القاهرة (الزمان التركية) – أحيانا نصادف في الطرق شخصا في مأزق لا يستطيع أن يشرح لمن يحاول مساعدته ماذا يريد . من يذهبون إلى دول أجنبية يجهلون لغاتها يواجهون هذا الموقف العصيب كثيرا لكن هناك من يعيشون معاناة يومية بسبب عدم وجود لغة مشتركة مع المحيطين بهم ما يجعلهم يشعورن بالغربة بين أهلهم وداخل أوطانهم.
ومن نعم الله سبحانه وتعالى على هؤلاء أن ألهم بعض الأصحاء إلى التطوع في خدمة هؤلاء وكسب صداقتهم وكانت أول خطوة بتعلم لغتهم .
أقص عليكم من واقع خبرتي بهذا العالم الصامت ( عالم الصم وضعاف السمع ) بعض المعلومات عنهم .
الإعاقة السمعية :
ما معنى الإعاقة السمعية؟
يُقصد بالإعاقة السمعية: تلك المشكلات التي تحول دون أن يقوم الجهاز السمعي عند الفرد بوظائفه، أو تقلِّل من قدرة الفرد على سماع الأصوات المختلفة[1].
إذًا ما هو الصمم ؟
الصمم هو النقص الجزئي أو الكلي في القدرة على سماع الأصوات أو فهمها، ويقال للشخص ضعيف أو منعدم السمع أصم .
من هو الأصم ..؟ من هو الأبكم ..؟
الأصم هو الشخص الغير قادر فعلياً على الكلام.
أو الشخص الذي فقد القدره على نطق الحروف .. بل هو قادرُ فقط على إصدار الأصوات من الحنجره دون المرور بالأوتار الصوتيه
الأبكم: هو الشخص الذي يعاني مشاكل في أعضاء انتاج الكلام أو خلل في مراكز انتاج الكلام في الدماغ ، ولكن يكون جهاز السمع لديه سليم وتكون المشكلة لدية في النطق ويمكن التدخل للتغلب على المشكلة من خلال التأهيل وعلاج النطق لدى الشخص
خطأ شائع:
من هنا ندرك الفرق التالي أنَّ الأصم هو من تكون لدية مشكلة في أعضاء السمع ولكن أعضاء إنتاج الكلام سليمة لذلك لا يستطيع نطق الأصوات لأنه لا يسمعها! ولو سمعها لنطقها، وهذا ما لا يعلمه الكثير،لذلك فالمُسمى الأفضل هو الصم وضعاف السمع وليس ( الصم والبكم) .
مستويات الإعاقة السمعية ( الصمم ):
تبدأ مستويات الإعاقة السمعية من ضعف سمعى بسيط ومتوسط إلى أن تصل لضعف سمعي شديد (حالات الصَمم / عدم القدرة على السمع نهائيا)ً.
يصنّف الصمم إلى نوعين وفقاً لوقت حدوث الاعاقة السمعية: –
أ- صمم فطرى خلقي Congenitale ويوصف به أولئك الأطفال الذين ولدوا صُماً .
ب- صمم عارض أو مكتسب Adventitious ويوصف به أولئك الذين ولدوا بحاسة سمع عادية ثم أصيبوا بالصمم لحظة الولادة أو بعدها مباشرةقبلاكتسابهمالكلامواللغة،أوفىسنالخامسةبعداكتسابهم الكلام واللغة مما ترتب عليه فقدانهمالمهاراتاللغويةبصورةتدريجية،وذلكنتيجةالاصابةبمرضما ، أو التعرض إلى حادثة أدت إلى الفقدان السمعى.
فعلى الأباء الانتباه وملاحظة أطفالهم وشكايتهم السمعية،وإلا ستكون عائقًا فى تقدم الطفل النفسى و التعليمى، لأنه إذا وقوع فقدان كبير فى السمع قبل سن الخامسة ، تتلاشى عندئذ من مخيلة الطفل الذكريات المتعلقة باللغة والكلام تدريجياً فيتساوى مع الطفل الذى ولد أصماً .
النُطق عند الصم :
لا علاقة بين الإعاقة السمعية وانعدام القدرة على النطق كما وضحنا .
بعض الصم الذين أصيبوا فى مراحل عمرية متقدمة (3 سنوات فما فوق) عندهم قدرة على التعبير لفظياً .
تطور النمو اللفظى عن طريق تدريبات التخاطب .
تجربة رائدة في خدمة الصم:
هناك تجربة للقمص شنودة يعقوب مسؤول خدمة الصم وضعاف السمع بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، فقال :” لقد قمت انا وزوجتى المهندسة سيسيل صموئيل بإعداد كتاب الخولاجى المقدس بلغة الاشارة لاننا تعاملنا عن قرب مع الاشخاص الصم ووجدنا انهم متعطشين لمتابعة الصلوات بالكنيسة والقداسات ،و لكن للأسف كثير منهم لا يتقن القراءة ولقد شجع قداسة البابا تواضروس الثانى القائمين على إعداد هذا الكتاب المتميز بأن يقوموا بتوزيعه على نطاق واسع لخدمة الصم[2].
فياليت الكثير من مؤسساتنا العربية، تحمل همَّ تعليم وثقيف هؤلاء فمثلاً في دور العبادة الاسلامية ابسط حقوقهم أن يكون بالمساجد مترجم للغة الاشارة لخطب الجمعة والدروس الأسبوعية
لغة الاشارة:
عندما نسمع كلمة لغة الاشارة لأول وهلة يخطربالأذهان صورة الأشخاص الذي نراهم في الشوارع يشيرون بأيديهم ونحن في ذهول من كيف يتفاهم هؤلاء.
تعريف الإشارة: هي مجموعة من الإشارات اليدوية اصطلح عليها الصُم لتكون طريقة للتواصل فيما بينهم من جهة وبين الأصم وأخيه السويّ الذي أتقن هذه اللغة من جهة أخرى .
تاريخ لغة الإشارة :
متى تواجدت هذة اللغة ؟ تواجدتْ لغةُ الإشارةِ مُذْ أنْ تواجدَ الصمُّ في العالمِ, وكانت أول محاولة لجمع مفراداتها في القرنِ السابعِ عشرَ في (مدريد في العام 1620م)،حيث نشرَ (جوان بابلو بونيت) مقالةً بالإسبانيةِ بعنوان (اختصارُ الرسائلِ والفنِّ لتعليمِ البكمِ الكلامَ), فاعتُبرَ هذا أولُ وسيلةٍ للتعاملِ معَ علمِ الأصواتِ, ومعالجةِ صعوباتِ النطقِ. كما أنها أصبحتْ وسيلةً للتعليمِ الشفهيِّ للأطفالِ الصمِّ بحركاتِ الأيديَ، والتي تمثلُ أشكالَ الأحرفِ الأبجديةِ؛ لِتسهيلِ التواصلِ معَ الآخرينَ. ومنْ خلالِ أبجدياتِ (بونيت)؛ قامَ الأطفالُ الصمُّ في مدرسةِ (تشارلز ميشيل ديليبي) باستعارةِ تلكَ الأحرفِ, وتكييفها بما يعرفُ الآنَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ للصمِّ, وقدْ نُشرَ دليلُ الأبجديةِ الفرنسيةِ في القرنِ الثامنِ عشرَ، ثمِّ وصلَ حتى زمننا الحاضرِ بدونِ تغييرٍ ، ولقد استُخدمت لغة الإشارة الموحّدة في تعليم الصُّمِّ في إيطاليا وغيرها بعد ذلك.
معلومات عن لغة الإشارة :
اخترت لكم بعض المعلومات يجب أن نعلمها عن لغة الإشارة بشكل عام .
هذه اللغة تستخدم في الكثير من بلدان العالم وإن كان يوجد بعض الاختلافات من بلد لآخربسبب التوزيع الجغرافي .
ليست لغة الإشارة طريقة أخرى لإستخدام اللغة العربية أو بديل عنها (مثل الكتابة )
بل علينا أن نُعلّم الأصم القراءة والكتابة حتى لا يصبح جاهلاً، معلومة أخرى لغة الاشارة لا يمكن تعلُّمها من الكتب وإنما عن طريق أستاذ والممارسة، والأهم الإختلاط بالأصم (المستخدم الأول للغة) ، هذة اللغة كأي لغة بها بعض “الأسرار” لا تنكَشف إلا بمُخالَطة الصم فترات طويلة،مثل: إختصارات الإشارات – ترتيب الكلمات فى الجملة محتويات لغة الإشارة:
أولاً لكي نتعرف على ما تحتوى هذة اللغة من أسرار لابد أن نبحث عن مُعلميأخذ بأيدينا ويعطينا مفاتيح هذة اللغة فتجربتي عندما أردت أن أتعلم لغة الإشارة ذهبت في مصر إلى احدى الجمعيات الخيرية ( وهي جمعية رسالة والتحقت بنشاط الصم وضعاف السمع )، والتحقت بدورة تدريبة مدتها ثلاثة أشهر، فتعرفت من أُستاذتنافي أول محاضرة أنَّ لغة الإشارة تعتمد على:
( حركة اليدين ) ، ( لغة الجسد ) ، ( تعابير الوجه ) ، ويمكن إضافة ( تحريك الشفاه لضعاف السمع) .
يُمكن تقسيم لغة الإشارة الى:
– إشارات تُحاكي طريقة إستخدام الشيء مثل:(غسل الملابس – القطع بالسكين).
– إشارات تُحاكي شكل الشيء مثل:(طائرة – فيل).
– إشارات تُحاكي طريقة تنفيذ الفعلمثل:(يمشي – يجري).
– إشارات تُشير إلي مكان الشيءمثل: (الكبد – العين ).
التطوع:
بعد أن تعلمت أساسيات لغة الإشارةسئلت نفسي ما الهدف من تعلمي؟! هل الفضول أو المباهاة بمعرفة شيء مميز أم شيء آخر فحاولت أن يكون الهدف هو الخدمة خدمة هذة الفئة المهمشة في المجتمع العربي خصوصًا، لقد أخرجتلنا منظمة الصحة العالمية في تقرير على موقعها الرسمي بشهر فبراير عام 2014، معانة نسبة تتجاوز 5% من سكان العالم –أي ما يقارب 360 مليون شخص – من فقدان السمع المسبب للعجز بنسبة (328 مليوناً من البالغين و32 مليوناً من الأطفال).[3]
و لا توجد احصائية دقيقة بين العرب في هذا الصدد فنسبتهم حاوليخمسة ملايين أصم مصري ، و مايقارب اثنا عشر مليون أصم في الوطن العربي.
إن هذا الكم الهائل يحتاج الى جيش من المترجمين المتطوعين في قضاء حوائجهم ، فأقولياليت بعض الضباط يتعلمون لغة الاشارة لحفظ حقوق الصم، ياليت بعض الأطباء يتعلمون لغة الاشارة لمدواة الصم، أتمنى يأتي اليوم الذي يكون في مدارسنا دورات صيفية للغة الاشارة، أعدكم بأنه سيكون شيئًا ممتعًا لأبنائنا.
اخوتنا الصم يطلبونمن على علمبلغة الإشارة داخل الأماكن الحيوية مثل ( المحاكم و الجامعات و أقسام الشرطة والمستشفيات والمصالح الحكومية ) التي يجد الصم وضعاف السمع صعوبة في التواصل بها، فأرجو من الله سبحانه أن تنتشر هذة اللغة في جميع انحاء العالم وفي كل نواحي الحياة.
25/2/2017
عمر هاشم محمد
[1](يوسف القريوتي وآخرون 2001: 102).
موقع منظمة الصحة العالمية