إسطنبول (زمان عربي) – ينظر الخبراء الأمنيون الغربيون بريبة إلى العمليات الأمنية والعسكرية التي تنفذها تركيا ضد تنظيمي حزب العمال الكردستاني وداعش الإرهابيين بشكل متزامن عقب فترة طويلة من مفاوضات السلام التي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته مع زعماء تنظيم الكردستاني، ويقولون إن شبهات تحوم حول أهداف تلك العمليات.
ويتفق هؤلاء الخبراء على أن العمليات الأخيرة ضد هذين التنظيمين بمثابة مناورات سياسية يسعى الرئيس أردوغان من خلالها إلى تهيئة ظروف البلاد للإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة لينفرد حزب العدالة والتنمية بالسلطة مجدداً، ويؤكّدون أن الهدف الأساسي لهذه العمليات ليس مكافحة تنظيم داعش والعمال الكردستاني.
وحدوث هذا الحراك الأمني والعسكري ضد التنظيمين الإرهابيين عقب الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة التركية مع الولايات المتحدة بشأن استخدام قاعدة إنجرليك الجوية التركية، يفسره بعض الخبراء بأن واشنطن تتغاضى عن العملية العسكرية التي بدأتها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني في مقابل سماح أنقرة لها باستخدام قاعدة إنجرليك، وإن أنكرت واشنطن ذلك.
كوكبورن: أردوغان يقود حملة للإعلان عن انتخابات مبكرة
قال باتريك كوكبورن، مؤلف كتاب “صعود داعش” والكاتب بصحيفة ذي إندبندنت البريطانية، في مقال حمل عنوان “المشكلة الكردية في تركيا: هل كان سماح واشنطن لتركيا بالهجوم على الأكراد أكبر أخطائها في الشرق الأوسط بعد حرب العراق؟”، إن العمليات التي أطلقتها الحكومة التركية ضد تنظيمي حزب العمال الكردستاني وداعش مرتبطة بمساعي حزب العدالة والتنمية للفوز بالانتخابات المبكرة التي ستجرى في حال فشل تشكيل حكومة ائتلافية.
وأضاف كوكبورن بقوله: “يحاول الحزب الحاكم في تركيا ضمان الأغلبية المطلقة في البرلمان هذه المرة من خلال استغلال موجة مضادة للأكراد وشعاراتٍ قومية معادية للإرهاب يمكن أن تشعل فتيلها العملياتُ الأمنية والعسكرية المنفذة ضد حزب العمال الكردستاني وداعش. لقد زاد التوتر في تركيا بشكل متصاعد، وأصبحت دولة غير مستقرة تؤيد العنف كلما حاول أردوغان تدعيم سلطته على مدار العامين الماضيين. فأردوغان يواصل هذا بالرغم من فقدان حزب العدالة والتنمية للأغلبية البرلمانية منذ فترة”.
جيرالدي: دعمت الحكومة التركية تنظيم داعش لمنع تأسيس دولة كردية
أما د. فيليب جيرالدي، الخبير في الشؤون الأمنية وقضايا الشرق الأوسط، فأوضح في تصريح أدلى به إلى صحيفة تودايز زمان التركية الناطقة باللغة الإنجليزية أن الهدف الإستراتيجي الدائم للحكومة التركية هو الحيلولة دون قيام أي دولة كردية، مشيرًا إلى أنها دعمت – لهذا السبب – تنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة، وهو السبب نفسه الذي دفعها للعب دور أكثر فاعلية في سوريا.
وتابع جيرالدي تصريحه قائلًا: “غير أن داعش ارتكب هو الآخر خطأ كبيرًا عندما قتل مؤخراً جنديًا تركيًا، مما أدى إلى ردّ تركيا بشنّ عمليات أمنية وعسكرية موسعة نطاقها لتشمل معاقل حزب العمال الكردستاني أيضاً، وهذا هو الهدف الرئيس لهذه العمليات.”
واستطرد جيرالدي: “أتوقع أن العملية العسكرية التركية سيجري توسيعها ضد الأكراد بمرور الوقت، فيما ستتضاءل ضد داعش. ويجب ألا يشعر من يعرفون أولويات أنقرة بالتعجب من هذا. وقد يتجه الكردستاني إلى استهداف المناطق السياحية في تركيا رداً على هذه العمليات”.
هيرمان: السياسة الخارجية التركية محطمة
بينما قال الكاتب د. رينار هيرمان، الخبير في الشؤون التركية وقضايا الشرق الأوسط ومؤلف كتاب “إلى أين تسير تركيا؟”، في تصريح له إن “السياسة الخارجية التركية محطمة للغاية”، مضيفًا “لم يسهم الدعم السري لداعش في سقوط نظام بشار الأسد أو منع تشكيل منطقة كردية ذاتية الحكم على طول حدود تركيا الجنوبية”.
وتابع هيرمان: ” اعتقدت أنقرة أن بإمكانها التحرك بسرعة قبل أن ينجح الأكراد في غلق الممر بين مدينتي عفرين وكوباني. وتعتقد الحكومة التركية الآن أنه بانضمامها إلى الحرب ضد داعش سيقبل المجتمع الدولي حربها ضد حزب العمال الكردستاني، وبالتالي تستطيع تحقيق الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المبكرة من خلال هذه الحرب”.
دافيس: واشنطن في حيرة من أمرها بشأن تركيا
من جهته، أفاد جويس دافيس، الخبير في قضايا الشرق الأوسط وصاحب كتاب “بين الجهاد والسلام: شخصيات إسلامية” “Between Jihad and Salaam: Profiles in Islam”، بأن الأمريكيين متحيرون بشأن العملية العسكرية التي بدأتها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني في الوقت الذي تحتاج فيه أمريكا إلى التنظيم في مكافحة داعش.
لاوريا: الكردستاني هو الهدف الأساسي لأردوغان وليس داعش
وأما جو لاوريا، الباحث والخبير في شؤون الشرق الأوسط، فقال إن هدف أردوغان ليس القضاء على داعش، بل إن الهدف من العمليات العسكرية هو الكردستاني، وأضاف بقوله: “لقد تسامح أردوغان لفترة طويلة مع داعش، ولهذا فإن تغيير موقفه ضد هذا التنظيم دفع الجميع إلى الشكّ وجعلهم يفكرون في أن الهدف الأساسي لأردوغان ليس محاربة داعش بل الهجوم على تنظيم العمال الكردستاني الذي يعتبر خصماً قوياً لداعش في ساحة المعركة. ومع أن واشنطن ترفض أنها أعطت الضوء الأخضر لأنقرة في هذا الموضوع، إلا أن من اتخذوا هذا القرار في واشنطن حنكتهم مفتوحة للنقاش”.