كوتشوك شتكمجه (زمان التركية)– أخلت السلطات التركية سبيل حامل أمضت شهرها الأول في السجن، وذلك لتوزيعها منشورًا يطالب بالسلام في عفرين، فقررت أن تحكي عن الصعوبات التي واجهتها طيلة الثلاثين يومًا.
وكانت نسليهان كارييميز مديرة شعبة حزب العمل بمنطقة كوتشوك شتكمجه المفرج عنها، قضت شهرًا داخل سجن باكركوي وهي تحمل في بطنها جنينًا في شهرها الأول. وذلك على خلفية توزيعها منشورًا في منطقة إيكيتلي يدعو إلى السلام فيما يتعلق بعملية عفرين.
ووجهت كارييميز خلال محاكمتها تساؤلاً للرئيس أردوغان “هل تستطيع أم ترغب في الحرب؟ والجنود الذين يُرسلون إلى الحرب هم أبناء الفقراء والعمال فقط.”
وتوضح كارييميز التي تم إخلاء سبيلها خلال الجلسة الأولى من محاكمتها أنها عازمة على النضال من أجل السلام، وأضافت كارييميز أن الحكومة متخوفة نظرًا لأن قيام إمرأة حامل بانتقاد ودعوتها إلى السلام تجد احترامًا لدى المجتمع وتكون مقنعة لكونها مرشحة لتكون أمًا.
وأفادت كارييميز أن السلطات لا ترضى عن تعليق أو اعتراض من أحد مؤكدة أن أبناء نواب البرلمان والوزراء لا يذهبون للحرب وأن أبناء الفقراء والعمال هم وحدهم من يذهبون إلى الحرب دائمًا.
وفي حوار معها أجابت عن الأسئلة التالية:
– هل كنت تظنين أنه من الممكن اعتقالك؟
لا، ما كنت أظن هذا أبدًا. يجب ألا ينظر إلى المطالبة بالسلام بأنها جريمة، لكن تركيا وصلت إلى مرحلة بات الناس يرون فيها كل شيء سلبي وكأنه طبيعي.
– هل تعرضت لأي نوع من التعذيب أثناء اعتقالك؟
لم أتعرض لتعذيب جسدي، لكن احتمالية أن ألد طفلي داخل السجن كان تعذيبًا نفسيًا قاسيًا. شعرت بالحزن والصدمة عندما سمعت قرار الحبس.
أنا حامل ولهذا خفت من ألا أتمكن من الذهاب إلى المستشفى إذا ما حدثت مشكلة، وكنت قلقة دائمًا على صحة جنيني.
وإن ولدت أم داخل السجن إما يبقى الطفل معها في السجن بعيدًا عن والده أو يعيش خارج أسوار السجن بعيدًا عن أمه، وهذا شعور مؤلم جدًا.
– هل حصلت على أدويتك في الأيام الأولى من اعتقالك. وكيف هي أجواء السجن لامرأة حامل مثلك؟
ليست أجواء مناسبة، ففي السجن قواعد محددة. تُمنع الكثير من الاحتياجات، يأتي الطبيب الأخصائي في الأمراض النسائية والتوليد مرة في الأسبوع. وعندما تصاب بوعكة صحية لا تستطيع الذهاب إلى المشفى فورًا، فهناك طبيب أسرة، لكنه طبيب واحد مقابل نحو 1300 سجينة.
طبيب واحد لا يكفي، ويتواجد الطبيب داخل السجن أثناء ساعات العمل فقط ولا يوجد أطباء خلال عطلة نهاية الأسبوع. كانت هناك صديقات لم يستطعن الذهاب إلى المستوصف طوال أسابيع.
فإحدى الصديقات أصيبت بوعكة صحية ليلاً وظللنا نترجى حراس السجن مدة ساعة لنقلها إلى المشفى، وخضعت هذه الزميلة إلى عملية جراحية وظلت في المستشفى أيامًا. ولما غادرت أنا السجن كانت لا تزال في المشفى.
ولم يكن هناك طبيب في مستوصف السجن نظرًا لتزامن اعتقالي مع عطلة نهاية الأسبوع، لذا ظللت أربعة أيام من دون تناول الأدوية لعدم سماحهم بالحصول على الأدوية من الخارج. هذه مشاكل حقيقية.
بارد ومتسخ
– كيف أنقضى يومك الأول داخل السجن؟
دخلت السجن لأول مرة ولم أكن أعلم ما سأواجهه فيه، لهذا كنت أشعر بالقلق. وضعوني داخل حجرة تضم ستة أسرة ولها نافذة واحدة. كنت بمفردي داخل الحجرة. لم يعطوني كتاباً واحدًا لأقرأه وكانت الحجرة باردة ومتسخة.
شعرت البرد، ولم يسمحوا لي بأخذ معطفي وقالوا إن لونه غير ملائم. وأحضرت أسرتي ملابسي لكن لم يدخلوها نظرًا لأنها كانت عطلة نهاية الأسبوع. مرضت ولم أحصل حتى على الشاي الدافيء.
– يوجد الكثير من الأطفال الذين يضطرون للبقاء داخل السجن برفقة أمهاتهم. ما هو تعليقك على الأمر؟
السجن ليس بيئة مناسبة للأطفال، فهو مكان مغلق لا يحتوي على ألعاب أو حديقة. هناك أطفال يذهبون إلى الحضانة لكنهم يعانون من صدمات نفسية خطيرة، ففي كل يوم يتركون أمهاتهم ويمرون بأجهزة إكس راي مع أشخاص لا يعرفونهم والمرور من منطقة الجنود كي يتمكنوا من الوصول إلى الحضانة. ويعودون بالطريقة نفسها.
هناك أطفال لا يرغبون في العودة من الحضانة، لكنهم يضطرون إلى العودة… وتغلق عليهم البوابات الحديدية. وضع الأطفال الذين يمكثون مع سجينات جنائيات أشد قسوة، فهم يكبرون في أجواء مليئة بالعنف والسباب. يضطرون لتناول طعام أمهاتهم والنوم معهن في نفس السرير.
تجدر الإشارة إلى أن الإحصاءات التركية الرسمية توضح وجود 18 ألف امرأة داخل السجون برفقة أطفالهن.