إسطنبول (زمان عربي) – أصدر وقف الصحفيين والكتاب التابع لحركة الخدمة التي تستلهم فكر الداعية الإسلامي الأستاذ فتح الله كولن بيانا للرد على ادعاء وجود تعاون بين الحركة ومنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية.
وقال البيان: “على الرغم من عدم وجود وثائق أو معلومات لدى السيد رئيس الوزراء إلا أنه يختار لنفسه أن يكون جزءا من هذه التهمة القذرة وهو يؤيدها خلال أدائه دورا في هذه المسرحية المعنونة ” أنظروا إلى ذلك المخادع”.
وحوى بيان وقف الصحفيين والكتاب الذي يترأسه، فخريا، الأستاذ فتح الله كولن انتقادات شديد اللهجة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفيما يلي نص البيان:
“لقد أظهرت الأحداث التي جرت خلال السنة الأخيرة يوما بعد يوم أن الحكومة تعمل جاهدة على تغيير جدول الأعمال التي تخالف هواها وهي تعتبر كل الوسائل مباحة للوصول إلى هدفها.
وانطلاقا من سعيهم وراء تحقيق هدفهم ادعوا وجود جامع في كوبا مع أنه لم يذكر أنه بني هناك جامع في التاريخ. ويعملون على إلهاء الرأي العام بموضوع فرض تعليم اللغة العثمانية في المدارس وتقديمها على أنها مسألة حياة أو موت لتشكيل جدول أعمال مصطنع. ويعتقلون كثيرا من الأشخاص بعد منتصف الليل دون وجود أي دليل يدينهم. كما أن وسائل الإعلام الموالية لهم والتي يسيطرون عليها تتهم منذ عام، وبشكل يومي، حركة الخدمة بتهم غريبة لا أساس لها. لكن الحكومة التي بيدها جميع امكانات الدولة تعجز عن تقديم أي دليل مقنع للمحاكم.
وكلما ظهرت واشتدت نقاشات في الرأي العام حول اختراق حكومة العدالة والتنمية للقانون وقيامها بأعمال الفساد. سارع مسؤولو العدالة والتنمية للافتراء على حركة الخدمة بافتراءات أكثر غرابة وأبعد عن المنطق لشغل الرأي العام بها.
وكان آخر هذه السلسلة هو ما ادعاه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو من وجود تعاون بين حركة الخدمة ومنظمة حزب العمال الكردستاني PKK. وإن مسؤولية الدولة إزاء اتهام خطير كهذا تقتضي إحالة الأمر إلى المنظومة القضائية وإثبات ادعاءاتها بدلا عن استهداف حركة مدنية اجتماعية مثل حركة الخدمة.
وإن اتهام حركة الخدمة بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني PKK لاسيما بعد اعتقال رجال الشرطة الذين نفذوا عمليات ضد اتحاد المجتمعات الكردستانية KCK ( وهي فرع للعمال الكردستاني) وفقا لإرادة الحكومة وتلبية للأوامر من جهاز القضاء ليس إلا محاولة لقلب الحقائق رأسا على عقب.
وعندما تسربت لقاءات أوسلو ( مفاوضات الحكومة مع منظمة حزب العمال الكردستاني ) للإعلام أفاد رئيس الوزراء حينها رجب طيب أردوغان بأن العمال الكردستاني هو الذي سرب ذلك. لكنه ألقى بالتهمة نفسها على حركة الخدمة بعد عمليات الكشف عن أعمال الفساد والرشوة في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.
وإن الإعلام الخاضع لأوامر الحكومة وإرادتها يدَّعي أن حركة الخدمة تهدم المصالحة وتقضي على مسيرة السلام من جهة، ويوهم الناخب المفعم بالمشاعر الوطنية والقومية أن حركة الخدمة تتعاون مع العمال الكردستاني من جهة أخرى في الوقت نفسه. وهو بذلك يضرب بكل القيم الأخلاقية عرض الحائط.
فالحكومة في مباحثاتها مع العمال الكردستاني وقعت بين نارين، فهي إن لم تستطع تنفيذ الوعود التي قطعتها في تلك المباحثات ستكون في موقف حرج أمام العمال الكردستاني، وإن نفذت تلك الوعود فستكون في موقف حرج أمام الفئات الأخرى من المجتمع. ولذلك فهي تحاول أن تتهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية، وقد اعتادت على ربط أية مسألة تؤرقها بسفسطة الكيان الموازي.
وبينما يجهد المواطنون في امتحان قبول الموظفين في الدوائر الرسمية نجد كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية يعيّنون أقاربهم في مناصب مرموقة دون خضوعهم لأي امتحان مع أنهم ليسوا جديرين بها عبر التزكية والمحسوبية. كما أن أبناء بعض المسؤولين يملكون من الأموال ما لايمكن تبرير مصدره. ومع وجود مثل هذه الحقائق لايمكن للحكومة نفي حقيقة وقوع أعمال الفساد ومنع الناس من التحدث عنه كما أكد عليه أيضا بعض المسؤولين في الحكومة ذاتها والمقربين منها أمثال أتيان محجوبيان كبير المستشارين لرئيس الوزراء، والأستاذ الجامعي أحمد أكجوندوز، وخير الدين كارامان، وأحمد طاشجيتيران.
ولايخفى على أحد أنهم منذ 17 ديسمبر العام الماضي وبدل أن يجيبوا بالحجج عن عمليات الرشوة والفساد التي ظهرت بالتسجيلات والأدلة وحتى الاعترافات، يُشغلون الرأي العام ويحاولون تفسير كل ما حدث بأنه محاولة من حركة الخدمة للقيام بانقلاب ضد الحكومة.
وكان ظفر تشاغلايان وزير الاقتصاد والتجارة السابق اعترف بأنه دفع ضريبة الساعة التي يُقدر ثمنها بمئات آلاف الليرات، ثم ظهرت الوثيقة التي تثبت أن رضا ضراب هو من دفع تلك الضريبة الجمركية.
ولم يستطع أجمان باغيش وزير الدولة لشؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي السابق إنكار وجود الصناديق التي سلِّمت له، بل ادعى أنه نوع من الهدايا التي عهدناها في تراثنا منذ القدم. كما أن وزير البيئة أردوغان بيرقدار اعترف بصحة التسجيل المنسوب إليه.
وقد وثق تقرير الطب الشرعي أن تلك التسجيلات صحيحة وليست مفبركة. وهذا دليل جديد على أن ادعاء محاولة الانقلاب لا أصل لها. ومع ذلك فقد تم اعتقال رجال الشرطة الذين حققوا في عمليات الفساد باسم الشعب وبأمر من القضاء وزج بهم في السجن.
وقد ادعى نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية أن حركة الخدمة تعمل على إنشاء دولة إسلامية في غرب تركيا التي تسود فيها الفكرة العلمانية. كما أن إحدى الصحف الموالية للحكومة كنتبت في نسختها المنشورة باللغة الإنجليزية في مانشيتها الرئيسي: “حركة الخدمة تريد تأسيس دولة إسلامية” لترسل هذه الرسالة إلى الغرب. والغريب في الأمر أن الطبعة التركية من الصحيفة نفسها كتبت “المخابرات الأمريكية والإسرائيلية هي التي تدير حركة الخدمة” لتفتري على حركة الخدمة وتوهم المحافظين بأنها بعيدة عن الوطنية. ولم تظهر كذبة فاحشة ملفقة كهذه في تاريخ تركيا.
وكل ذلك لم يغير جدول الأعمال القائم على الحديث عن أعمال الفساد والرشوة والاستبداد والإدارة التعسفية. كما لم يثنِ حركة الخدمة عن عزيمتها وثباتها على الرغم مما تتعرض له من الظلم.
ويبدو أن الحكومة ستستمر في إجراءاتها التعسفية وسعيها لتغيير الوعي عند الرأي العام بدلا عن اللجوء إلى القانون وعرض كل ادعاءاتها على القضاء.
وإن الرأي العام على علم ودراية بأنه لا يمكن التعتيم على الافتراءات التي لا تخطر على بال أحد والإجراءات التعسفية الظالمة واعتقال عشرات الآلاف من الناس وعمليات الرشوة والفساد التي اعترف بها واستنكرها بعض المنتسبين لحزب العدالة والتنمية.
ولايمكن الحديث عن الديمقراطية في بلد لاتتوفر فيه سيادة القانون واستقلالية القضاء وحقوق الإنسان، والشفافية وإمكانية المساءلة والفصل بين السلطات”.