واشنطن (أ ب)- لو ظن الرئيس باراك أوباما او حتى سلفه ان خوض حرب مع الشركاء في التحالف ستكون صعبة، كان عليهما النظر في الإحباطات التي تعتري أسامة بن لادن.
من بين الوثائق التي جمعت من مجمعه في باكستان عقب اقتحام قوات البحرية المبنى وقتله، ثمة الكثير من الشكاوى التي يطرحها زعيم القاعدة حول العمل مع العرب والأوزبك والأتراك “والروس من كافة الملل” والألمان وآخرين في حملة جهاده الدولية.
كتب بن لادن “لسوء الحظ، هناك الكثير من الفوضى على الأرض. نحن نعاني بشكل عام من الإنقسامات والتحالفات غير المبررة والتي أسميها بالقيادات الوهمية.”
تصور العشرات من الوثائق، التي نشرتها يوم أمس الأربعاء ادارة الرئيس أوباما، بن لادن كقيادي انقطع عن مرؤوسيه، محبط من فشلهم، معاناته من شكاواهم وأسفه للسنوات التي أبعدته عن الكثير من أفراد عائلته. وكان بن لادن قد اضطر للإختباء بعد أن طاردته القوات الأمريكية في أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول.
مركزا على القتال ضد الولايات المتحدة، وليس سواها، يعظ زعيم القاعدة أتباعه، وفي تسجيل مصور لوصيته، يطالب احدى زوجاته بالزواج مرة أخرى بعد وفاته، لكن على أن تختار العيش معه في الجنة.
وبالرغم من بعض المراوغات المفاجئة في مجموعة الوثائق، التي تضم 103 رسائل، وأشرطة فيديو وتقارير نشرت الأربعاء، يدعو أتباعه الى الإلتزام بالمهمة المألوفة للجماعة الإرهابية: بسم الله، جد الوسيلة لقتل الأمريكيين. اقتل الأوروبيين. اقتل اليهود.
في رسالة الى فرع القاعدة في شمال أفريقيا يدعو بن لادن الى عدم الإنشغال في قتال القوات الأمنية المحلية وتجنب مقاتلة المسلمين، ويقول “اقتلع الشجرة البغيضة من خلال التركيز على جذعها الأمريكي”.
الإقتتال الداخلي، بالطبع، يزعج بن لادن وكذلك نجاح الضربات الصاروخية التي تشنها الطائرات المريكية المسيرة من دون طيار في قتل مساعديه.
يقول بن لادن في رسالة غير مؤرخة “المشكلة في حرب التجسس وطائرات التجسس انها تفيد العدو بشكل كبير وتؤدي الى مقتل العديد من الكوادر الجهادية والقياديين وآخرين. هذا امر يقلقنا ويستنفذنا”.
كما شكا من المرتزقة والمتهورين في تنظيم القاعدة.
وكتب قائلا: “إنهم يرفضون أن يؤمروا ويرفضون السمع أو الطاعة أو البقاء في مواقعهم، ويصرون على أن يكونوا رؤساء. ثمة العديد من تلك الأمثلة، وإذا ما أضفت إلى ذلك أخطاءنا الواضحة وهفواتنا ونقاط ضعفنا فسوف تتوفر لديك عوامل الانقسام”.
وتقول إحدى الوثائق إن القنابل المحلية الصنع التي يطلق عليها الأمريكيون عبوات ناسفة بدائية هي “قنابل مضادة للدبابات”.
وقال مكتب رئيس الاستخبارات الوطنية الأمريكية إن الوثائق التي نشرت كصور على الانترنت، كانت ضمن مجموعة من الكتب والتقارير لهيئات بحثية أمريكية وغير ذلك من المواد التي جمعت أثناء حملة مايو / أيار 2011 التي قتل فيها بن لادن في مقره بأبوت آباد في باكستان.
رفعت السرية عن تلك المعلومات وتم نشرها عقب مراجعتها من جانب الهيئات الحكومية، وفقا لقانون سن في عام 2014. ومن المقرر أن تتم مراجعة مئات الوثائق التي عثر عليها في مقر بن لادن بهدف رفع السرية عنها ونشرها، حسبما قال المكتب أمس الأربعاء، وذلك بعد مرور أربعة أعوام على مقتل بن لادن.
وتجمع الوثائق التي قام بترجمتها مسؤولون الاستخبارات الأمريكية بين لغة الأعمال الدنيوية بما في ذلك تدريب الأفراد وشؤون الميزانية والتمويل اللازم “لورش العمل وتشكيل المجموعات” وبين النداءات الدينية الحماسية والمستجدات حول المخططات الإرهابية.
وأدت الغارات الجوية باستخدام طائرات بدون طيار ضد زعماء القاعدة في باكستان، فضلا عن شبه اختناق فرع التنظيم في العراق بدءا من 2007 إلى جانب تطورات أخرى، إلى إضعاف بن لادن بشكل كبير في الأعوام التي سبقت مقتله.
غير أن التهديد الإرهابي انتقل إلى فروع أخرى لتنظيم القاعدة في مناطق أخرى، مثل اليمن وشمال أفريقيا.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن القاعدة لم تعد تمارس نفس القدر من السيطرة منذ مقتل بن لادن.
وفي رسالة إلى بن لادن في مايو/ أيار 2007، حثته “جبهة الجهاد والإصلاح” على أن يتنصل من “الكوارث والمصائب المستمرة” التي تقوم بها القاعدة في العراق، فيما يعد إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الآن، التي شردت عن تعليمات القاعدة بهجماتها الوحشية على الإخوة المسلمين.
وجاء في الرسالة تحذير لبن لادن يقول: “إذا كنت لا تزال قادرا، فتلك هي فرصتك الأخيرة لكي تعالج انهيار الجهاد الوشيك في العراق”.
ونبذ تنظيم القاعدة الجماعة المنشقة، إلا أن تنظيم الدولة الإسلامية واصل النمو، وبعد مقتل بن لادن أقدم التنظيم على الاستيلاء على رقعة من سوريا والعراق، وقتل المسلمين والمسيحيين وقطع رؤوس الغربيين وجلب الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إلى المنطقة.
وعند نقطة ما، قدم تقرير غير مؤرخ عن “العمليات الخارجية” بن لادن مع سلسلة من الأعذار لعدم التوصل إلى أهداف تنظيم القاعدة العنيفة خلال ذلك العام، بما في ذلك أوامر بقتل اليهود.
وقال التقرير “أن أول تلك الأعذار هو سوء الحظ وأن الله لم يكن إلى جانبنا”، وذلك قبل الخوض في الشكاوى حول نقص الأشخاص المدربين تدريبا جيدا، وضعف الاتصالات ومشاكل التنقل وعدم كفاية الأسلحة وصعوبة التهرب من قوات الأمن.
وكان من بين أهداف الإرهابيين عملية تستهدف الأمريكيين في الدنمارك.
وتم ارسال ثلاثة رجال أوروبيين لتنفيذ الخطة، وذكروا “لكننا فقدنا تواصلنا معهم”، وأنه ربما ألقي القبض عليهم.
وكانت خطتهم للتغلب على هذه العقبات هي “استخدام أساليب جديدة مثل استخدام سكاكين المنزل وخزانات الغاز أو البنزين أو الديزل، وغيرها مثل الطائرات والقطارات والسيارات كأدوات للقتل”.
وفي رسالة مصورة لإحدى زوجاته، وصفت بأنها “الوصية الأخيرة” له، يقول بن لادن لها “أنت قرة عيني وأثمن شيء أملكه في هذا العالم”. ويقول بن لادن إنه ليس لديه اعتراض على زواجها مرة أخرى بعد وفاته، “لكن حقا أريد أن تكوني زوجتي في الجنة”. ويذكرها بأن الزوجة التي تزوجت مرتين “يترك لها الخيار يوم القيامة”.