الدوحة، قطر (أ ب) – دعا وزير الخارجية القطري، خالد العطية، اليوم الثلاثاء، إلى إجراء “حوار جاد” مع إيران في أعقاب اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية، رغم انتقاده إيران لدعمها المستمر للحكومة السورية.
وتطرق العطية في مقابلة صحفية مطولة مع أسوشيتدبرس، أيضا إلى الجدل الدائر حول استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم لعام 2022، والمزاعم بوجود صلات بين الدوحة وجماعات إسلامية متشددة.
جاءت تصريحات العطية من مكتبه الذي يقع في ناطحة سحاب تطل على العاصمة الدوحة بعد يوم من لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست في قطر لطمأنتهم بشأن التزام الولايات المتحدة بأمنهم في أعقاب الاتفاق مع إيران، والذي يوفر لطهران رفع قدر كبير من العقوبات مقابل ضمانات بعدم توجهها نحو صنع القنبلة النووية.
رحبت دول الخليج بالاتفاق النووي رغم انعدام الثقة العميق في إيران، القوة الشيعية غير العربية التي يرون أنها عازمة بشكل متزايد على مواصلة دعمها لجماعات متطرفة ومتعاطفة معها بأرجاء المنطقة.
وقال العطية إن اتفاقا ثابتا بين اللاعبين الكبار وإيران هو السبيل الأمثل لحل القضية، مشيرا إلى أن هناك فرصة حاليا للعمل مع إيران بشأن قضايا أخرى.
وأضاف العطية “يجب أن يكون لدينا حوار جاد مع جيراننا الإيرانيين … وأن نطرح مخاوف الجانبين، ونحلها سويا. إيران جارتنا في المنطقة. ويتعين علينا العيش معا”.
وتعد قطر حليفا هاما للولايات المتحدة في الخليج، تستضيف قاعدة العديد القطرية مقر القيادة المركز الأمريكية وقاذفات قنابل وطائرات دعم وعدد من الطائرات الأخرى.
تتقاسم قطر وإيران حقلا للغاز الطبيعي شاسع المساحة تحت الماء. وتنصب الدوحة نفسها مقرا للوساطة في الصراعات الإقليمية الشائكة. وفي الأسبوع الماضي، استضافت قطر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أوضح أن التقارب مع الدول العربية أولوية بالنسبة لبلاده.
لكن العطية حذر من أنه لا تزال هناك بعض أوجه الاختلاف، وهو ما يعزز الحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لبناء الثقة بين الجانبين، بما في ذلك “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.”
يعني ذلك بالنسبة لدول الخليج تخلي إيران عن دعم وكلائها في المنطقة مثل حزب الله اللبناني والجماعات الأخرى بما في ذلك المتمردون الحوثيون في اليمن، الذين يتمتعون بدعم طهران.
وقال العطية: “جميعنا في دول مجلس التعاون الخليجي نعمل باتجاه بناء علاقات جيدة مع دول الجوار، وكما نريد من إيران أن تسلك هذا السبيل أيضا، وحينئذ فقط يمكننا الخروج بحوار مثمر.”
وكان من بين أبرز مناطق الخلاف بين الجانبين الدعم الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد، الذي لا يزال في السلطة بعد أربع سنوات من الحرب الأهلية التي خلفت ما لا يقل عن 250 قتيلا سوريا.
وقال العطية: “نتمنى أن تنظر إيران إلى سوريا من خلال الشعب السوري لا عبر نظام وحشي.”
وكحال دول الخليج الأخرى، تقدم قطر الدعم لحركة المعارضة السنية الساعية لإسقاط نظام الأسد. ونفت دعم الجماعات المتطرفة مثل الدولة الإسلامية، التي تسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، أو جبهة النصرة الموالية للقاعدة.
بيد أن قطر ساعدت في تأمين الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم المعارضة السورية، كالراهبات الأرثوذوكس والصحفي الأمريكي بيتر ثيو كيرتس الذي احتجزته جبهة النصرة العام الماضي.
وقال العطية إن تلك المفاوضات جرت بمساعدة وسطاء في سوريا. ونفى أن يكون لبلاده اتصال مباشر بالجماعة، كما عبر عن أمله في قطع جبهة النصرة علاقاتها بالقاعدة.
وقال العطية: “كل هذه الشائعات التي تروج بأن قطر تدافع عن المتشددين أو تدعم المتطرفين في سوريا لا أساس لها من الصحة.”
بيد أن إيران اتخذت موقفا مغايرا فيما يتعلق بحركة حماس الفلسطينية التي تعتبر منظمة إرهابية من قبل إسرائيل والعديد من الدول الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتعد قطر الراعي المالي الرئيسي لقطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس، كما يعيش فيها قائد حماس في المنفى خالد مشعل منذ عام 2012.
وبينما تصر الدوحة على أن دعمها موجه للشعب وليس لحماس، قال العطية اليوم الثلاثاء إن قطر لا تعتبر حماس جماعة متطرفة، بل “حركة تحرير”.
واستضافت قطر أيضا أعضاء في حركة طالبان خلال السنوات الأخيرة، بينهم خمسة معتقلين مفرج عنهم من معتقل غوانتانامو الأمريكي في كوبا، في إطار صفقة تبادلية مع الرقيب الأمريكي بو بيرغدال العام الماضي.
وقال العطية إنهم لا زالوا يقيمون في قطر بعد اتفاق أبرم في مايو/ أيار عام 2014 ينص على إقامتهم في البلاد لمدة عام، وهي المهلة التي انقضت وينتظرون الحصول على وثائق تسمح لهم بالمغادرة.
وأوضح أن قطر تفضل عودتهم إلى أطفالهم وأسرهم.
وتمضي قطر قدما أيضا في خططها الطموحة لتصبح أول دولة في الشرق الأوسط تستضيف كأس العالم بعد سبع سنوات.
ويأتي ذلك وسط تحقيقات أمريكية وسويسرية في ملف فساد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
وأكد العطية موقف قطر بالتعاون مع المحققين، وأن بلاده ستواصل القيام بذلك.
وقال إنه واثق بأن البطولة ستنظم في بلاده، وستكون “أفضل بطولة كأس العالم على الإطلاق”.
ورد العطية على وابل من الانتقادات الدولية الموجهة إلى قطر حول البطولة، قائلا إن العنصرية لعبت دورا في ذلك.
وإلى جانب مزاعم الفساد، عارض منتقدون إقامة البطولة في قطر بسبب أمر تتراوح بين ارتفاع درجات الحرارة خلال فضل الصيف، وأن المونديال لن ينظم في فصل الشتاء، إلى قضايا ثقافية مثل محدودية توافر الكحوليات في البلاد، والتعامل الحكومي مع المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة.
وأضاف العطية “بعض الجهات لا يمكنها قبول استضافة دولة عربية صغيرة لمثل هذا الحدث، كما لو أن منطقتنا العربية لا يحق لها تنظيم مثل هذا الحدث”.
اعترف العطية بأنه يتعين بذل المزيد من الجهد لتحسين ظروف العمال المهاجرين الذين يشيدون البنية التحتية لكأس العالم، وغير ذلك من مشاريع البناء في قطر.
وفي حين تم الإبلاغ عن مئات حالات الوفاة بين العمال المهاجرين، تقول الحكومة إن أحدا من العمال لم يتوفى في مشروعات كأس العالم.
أما الإصلاحات التي وعدت بها الحكومة في قوانين العمل المقيدة في البلاد، والتي تربط العمال برب عمل معين وتقول جماعات مدافعة عن حقوق العمال إن ذلك يفتح الباب لانتهاكات بحق العمال، فلم يتم تنفيذها حتى الآن.
وقال العطية إنه يتوقع تفعيل المبادئ التوجيهية الجديدة بحلول نهاية العام.
وأضاف “الأمر يسير على الطريق الصحيح، وسيتم تفعيله. نحن جادون في تنفيذ الإصلاحات”.