القاهرة (الزمان التركية) تحولت قضايا حماية البيئة إلى هم عالمي وشواغل للمثقفين والباحثين عن عالم أفضل.
وفي رؤية تنتصر لثقافة حماية البيئة، تشارك مصر اليوم السبت عدة دول على مستوى العالم في الاحتفال بساعة الأرض التى تعد أكبر فعالية مناخية سنوية في العالم .. فيما يأتي هذا الاحتفال اتساقا مع توجهات مصرية نبيلة حيال قضايا التغير المناخي وتعبر بجلاء عن “قيم الحق والخير والجمال”.
ومن المقرر أن تنظم وزارة البيئة احتفالها “بساعة الأرض” مساء اليوم في الساحة الخارجية للمتحف القومي للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط في حي مصر القديمة بالقاهرة.
وسوف يتم إطفاء أنوار الكهرباء اعتبارا من الثامنة والنصف مساء وحتى التاسعة والنصف في المنشآت والمباني الحكومية والجامعات والنوادي .. فضلا عن المعالم الأثرية والسياحية وإضاءة الشموع في رسالة رمزية لزيادة الوعي العام بأهمية حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية ومواجهة قضايا التغير المناخي ومن بينها الاحتباس الحراري.
وكان مجلس الوزراء قد ناقش ترتيبات الاحتفال “بساعة الأرض” التى تستهدف توحيد جهود العالم لمواجهة ظاهرة تغير المناخ في العالم.
ومن جانبه، قال وزير البيئة خالد فهمي – في تصريحات صحفية – إن وزارته تنسق مع العديد من الوزارات الأخرى والمحافظات للاحتفال “بهذا الحدث البيئي المهم”.
وكانت الوزارة قد دعت المواطنين للمشاركة في هذا الحدث العالمي بإطفاء الأضواء غير الضرورية وتخفيف الأحمال لمدة ساعة واحدة فيما يشارك نحو ملياري شخص في احتفال العالم بساعة الأرض وهو الاحتفال الذي كان قد بدأ عام 2007 في مدينة سيدني بأستراليا فيما بات الآن يشمل 172 دولة بالكوكب الأرضي وينظمه “الصندوق العالمي للطبيعة” الذي ظهر لحيز الوجود عام 1961 كمنظمة غير حكومية.
وإذا كانت أستراليا أول من احتفل في العالم “بساعة الأرض” .. فإن هذا الاهتمام بقضايا حماية البيئة والتغير المناخي ظاهر على مستوى مثقفين كبار في هذه القارة مثل الكاتب والروائي الأسترالي ريتشارد فلانجن الفائز بجائزة مان بوكر، والذي عارض من قبل بشدة السياسات البيئية لحكومة بلاده ودعمها لمناجم الفحم، بل إنه قال”أشعر بالعار كوني أستراليا” منددا بالتلوث البيئي في القارة الأسترالية.
واختير يوم السبت الأخير من شهر مارس كل عام للاحتفال عالميا بساعة الأرض لأن هذا التوقيت أقرب ما يكون لما يعرف “بالاعتدال الربيعي أي تساوي الليل والنهار” فيما يهدف الاحتفال أيضا للتأكيد على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة.
وكان المفكر المصري السيد ياسين، الذي فقدته مؤخرا الثقافة المصرية والعربية، قد أوضح في طرح حول “مفهوم الزمن” أن مشكلات مجتمع ما بعد الحداثة في الغرب بالرغم من أنها تجابه المجتمع الغربي أساسا إلا أنها تتضمن مشكلات للبشر في كل مكان بالكوكب الأرضي ومن بينها “تحسين نوعية الحياة ومجابهة تلوث البيئة”.
وثمة طروحات عديدة تلفت إلى قلق العديد من الدول الأفريقية بشأن التغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية على جهود التنمية بينما تتبنى مصر هموم الأشقاء الأفارقة وتدعو لإقامة شراكات قوية وفاعلة بين مؤسسات التمويل المعنية ودول القارة الإفريقية، بل وكل الدول النامية للتعامل مع قضايا المناخ وتشجيع مشروعات البنية الأساسية التي تدعم “الاقتصاد الأخضر” والصديق للبيئة والإدارة البيئية الرشيدة.
وفيما تنتج الولايات المتحدة والصين معا قرابة الـ 40 % من الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة” لم يجانب الصواب أحد كبار المثقفين في الولايات المتحدة والعالم وهو بول كروجمان الاقتصادي الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2008 عندما قال إن التغير المناخي هو الخطر الأعظم على العالم.
ويبدي هذا المثقف النوبلي الكبير تأييدا لتحالف عالمي لمواجهة آثار التغير المناخي .. معتبرا أن ظاهرة كالاحتباس الحراري تهدد الحضارة الغربية والحضارات الإنسانية كلها فيما يؤكد خطأ الاتجاه الذي يسعى للتقليل من خطورة التغير المناخي.
وكانت مصر طرفا رئيسيا في مؤتمر باريس حول تغير المناخ الذي عقد في ديسمبر 2015 حيث تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ، كما تولت مصر رئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة لتعبر بجدارة عن مصالح القارة الإفريقية وتوجهاتها حيال مختلف موضوعات وقضايا تغير المناخ في هذا المؤتمر.
والاتفاق الذي أسفر عنه هذا المؤتمر والمعروف “باتفاق باريس” يرمي للتخفيف من الانبعاثات التي تسبب الاحتباس الحراري إضافة إلى تحمل الدول الكبرى مسئوليتها تجاه الدول النامية وعلى رأسها دول القارة الإفريقية لمساعدتها في التكيف مع الأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية بما في ذلك تمويل مشروعات تمكن الدول الفقيرة من التصدي للآثار السلبية الناتجة عن تلك الانبعاثات.
ولئن سعى “مؤتمر باريس للتغيرات المناخية” لبحث كيفية الحيلولة دون ارتفاع درجة حرارة الأرض أربع درجات مئوية كما هو متوقع بحلول عام 2030 وخفضها إلى درجتين فحسب عبر تقليل الانبعاثات الكربونية فإن الأمم المتحدة وضعت هدفا يتمثل في إعمال اتفاق باريس ودخوله حيز التنفيذ تشريعيا اعتبارا من بداية عام 2017.
وتهتم مصر بالإعراب عن شواغل دول القارة الإفريقية وحقها في الحصول على التمويل والقدرات التكنولوجية والخبرات الفنية اللازمة لمساعدتها على التحول نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة آخذا في الاعتبار أنها القارة الأقل تسببا في الانبعاثات الحرارية والأكثر تضررا من تداعيات تغير المناخ.
والحضور المصري بارز في سياق المساعي المبذولة للموائمة بين مواقف الدول المتقدمة والنامية حول قضايا المناخ وحماية البيئة كما نهضت مصر بمسؤولية دولية كبيرة منذ بداية عام 2015 في مواجهة آثار تغير المناخ والتعامل معها على الصعيد العالمي الذي وصف “بالعام الحاسم في المفاوضات الدولية النهائية لإقرار اتفاقية جديدة لقضية تغير المناخ”.
وفي دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أكد في كلمته بقمة المناخ العالمية بنيويورك بالإنابة عن المجموعة العربية أن التكيف مع تغير المناخ يمثل أولوية قصوى، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود لخفض ظاهرة الاحتباس الحراري، لافتا إلى أن المنطقة العربية من المناطق الجافة والأكثر تعرضا لآثار تغير المناخ وعلى رأسها التصحر.