بقلم. الدكتور محمد خاطر عيسى – المحاضر بجامعة الملك فيصل
من نعم الله تعالى علينا أن قيض لنا في مثل هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن واختلط فيه الحق بالباطل عند كثير من الناس وصارت الأمة في أمس الحاجة إلى من يجدد لها أمر دينها رجالا مصلحين يدعون إلى الحق وبه يعدلون، ومن المعروف أن أمثال هؤلاء يكون لهم الأثر الكبير في توجيه المجتمعات إلى ما يصلح أمر دينها ودنياها الأمر الذي يحدو بالسياسيين إلى التذمر من هؤلاء والصاق التهم الكاذبة بهم بغية أن يؤدي ذلك إلى شرعنة ما يتخذونه من إجراءات آثمة ضد الداعين إلى الله الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الحاملين الخير إلى الغير.
ومما يستغرب منه جدا ما سمعناه في الأشهر القليلة الماضية من اتهامات وجهت ضد الداعية الإسلامي التركي الكبير الشيخ فتح الله كولن بأنه يقوم بانقلاب في تركيا من أجل الوصول إلى السلطة، عجبا إنه أمر مضحك مبك في الوقت نفسه، هذا الرجل الذي طبقت شهرته أرجاء المعمورة الرجل الذي يجلس أمام الآلاف وكتاب الله في يده. الرجل الذي يبكي المقل، وتقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم من مواعظه المؤثرة، الرجل ألف العديد من الكتب المفيدة ومن بينها كتاب النور الخالد محمد صلى الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو القائل: الفتنة نائمة ملعون من أيقظها، فهل لمثل هذا الداعية أن يرتكب ما نها عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي كون وأسس ووجه جماعة الخدمة المباركة المخلصة تلك المجموعة التي انتشرت في العالم، تقدم للإنسانية كل خير تنشر العلم والمعرفة، وتبث روح الإسلام الوسطى بين أفراد الجيل المسلم، تعلم الشباب حب العمل الخيري، والتفاني والإخلاص من أجل إسعاد الآخرين فهل مما يدخل تحت إطار العقل السليم أن مثل هذا الرجل الداعية المخلص ينتكس عن ذلك الفضاء الواسع الذي أقامه الله فيه إلى قوقعة السياسة المتعفنة وبأساليب جد قبيحة كالانقلابات الدموية مثلا، لا، والله، ونحن كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نحكم على الآخرين بحسب الظاهر ونترك بواطنهم لخالقهم، وأنا لم التق بهذا الداعية إلا عبر مؤلفاته العديدة الكثيرة والمفيدة وغير الرجال والشباب الذين تشبعوا بروحه الطيبة، مجموعة الخدمة.
ومن خلال هذه الصلة بيني وبينه استطيع أن أحكم وبكل مصداقية، أن ما قيل فيه بعيد كل البعد عن أقواله وأحواله “وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين”، ومن المفيد للأمة في هذا الزمن أن تلتف حول هؤلاء المصلحين الداعين إلى المنهج الذي جاءنا به رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم وسار عليه أصحابه رضوان الله عليهم والتابعون وتابعوهم بإحسان وتلقاه منه الخيرون من الأمة، وأن يبتعدوا عن التطرف المدمر الناشئ عن الفكر المتشدد الذي اكتوت البشرية بميسمه. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
https://youtu.be/K5U-uNzjjwI