أصدر إسلام تشيتشاك، القاضي المسؤول عن النظر في قضية ضباط الشرطة المشرفين على تحقيقات الفساد والرشوة التي تورطت فيها حكومة حزب العدالة والتنمية قراراً بمثابة فضيحة سيسجلها تاريخ القانون في تركيا والعالم كله.
وقد حكم القاضي تشيتشاك، المولع برئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، طبقاً لما ورد في حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بحق 17 قائد أمن دون أخذ إفاداتهم والاستماع إلى دفاعاتهم، مما يعني أنه انتهك حق الدفاع الممنوح للمتهمين، والمنصوص عليه في الدستور والقانون الدولي، وأصدر قراره وفقاً للمفات التي أعدَّتها الإرادة السياسية في البلاد.
وعلى الرغم من أن القاضي أصدر قراراً باعتقال 11 أمنياً من بين 49 قائد ورجل أمن، بـ”تهمة التجسس والتزوير في الأوراق الرسمية”، إلا أنه لم يبرز أي أدلة مادية تثبت مدعاه، فضلاً عن كل ذلك، فإنه لم يوجّه للأمنيين حتى سؤالاً واحداً حول التجسس.
من المكن تلخيص الانتهاكات القانونية التي شهدها قصر العدل في مدينة إسطنبول ليلة أمس الثلاثاء على النحو التالي:
– إن المدعين العامين لم يأخذوا إفادات قيادات ورجال الأمن، أما القاضي فحكم عليهم في غيابهم وغياب محاميهم، كما تم احتجازهم قسراً وبصورة مخالفة للقانون بينما كان يجب إطلاق سراحهم حين انتهت المدة الشرعية لاحتزاهم، وهي أربعة أيام، ولكن جاء حكم القاضي في اليوم الثامن من اعتقالهم.
– لم يتم تسجيل إفادات المتهمين ومحاميهم في السجلات الرسمية، حتى إن القاضي تشيتشاك قال قولاً يُعدّ فضيحة “أنا أقرِّر، كما يحلو لي، ماذا سأجِّل وماذا سأترك”، بالإضافة إلى ذلك، لم يقدِّم المحضر الذي أعدَّه إلى محامي المتهمين من الشرطة.
– كان يجب توجيه اتهامات ضد الأمنيين، كلٍ على حدة، وبشكل فردي، لأن هذه القضية ليست من قبيل الجرائم المنظمة، ولم يوجه القاضي مثل هذا الاتهام لهم، ولكنه انتهك مبدأ “شخصية الجريمة” لأنه وجه لهم اتهاماً جماعياً.
– ومن أكبر الفضائح أيضاً تجنُّبُ القاضي طرح أسئلة على المتهمين حول التجسس خشية أن يُسجَّل ما يدليهم من إفادات حول تنظيم السلام والتوحيد الإيراني الإرهابي في السجلات الرسمية للدولة، كما أنه لم يقدّم للمتهمين بالتجسس أي معلومات ووثائق تكشف عن اسم الدولة التي تجسسوا لصالحها، ومتى وأين، وإنما اكتفى بتوجيه الاتهام المجرد.
– بيما يتمكَّن حتى المعتقلون والمحكومون من التقاء أقاربهم في أيام العيد في سجونهم، حُرم ضباط الشرطة ذلك الحقَّ دون وجه قانوني، بل مُنعوا حتى من الاستحمام، وإقامةِ صلاة العيد في المسجد الواقع في الطابق الثاني من مبنى قصر العدل، مما اضطروا لإقامتها في سجنهم.
– القاضي تشيتشاك منع محامي ضباط الشرطة المتهمين حتى من أخذ وتسجيل ملاحظات في قاعة المحكمة.
– لم يوجه القاضي للشرطيين المتهمين بالتنصت غير الشرعي أثناء إشرافهم على تحقيقات تنظيم السلام والتوحيد الإيراني أسئلة حول ارتباط هذا التنظيم مع الحكومة وأعضاءها، وذلك لأنه لو فعل ذلك لتحوَّلت إفادات المتهمين إلى وثائق رسمية من شأنها أن تحرج حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان.
– اتهم القاضي قائد الأمن “يورت آتايون” بالتنصت على أردوغان عبر التنصت على هاتف مستشاره سفر توران في نهاية عام 2003 على الرغم من أنه أُقيل من وظيفته في الـ8 من شباط لعام 2012، أي قبل نحو سنتين من الحادثة.
وهذه الانتهاكات القانونية على مرأى ومسمع من الجميع تثبت أن حملة اعتقالات ضباط الشرطة حملة سياسية تسعى إلى الانتقام من أفراد الشرطة المشاركين في تحقيقات الفساد والرشوة التي تورطت فيها حكومة أردوغان، من جانب، ومن جانب آخر، تحاول التستُّر على ملفات الفساد وتنظيم السلام والتوحيد الإرهابي المرتبط بالحرس الثوري الإيراني الذي نفذ العديد من الاغتيالات الدموية منذ ثمانينات القرن الماضي، منها اغتيال الكاتب الصحفي الشهير أوغور مومجو الذي أثار غضب الأوساط العلمانية، واستغلته الدولة لاتهام المسلمين وتضييق الخناق عليهم.

















