أنقرة (الزمان التركية) – بعد تصدره الرأي العام التركي بسبب الانتقادات التي وجّهها في مراسم تشييع جثمان شقيقه الشهيد النقيب علي ألكان، أفاد العقيد محمد ألكان أنه بات ميتًا مدنيًّا بعد فصله من منصبه بموجب قانون الطوارئ، مشيرا إلى أنه يعيش داخل المجتمع كمريض الجذام.
ولم يحصل ألكان إلى الآن على راتب ومكافأة المعاش التقاعدي بسبب كونه مفصولاً من الخدمة بموجب مرسوم على الرغم من تقدمه بطلب تقاعد في الثامن والعشرين من سبتمبر/ آيلول الماضي. وأضاف ألكان أنه لن يستطيع ممارسة المحاماة أو التدريب القانوي لكونه مفصولا بموجب مرسوم طوارئ، كما أن المرسوم يمنعه حتى من أن يصبح حارس عمارة، مشيرًا إلى مصادرة بطاقة الهوية العسكرية التي كان يمتلكها وتعديل شهادة إخلاء الطرف وخفضها إلى رتبة جندي. وأكد ألكان أن السلطات ألغت رخصة حمل السلاح الخاصة به واستعادت منه سلاح الخدمة.
يُذكر أن ألكان كان قد وجه انتقادات إلى السلطات خلال جنازة شقيقه في الثالث والعشرين من أغسطس عام 2015 قائلا: “ماذا حل للداعين للسلام؟ أصبحوا يتحدثون عن الحرب حتى النهاية. لا شيء يعني التجول في القصور برفقة 30 حرسا شخصيا وركوب سيارات مصفحة، ثم الحديث عن الرغبة في الاستشهاد. إن كنت حقا تريدها اذهب إلى هناك”. لاقت عبارات ألكان هذه أصداء داخل تركيا ليتم فصله من الجيش بموجب المرسوم رقم 672 الصادر في الأول من سبتمبر/ آيلول الماضي.
وفي بيان مكتوب أكد ألكان على تمسكه بانتقاداته، واصفا إياها بالتعبير عما يدور في قلوب الملايين بشأن انتقاد الحكام. وأفاد ألكان أن كافة الحكومات هي المسؤولة الأولى عن الإرهاب كما حمل قيادات البلاد مسؤولية من لقوا حتفهم خلال تلك الفترة ودموع أقارب الضحايا مشددا على ضرورة دفعهم الثمن سياسيا.
ذكر ألكان أيضا أنه تم فتح تحقيقات بحقه مع المطالبة بفصله من الجيش بعد تعبيره عن أفكار مشابهة للعبارات التي نطق بها في الجنازة خلال جلسة أقيمت في شهر مايو الماضي بمقر جميعة قدامى المحاربين وأقارب الشهداء لكن لم يُصدر حينها قرار بحقه، مشيرا إلى أنه قرر تقديم خططه للتقاعد في الثلاثين من أغسطس الماضي الذي كان سيتم ترقيته خلاله إلى رتبة عقيد بدلا من التقاعد في عام 2018.
وأضاف ألكان أنه فُصل برفقة 48 ألف شخص آخرين بموجب المرسوم الصادر في الأول من سبتمبر/ آيلول الماضي، مشيرا أنه ليس لديه أدنى معلومة عن سبب إدراج اسمه في القائمة التي فُصل بموجبها 48 ألف شخص بدون استجواب وبدون مساءلة، رغم أن الطريق القضائي وصولا إلى مجلس الدولة مفتوح ضد هذه العقوبة في الوقت الذي يتوجب فيه إجراء تحقيقات لمنح الموظف عقوبة تحذيرية، كما ذكر ألكان أنه بعد ستة أيام من المحاولة الانقلابية نشرت وسائل الإعلام التى تزعم أنها “إسلامية” أخباراً منافية للحقيقة على شاكلة “انظروا من المقدم الذي داهم مقر تيليكوم”، واصفا إياها بالأخبار المتعمّدة. وفي حديثه عما مر به عقب فصله بموجب أحد المراسم رغم عدم إجراء تحقيقات إدارية أو قضائية بحقه، أوضح ألكان أنه لم يتم منحه الترقية التي يستحقها في الثلاثين من أغسطس الماضي، على الرغم من أنه كان يتوجب ترقيته إلى رتبة عقيد، كما تم بموجب المرسوم إلغاء جواز السفر الأخضر الذي كان يحمله، ورُفض الطلب الذي تقدم به للحصول على جواز سفر عادي بحجة فصله بموجب مرسوم، مؤكدا أنه لم يُمنح مدخرات في صندوق معاشات القوات المسلحة، وتم مصادرته بطريقة غير قانونية على خلفية مطالبته به بإجراء بطريق قانوني. وأشار ألكان أيضا إلى رفض طلب الخبرة الذي تقدم به بحجة فصله بموجب مرسوم، كما لم يحصل إلى الآن على راتب ومكافأة المعاش التقاعدي بسبب كونه مفصولا من الخدمة بموجب مرسوم على الرغم من تقدمه بطلب تقاعد في الثامن والعشرين من سبتمبر/ آيلول الماضي، مفيدا أنه في الشهر السادس من التدريب القانوني الذي بدأه لكونه خريج كلية حقوق أبلغته لجنة العدل بأنه لن يستطيع ممارسة المحاماة أو التدريب القانوني لكونه مفصولا بموجب مرسوم.
أضاف ألكان أيضا أنه اضطر للتوقف عن الإدارة التعاونية بعدما تم إبلاغه أنه لن يستطيع العمل كرئيس تعاوني بشركة تجارية تُدعى “Konut Yapı” وفقا للقانون التجاري التركي، وأن المرسوم حرمه حتى من أن يصبح حارس عمارة، مفيدا أنه تم مصادرة بطاقة الهوية العسكرية التي كان يمتلكها وتعديل شهادة إخلاء الطرف وخفضها إلى رتبة جندي بجانب إلغاء رخصة حمل السلاح الخاصة به واسترداد السلطات سلاح الخدمة منه. وأفاد ألكان أن أصدقائه ومعارفه امتنعوا عن الاتصال به وزيارته والالتقاء به وأنه بات يعيش داخل المجتمع كمريض الجذام، كما أنه يحاول العيش براتب زوجته نظرا لأنه لم يُمنح منذ ثمانية أشهر راتب وعلاوة وإعانة التقاعد الخاصة بصندوق معاشات القوات المسلحة وما يستحقه لعمله باجتهاد على مدار 22 عاما، مؤكدا على وجود وثائق بالتعاملات المعدودة أرسِلت إلى بعض البنوك وأن هذه التعاملات التي تم إجراؤها بصورة ممنهجة بمؤسسات الدولة تمت بتعليمات.
تُركت للموت المدني
وذكر ألكان أنه والأبرياء الآخرين الذين فُصلوا بموجب المرسوم في انتهاك صريح لقواعد القانون التركي والدولي، كقرينة البراءة ومبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون” ورفع دعوى في المحكمة، تُركوا للموت المدني، مشيرا إلى أنه عُزل عن المجتمع وسُلب حقوقه الدستورية كحق التملك وحق السفر وحق العمل بسبب شيء لم يرتكبه، في حين أن اللصوص والكاذبين والذين قبعوا داخل السجون لسنوات بسبب الانتماء لتنظيم إرهابي يشغلون وظائف كرؤساء بلديات وأعضاء في البرلمان.
وشدد ألكان على أن أكثر ما يؤلم في الأمر هو تنفيذ هذه الإجراءات من قبل الشركاء السياسيين الذين يسلكون الطرق الموازية للهدف نفسه ويتمتعون بحصانة.
لن يستطيعوا تكبيل الضمائر
هذا وأفاد ألكان أنه غير قادر على تحمل الظلم وما يتم في حقه قائلا: “الشييء الوحيد الذي يمكنهم فعله له بعد هذه المرحلة هو منع حريتي لإسكاتي. ليفعلوا هذا لكنهم لن يستطيعوا تكبيل الأفكار والضمائر. سنتحاسب مع الظلمة عاجلا أم آجلا، وستكون يداي الاثنتان على أعناقهم في الدنيا والآخرة. كل من يرى هذا ويسكت على الظلم هو شيطان أخرس. لن أكون ممّن قالوا قبل مئات السنوات “وإنك يا موسى على حق لكن فرعون يمنحنا رزقنا”.