أنقرة (الزمان التركية) كشف الكاتب التركي بجريدة “يني تشاغ”، أرسلان بولوت، المنتمي للتيار القومي، أسباب تحول زعيم حزب الحركة القومية (MHP) دولت بهتشلي، من مقعد معارضة حكومة حزب العدالة والتنمية إلى موالاة أردوغان وتأييد نظامه الرئاسي.
فقد أوضح خلال مشاركته في برنامج “Tele1” التليفزيوني الذي يقدمه الإعلامي “ماردان يانارداغ” أن دولت بهتشلي يمثل “طوق النجاة” بالنسبة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية، بعد تراجع شعبيته.
وزعم بولوت قائلا “إن السيد دولت بهتشلي لا يتحرك وفقا لفكره الشخصي وإرادته الذاتية، ولا يصدر قرارا من نفسه. وإنما هناك مجموعة في داخل الدولة من خارج حزبه الحركة القومية، تبلغه بما سيفعله. وما عليه إلا تنفيذ الأوامر التي تصدرها”.
وأيد بولوت تذكرة مقدمة البرنامج تصريحات الوزير الأسبق نامق كمال زيبك، التي قال فيها: “هناك علاقة بين دولت بهتشلي وأجهزة الاستخبارات في الدولة”، قائلا: “إن الأوساط السياسية تعرف ذلك جيدا”.
لم يكن أردوغان يتحدث عن “النظام الرئاسي”، في تصريحاته وخطاباته، حتى تحدث عنها دولت بهتشلي للمرة الأولى في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مشيرا إلى ضرورة مبادرة حزب العدالة والتنمية، بصفته يتمتع بالأغلبية في البرلمان، للبحث عن طريق قانوني من أجل تغيير نظام البلاد إلى النظام الرئاسي وتقديم مقترح لإجراء التعديلات الدستورية والقانونية اللازمة.
ومنذ هذه اللحظة أصبح “النظام الرئاسي” حديث الساعة في تركيا، وبالفعل بدأت المباحثات واللقاءات بين بهتشلي ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، لمناقشة الخطوات التي سيتم اتخاذها في هذا الصدد.
وسرد الكاتب الصحفي أرسلان بولوت، في حوار صحفي له مع جريدة “يني تشاغ” الداعمة للتيار القومي، الدعم الذي يقدمه حزب الحركة القومية وزعيمه بهتشلي، وكذلك كواليس محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، والتي مهدت الطريق أمام تسريع عملية إحياء مشروع النظام الرئاسي.
وأكد بولوت قائلا “سياسات بهتشلي كانت دائما داعمة لحزب العدالة والتنمية منذ وصوله للحكم عن طريق الانتخابات المبكرة في 2002. حتى إن عبد الله جول هو من اقترح على بهتشلي دعم ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو رئيس منظمة التعاون الإسلامي الأسبق، في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2014؛ حتى يكون شخصية فرصها في الفوز ضعيفة جدا بحيث تسمح لأردوغان بالفوز في الانتخابات بسهولة. فضلا عن دوره في دعم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية عام 2015. وقرر مؤخرا فتح ملف النظام الرئاسي مرة أخرى بعد أن سقط من جدول الأعمال. وعند إلقاء نظرة عامة على كل هذا نجد أن بهتشلي يعمل لصالح أهداف أخرى غير التي يسعى إليها حزب الحركة القومية”، على حد تعبيره.
وشدد بولوت على أن نحو 90% من أعضاء حزب الحركة القومية يعترضون على موقف بهتشلي من النظام الرئاسي، وأضاف: “حتى إننا نتذكر تصريحات بهتشلي عقب فضح وقائع الفساد والرشوة في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، التي قال فيها لأردوغان “سلم ابنك بلال للعدالة، وخذ مني ما تريد”. ولكن كيف تحول من موقفه هذا إلى موقفه الداعم للنظام الرئاسي؟ هنا نبدأ التفكير أن تصريحاته حول بلال أردوغان كانت مجرد مسرحية؛ إذ يبدو وكأنه يوجه انتقادات واسعة لحزب العدالة والتنمية لكنه لا يمر وقت حتى نراه قد تراجع عن ذلك وتحول لدعم أردوغان ومساندة سياساته وكأن شيئا لم يكن”.
وأجاب بولوت عن سؤال “ولكن لماذا لا يعمل بهتشلي وسط صفوف حزب العدالة والتنمية ما دام يدعمهم بهذه القوة؟” بقوله “لأن هناك حاجة ماسة لمن لديه القدرة على جمع أصوات التيار القومي في البلاد. أما إذا كانت ميرال أكشينار، المعارضة القومية الشهيرة التي انفصلت عن الحزب اعتراضا على سياساته، مكان بهتشلي، لكان الحزب ينافس بجدية على السلطة في تركيا. وعندها كان سيتحول حزب العدالة والتنمية إلى مجرد صفحات في التاريخ. وأرى أن هذا يكفي لأن نتأكد جيدا من أن بهتشلي مجرد لعبة وعملية سياسية لدعم حزب العدالة والتنمية؛ وبفضل هذه العملية يضعون حزب الحركة القومية من البقاء على شفا حفرة الخروج من البرلمان بسبب الحد الأدنى وبقائه عند مستوى متوسط لا يمكنه الوصول إلى سدة الحكم. لا أقول هذا بناء على تخيلات وتكهنات وإنما الأحداث التي تدور أمامنا هى من تؤكد لنا هذا”.
وعلق بولوت على محاولة الانقلاب الفاشلة، قائلا: “الشيء الوحيد المتفق عليه أن هناك شخصية عسكرية برتبة “رائد”، فضحت أمر الانقلاب لجهاز الاستخبارات. فإذا لم تكن الحكومة على دراية بكل صغيرة وكبيرة بما يحدث في البلاد، يكفي أن أحدا ما أخبرها بذلك. فقد أخبرهم أن هناك 120 جنرالا داخل الجيش يخططون لتنفيذ الانقلاب. ألم يكن أي من رئاسة الأركان أو الحكومة أو جهاز الاستخبارات على دراية بهذا؟ كيف وتصريحات العقيد مصطفى دونماز خلال مشاركته في أحد القنوات التليفزيونية “قبل شهر ونصف من الانقلاب” أمام الجميع، حيث قال: “أحذر من أن بعض الضباط سيقومون بانقلاب على السلطة إذا عرفوا أنهم سيتم تصفيتهم”. إضافة إلى ذلك نشر أحد كتاب جريدة “تركيا” في شهر أبريل/ نيسان الماضي -أي قبل الانقلاب بثلاثة أشهر- أن هناك بعض الأشخاص اتجهوا إلى أنقرة وحاولوا إقناع جنرالات الجيش بالقيام بالانقلاب، مشيرا إلى أن أجهزة الاستخبارات تعقبت هؤلاء الجنرالات، وأنهم سيحاكمون بتهمة “الخيانة” في حالة شروعهم في الانقلاب. ومن الجلي أن هذا الصحفي استقى هذه المعلومات من أجهزة الاستخبارات، وهنا كيف يكون صحفي على علم بوقوع الانقلاب وحكومة بلاده وأجهزة استخباراتها “تنام في العسل”؟ الأمر الذي يثبت العلم المسبق للحكومة بوقوع الانقلاب وإعطاءها الضوء الأخضر من أجل تحقيق هدف ما!”.
وكان تقرير لمركز المخابرات في الاتحاد الأوروبي أسقط كل مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وإعلامه حول وقوف الأستاذ فتح الله غولن وراء ما سمى بمحاولة الانقلاب الفاشلة؛ حيث أكد التقرير أن أردوغان كان ينوي القيام بعملية “تطهير” شاملة لقوى معارضة داخل مؤسسة الجيش قبل المحاولة الفاشلة في منتصف يوليو / تموز 2016.
ووفق ما نقلت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية عن التقرير، فإن محاولة الانقلاب دبرها عسكريون معارضون للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية داخل مؤسسة الجيش، استباقا لحملة وشيكة لأردوغان توقعوا أن تستهدفهم حيث كانوا قد أعدوا تقارير حول استعداد أردوغان لتنفيذ خطة تصفية غير المرغوبين فيهم من القادة والضباط.
وكان التقرير قد أشار إلى أنه “من المحتمل أن تكون مجموعة عسكرية تضم المتعاطفين مع غولن والمعارضين للحزب الحاكم والعلمانيين والانتهازيين هى من دبرت هذه المحاولة استباقا لحملة وشيكة لأردوغان”، مستبعدا صدور أي أمر من الأستاذ غولن، أو أن يكون له أي دور في هذا الصدد.
وأوضح التقرير أن أردوغان كان قد بدأ حملته ضد المتعاطفين مع الأستاذ غولن والعلمانيين والانتهازيين في الجيش منذ 2014، بعدما ظلت المؤسسة العسكرية إحدى آخر معاقل العلمانية في تركيا، لافتا إلى أن ما سموه المتعاطفين مع الأستاذ غولن لا يتمتعون بتلك القدرة التي تمكنهم من الانقلاب، نظرا لأن افتراض هذه القوة لديهم يتناقض مع المعطيات التركية الرسمية حول قوة ونفوذ حركة الخدمة.
كما لفت التقرير إلى أن أردوغان أعد قائمة الأسماء التي قرر اعتقالها وتصفيتها قبل الانقلاب بكثير، مشيرا إلى أنه استغل هذه المحاولة الفاشلة وأعلن حالة الطوارئ في عموم تركيا وقام بتصفية كل من صنفهم معارضين.
وكان أردوغان قد دعا السلطات الأمريكية مرارا إلى تسليم غولن لتركيا، لكنها طالبته بتزويدها بأدلة واضحة على ضلوعه في محاولة الانقلاب قبل اتخاذ قرار قضائي بشأن ترحيله، فضلا عن أن الأستاذ غولن كان قد تحدى أردوغان وطالب بتشكيل لجنة دولية محايدة لتتولى التحقيق في محاولة الانقلاب، معلنا أنه مستعد للعودة إلى تركيا والقتل شنقا إذا أثبتت هذه اللجنة صحة مزاعم أردوغان، إلا أن الأخير لم يستجب لهذه الدعوة، مكتفيا بتوجيه الاتهامات المرسلة فقط.