن تعمل على نقل وجهة النظر المعارضة كما تنقل وجهة النظر المؤيدة، ولكن وجدنا قناة الجزيرة تنقل فقط وجهة نظر أمرت بنقلها ولم تعط حتى ولو مساحة صغيرة من خلال تغطيتها للأحداث في تركيا لنقل وجهة النظر الأخرى، مع أننا وجدنا أكثر من مرة قناة الجزيرة تنقل أحاديث المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي بل وتسضيفه على قنواتها لإجراء الحوارات والمناظرات، وما وجدناها استضافت أي أحد من أهل الخدمة الذي اتهمها أردوغان هي ومؤسسها الأستاذ فتح الله كولن بأنهم خلف هذا الانقلاب، فأين المهنية الإعلامية التي صدعت رؤوسنا بها دوما!؟.
وتتوالى سقطات الجزيرة المهنية فنجد الأستاذ الإعلامي أحمد منصور في برنامجه يستضيف لطيف أردوغان الذي ادعى أنّه الرجل الثاني في الخدمة -مع أنني أول مرة اسمع اسمه-، ويتخذ الرجل مصدرًا وشاهدًا وحكمًا لتضليل الرأي العام وتشويه صورة الخدمة وبدلاً من أن يسأله عن أدلته التي تثبت صحة أقواله “يستحلفه”!، لقد ذكرتني يا أستاذ أحمد بالمثل المصري الذي يقول “قالوا للص احلف قال أتى الفرج”، إنّنا نشاهد دائما قناة الجزيرة في برنامجها الاتجاه المعاكس تسضيف أعوان بشار الأسد وغيره، فما الذي منعها من أن تسضيف شخصًا يتكلم عن الخدمة ويدفع الشبهات والتهم التي أثيرت حولها!!.
وتظهر سقطة جديدة أخرى لها من خلال الفيلم الوثائقي الذي أعدته عن حركة الخدمة والتي لم تستضف فيه إلا الموالين لأردوغان ليدلوا بشهاداتهم عن الخدمة، ولكن في أي دين وأي شرع يقول:”إن المدعي هو الشاهد”، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما نصح سيدنا علي رضي الله عنه قال له: ” إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي”.
فمن الذي منع قناة الجزيرة أن تجري لقاء مع الأستاذ فتح الله كولن كما فعلت مع أردوغان وغيره!؟
من منع قناة الجزيرة حتى من استضافة أي من مؤيدي الخدمة ليتحدث ويبين للناس حقائق ما يجري في تركيا !؟
ربما لأنّ قناة الجزيرة مطلوب منها عدم نقل أي شيء في هذه القضية من الطرف الأخر حتى لا تظهر وتنكشف الحقائق للناس.
ومما يثير الاستغراب والدهشة أنّ قناة الجزيرة لم تنقل خبرًا عن حملات الاعتقالات التي تتم بحق مدرسين ورجال أعمال وصحفيين ونساء ليس لكونه خلف الانقلاب، بل لكونهم يؤمنون بفكرة الخدمة، و لم تبين كيف يتم القبض عليهم وكيف يحقق معهم؟، كنت أنتظر من قناة الجزيرة أن تغطي المشهد التركي كما تغطي المشهد المصري ولكن مع الأسف!.
أتمنى من قناة الجزيرة أن تعود لمفهوم المهنية وتنقل وجهة النظر الأخرى للمشاهد العربي، وأتمنى أن لا ينسى القائمون على القناة قول الله تعالى (إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).