إسطنبول (زمان عربي) – لماذا عارض سيدنا عمر الزواج من نساء من أهل الكتاب رغم أن القرآن أحله؟ ألا يعد هذا اعتراضا على حكم من أحكام القرآن؟ وما هي أدلة القليل من العلماء الذين لا يرونه جائزا؟ وهل أصدروا حكما كهذا معتمدين على رأي سيدنا عمر؟
سيدنا عمر لم يحرّم الزواج من الكتابيات اللاتي يحلل القرآن الكريم الزواج بهن، فالرواية الصادرة عن سيدنا عمر بهذا الشأن هي ” أن المسلم يحل له أن يتزوج من غير مسلمة ولكن المسلمة لا يمكنها الزواج من غير المسلم”(الطبري، تفسير الآية 2/221 من سورة البقرة).
كما أوضح الإسلام عدة شروط يتم البحث عنها في النساء، اللاتي أجاز الإسلام نكاحهن. فعلى سبيل المثال أن تكون من سلالة من أهل الكتاب منذ القدم وأن تكون عفيفة وألاتكون من أعداء المسلمين فألا يكون الزواج منها ينافي المصالح العامة للإسلام والمسلمين.
“الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (المائدة -5/5).
وقد وصف المولى عز وجل النساء من أهل الكتاب في الآية بـ”المحصنات”. واختلف بعض الصحابة والعلماء في تفسير معنى “المحصنات” فالبعض قال إنها تعني “الحرة” والبعض الآخر رأى أن معناها “العفيفة”.
ويقول ابن عباس إن المحصنات تعني العفيفات وأنه لا يجوز نكاح النساء من أهل الكتاب غير العفيفات (تفسير الطبري والراضي).
سيدنا عمر لم يحرم ما أحلته الآية ولم يحرِّف حكمها فالآية أجازت فقط ولم تأمر. فمع مرور الوقت إن لوحظ ضرر لهذه الأمور المباحة يمكن لقائد الدولة أن يمنعها لفترة لازمة.فهو حاول منع الناس مؤقتا لرؤيته أنه يعارض مصلحة المسلمين حينها. ووفقا لبعض الروايات فإن سيدنا عمر اتخذ هذا القرار خوفا منه أن يلجأ شباب المسلمين للزواج من بعض النساء النصرانيات خصوصا اللاتي يعشن في البلاد العربية لمجرد جمالهن فقط.
ويمكننا أن نفهم مبرر قرار سيدنا عمر في هذا الشأن من خلال القصص التالية:
بحسب أحد الروايات فإن حذيفة ابن اليمان كان قد تزوج من امرأة يهودية. فأرسل إليه سيدنا عمر رسالة طلب منه فيها أن يطلقها فسأله حذيفة ما إن كان الزواج بنساء من أهل الكتاب حرام أم لا. فأجابه سيدنا عمر “إنه ليس حرام لكنني أخشى أن تلتقوا بغير العفيفات منهن.
وفي رواية أخرى قال له سيدنا عمر: “إنني أخشى أن يقلدك شباب المسلمين وأن يصبح الأمر فتنة للمسلمات لترجيح شباب المسلمين لنساء أهل الكتاب بسبب جمالهن (الفقة الإسلامي لوهبة الزحيلي- 9/146).
ووفقا للمذهب الحنبلي فإن الزواج من أهل الكتاب ليس مستحبا أما بالنسبة للمذاهب الثلاثة الأخرى فهو مكروه. ويمكن القول أيضا أن سيدنا عمر اتخذ هذا القرار لمصلحة المسلمين ولاعتقاده أن الزواج منهن سيسبب أضرارا. وهذا يعد تنفيذا للقاعدة الفقهية والحديث القائل “لا ضرر ولا ضرار”.
وهذا يعني أن الزواج من نساء أهل الكتاب جائز لكن يجب تفضيل المسلمات أولا وأنه يجب التفكير في الزواج من نساء أهل الكتاب عند الضرورة والمصلحة. كما يجب الانتباه إلى أن تكون الفتاة عفيفة وليس لها صديق سري. ويجب أن يفضلوا من لديهن عقيدة التوحيد ويعين مفهوم الأسرة ويؤمن بقدسية الزواج. وأن يبذلوا جهدا لتأسيس البيت على الإيمان والهداية ومواصلة هذا.
