تقرير: زينب جورجانلي من صحيفة “سوزجو” التركية
إسطنبول (الزمان التركية) – بدأ حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان حكمه في تركيا قبل 14 عامًا معتمدًا على نظرية “تصفير المشكلات” مع دول الجوار و”العمق الاستراتيجي” لوزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو. لكنه سرعان ما فقد عصاه وأصبحت المشكلات تعج من كل ناحية مع جميع دول الجوار في السنوات الأخيرة، باستثناء دولة قطر والمملكة العربية السعودية؛ إذ يحرص على عقد ثلاثة أو أربعة لقاءات سنويًا مع مسؤولي البلدين أو حتى عقد محادثات هاتفية باستمرار، سواء إبان فترة رئاسة أردوغان للوزراء أو حتى بعد توليه منصب رئاسة الجمهورية.
إلا أن الوضع في الداخل العربي وصل إلى مرحلة غير متوقعة، فأخذت الملامح الأولى لـ”حلف الناتو السني” تظهر من وراء الستار. إذ إن الرأي العام العالمي أصبح منذ عشرة أيام لا حديث له صباحًا أو مساءً سوى عن الحرب الإعلامية المندلعة بين قطر عن طريق قناة الجزيرة وما تديره من قنوات تلفزيونية وصحف ومنصات إعلامية في الشرق الأوسط من ناحية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين من ناحية أخرى.
فالرياض تتهم جارتها الدوحة بالتقارب مع عدوها اللدود “إيران”، وفي الوقت نفسه تدعم جماعة الإخوان المسلمين المعلنة في قوائم الإرهاب في مصر بطريقة تزعج النظامين المصري والسعودي. أمَّا قطر فتتهم السعودية وحلفاءها من دول الخليج بالتحالف مع إسرائيل، والتحول إلى “خاتم” في إصبع الإدارة الأمريكية.
أمَّا الغضب السعودي تجاه إيران، فيتأصل في وجود أقليات شيعية خطرة داخل حدودها والإمارات والبحرين تحاول العصيان بدعمٍ من النظام الإيراني. كما يجب عدم إغفال جانب الحرب القائمة في اليمن والدور السعودي الرامي لدحر التمرد الشيعي على حدودها الجنوبية. أمَّا قطر فأقليتها الشيعية لا تسبب لها الأزمات بسبب الحريات الدينية المطلقة، على عكس باقي دول الخليج.
لم تفلح الوساطات بين السعودية وقطر، بعد أن خرجت الكويت وعمان عن صمتهما وقررتا المصالحة بين الأشقاء. فالنيران تزداد تأججًا والخصام يتحول تدريجيًا إلى عداوة. إلا أن الأمر لا يقتصر على حدود الخليج العربي فحسب وإنما يظهر تأثيره في زيادة التوتر والقلق الملاحظ على الوجوه في رئاسة الجمهورية التركية وكذلك حزب العدالة والتنمية. وتتطاير علامات الاستفهام من هنا وهناك: هل يجب أن يستمر أردوغان في رفع إشارة رابعة ودعمه لجماعة الإخوان المسلمين والتحالف مع قطر؟ أم عليه الوقوف في صف الرياض التي تمكنت من توحيد صفها مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
ولكن الحقيقة أنه لا خيار أمام أنقرة؛ إذ إنها مجبرة على الوقوف بجانب قطر المسيطرة على الاقتصاد التركي بشكلٍ كبير بفضل شراء والاستحواذ على الشركات وتقديم القروض والمساعدات. إلا أنها إذا قررت أن تسلك هذا الطريق، فستكون بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية و”الأشقاء العرب” بجانب دولة تدعم التنظيمات الإرهابية المتشددة…
ومع تفاقم الصدع بين التكتل السني في المنطقة، كانت الرياض تتهم الدوحة بإقامة علاقات قوية مع طهران عدوها اللدود، وفي تلك الأثناء قررت إيران سكب الزيت على النار، من خلال بيان رسمي حول اتصال هاتفي بين الرئيس الإيراني روحاني وأمير قطر تميم، تناولا فيه أوضاع المنطقة وسبل تحسين العلاقات بين دول المنطقة، على حسب البيان. بل وقررت فتح نيرانها على أنقرة أيضًا بالتزامن مع اشتعال الأزمة القطرية السعودية، مصرحة أن تنظيم بيجاك “PJAK” التابع لحزب العمال الكردستاني، هاجم جنودها متهمة تركيا بالوقوف وراء الحادث. فاللعبة التي تراهن عليها إيران الآن تتمثل في شغل تركيا باتهامات وقوفها وراء هجوم تنظيم إرهابي داخل إيران تابع في الأساس لتنظيم حزب العمال الكردستاني الذي تحاربه تركيا بكل ما أوتيت من قوة، بينما تقوم بشحن قطر في خلافها في المنطقة من أجل زيادة الصدع في التكتل السني في المنطقة.

















