الولايات المتحدة (الزمان التركية)- بعد قدوم صاحب السياسة المتشدِّدة تجاه طهران الرئيس الأميركي دونالد ترامب، زادت شهرة رضا بهلوي ابن آخر شاه حكم إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979، حيث يدعو لتغيير نظامها الاقتصادي، كي يميل نحو الرأسمالية الغربية، واحترام حقوق الانسان، وتحويل ولاية الفقيه الى برلماني، الامر الذى سيجعل إيران مقبولة لدى الغرب وجيرانها السُنَّة بالخليج.
نعم من يتحدث الان هو أبن آخر شاه حكم إيران، الذى مثل ظهور مفاجئة كبير لدى اغلب الناس، ولكنَّ الشرق الأوسط لا يعرف المفاجئات، فهو حافل بحكايات تدعو للحذر حول الحكومات الغربية التي تثق في المنفيين المغتربين عن أوطانهم منذ زمن بعيد، ولا يزال من غير الواضح إذا ما كان باستطاعة بهلوي أن يحشد حنيناً لعهدِ عرش الطاووس أم لا.
فقد صرح بهلوي لوكالة أسوشيتد برس الأميركية: هذا النظام بكل بساطة، لا يمكن إصلاحه بسبب طبيعته. جينات هذا النظام تجعله عصياً على الإصلاح. لقد فقد الناس الأمل في الإصلاح، وصاروا يفكرون في أنه لا بد من تغيير أساسي. كيف يمكن تحقيق هذا التغيير؟ هذا هو السؤال المهم.
وقد غادر بهلوي إيران عندما كان في الـ17 من عمره للدراسة في مدرسة الطيران بالولايات المتحدة، قبل أن يتخلى والده المصاب بالسرطان، محمد رضا بهلوي، عن العرش ويُنفى. ثم قامت الثورة، وأنشئت الجمهورية الإسلامية، ووقعت حادثة الاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران، والتخلص من آخر بقايا الملكية المدعومة أميركياً.
وبرغم مرور سنين طويلة الا إنَّ عائلة بهلوي، والعهد الملكي قد احتفظا برونقهما في إيران، على الرغم من أنَّ أغلبية شعبها البالغ عددهم 80 مليوناً لم يعيشوا في تلك الفترة، حسب موقع شبكة فوكس نيوز الأميركي، وقد ركزت المسلسلات التليفزيونية على فترة حكم أسرة بهلوي، بما في ذلك مسلسل حديث تموله الدولة بعنوان “لغز الدولة”، وهو أغلى مسلسل على الإطلاق في تاريخ إيران. ينتقد هذا المسلسل البلاط الملكي، ويدمج في هذه القصة قصصاً رومانسية وقصص رجال عصابات.
لكنَّ بهلوي (56 عاماً) يصر على أنَّ الشباب الإيرانيين يتطلعون، على نحوٍ متزايد، إلى ماضي إيران. وأشار بهلوي إلى المظاهرات الأخيرة حول قبر الملك كورش الكبير، ملك إيران قبل الإسلام، وهي المظاهرات التي نظمتها مجموعات متنوعة مناهضة للحكومة، باعتبارها دليلاً على الاضطراب الحادث في البلاد. وكانت إيران، في حكم والده العلماني المؤيد للغرب، قد مرت ببرنامج تحديث سريع، مولته عائدات النفط.
وقال بهلوي: لو نظرت إلى الإرث الذي تركه والدي وجدي فستجده متناقضاً مع هذا النظام العتيق، المتخلف نوعاً ما، والراديكالي دينياً، الذي حكم البلاد بطريقة شديدة القمعية.
وفي العام الماضي نُشِرَ كتابٌ بعنوان: “سقوط السماء: البهلويون والأيام الأخيرة لإيران الإمبريالية”، يعرض رؤية مغايرة للشاه. وبينما اعتراف الكتاب بانتهاكات جهاز المخابرات الإيرانية (السافاك) والفساد المحيط بفترةِ حكم الشاه، إلا أنه صوَّره باعتباره رجلاً جاء به القدرُ في حقبةِ اختفاءِ الملكيات في الشرق الأوسط.
ويقول المؤرخ أندرو سكوت كوبر، مؤلف الكتاب: “قمع النظام أي حوار حول عائلة بهلوي لوقت طويل إلى درجة إنَّ هذا المنع قد أدى إلى نتائجٍ عكسية، إذ أثارت فضول الشباب في إيران حول ما لا يعرفونه. ثمة انقسام مثير للاهتمام هنا بين الأجيال، إذ يقول الإيرانيون الشباب لآبائهم وأجدادهم، الذين ثاروا ضد الشاه وعائلة بهلوي: لماذا تخلصتم من ذلك النظام، وجئتم بالنظام الحالي؟”.
وأضاف كوبر: “لا يزال لاسم هذه العائلة الكثير من السحر، اليوم أكثر من أي وقت مضى بين الإيرانيين. أما كيف يمكن أن ينعكس هذا بالفعل في صورة دعم لرضا بهلوي، باعتباره زعيماً بديلاً يوثق به، فهذا ما لا أعلمه”.
ولما سُئِلَ بهلوي عن تصوره لكيفية حدوث ثورة سلمية في إيران، أجاب بأنَّ مثل هذه الثورة سوف ينبغي لها أن تُستهل بالنقابات العمالية التي تبدأ إضراباً قومياً يعم البلاد. وقال إنَّ أعضاءً من الحرس الثوري المتشدد، وهي منظمة شبه عسكرية مهمتها حماية النظام الديني، ينبغي طمأنتهم أنهم “لن يشنقوا ويقتلوا رمياً بالرصاص كلهم”.
وقال بهلوي إنَّ الأمر الأهم أن تبتعد الحكومات الغربية وألا تهدد بأي عمل عسكري.
تلك رؤية مفرطة في التفاؤل، لاسيما فيما يتعلق بمدى سلطة الحرس الثوري والمتشددين الآخرين على اقتصاد إيران. أيضاً تتجاهل هذه الرؤية المخاوف لدى الكثير في إيران من التدخل الغربي. وكان والد بهلوي قد وصل إلى السلطة بعد انقلاب عام 1953 دبرته بريطانيا والولايات المتحدة.
وأضاف بهلوي، الذي لا يزال يعيش في الولايات المتحدة، إنه ليس لديه أي “مشاغل جانبية” منذ عام 1979، وأنه يتلقى دعماً مالياً من عائلته “والكثير من الإيرانيين الذين دعموا القضية”.
وقال بهلوي: “إنَّ تركيزي الآن منصبٌ على تحرير إيران، وسوف أجد وسائل فعل ذلك، دون التفريط في المصالح القومية واستقلال البلاد، متعاوناً مع كل من يرغب في مد يد العون لنا، سواء في الولايات المتحدة، أو السعودية أو إسرائيل، أو كائناً من كان”.
ويضيف بهلوي إنه لم يلتق حتى الآن بإدارة ترامب على الرغم من خطاباته. وكانت منظمة إيرانية منفية أخرى، وهي منظمة مجاهدي خلق، قد دفعت سابقاً 50 ألف دولار لعضو من أعضاء إدارة ترامب ليلقي خطاباً. ومع ذلك، فقد قال بهلوي إنَّ وقوف مجاهدي خلق إلى جانب الدكتاتور العراقي صدام حسين حين حرب إيران والعراق في الثمانينات، وقتلها للأميركيين قبل الثورة، وهو الأمر الذي تنكره المجموعة حالياً، يجعلها شريكاً غير مناسب، وأن بهلوي يسعى حالياً للقاء ترامب وإدارته، لكنه يعلق آماله على الحس التاريخي لدى الإيرانيين، وهو الأمر الذي يتفق معه فيه كوبر.
جدير بالذكر أن بهلوي حصل على عدد متزايد من المقابلات الإعلامية منذ الانتخابات الأميركية، بما في ذلك مقابلة مع موقع بريتبارت، الموقع اليميني الذي يديره كبير الخبراء الاستراتيجيين في إدارة ترامب، ستيف بانون. أيضاً، أرسل بهلوي خطابات إلى إدارة ترامب.