إسطنبول (الزمان التركية) – تناول المفكر الإسلامي التركي الأستاذ محمد فتح الله كولن في درسه موضوع الإسلام الحقيقي. وأوضح أن الإسلام الحقيقي يظهر في الأفعال والأطوار وما يطبقه الإنسان على أرض الواقع قبل أن يكون ادعاء بالأقوال المنمّقة.
وفيما يلى أبرز ما جاء في درس الأستاذ كولن:
“إن الإسلام، الذي أفتديه بروحي وبكل ما أملك، وتلك الروح المحمديّة ليسا في الكلمات المُنمّقة التي تدور على الألسنة بل هما في الجوهر ويصدقه الفعل على أرض الواقع. والإسلام الحقيقي هو محاولة العيش كما عاش الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واستغلال الحياة الاستغلال الأمثل والاستفادة منها مثلما فعل صلى الله عليه وسلم، والانتقال إلى الحياة الأخروية وإلى رحمة الله مثله صلى الله عليه وسلم.
ومهما قلتم فأنا لا أصدق بشيء غير هذا، وإن المقياس عندي في ذلك هو أن يحاول المسلم ويسعى لأن يكون مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي ارتحل عن هذه الدنيا دون أن يترك ميراثًا يساوى بضع دراهم لأولاده وأسرته. أو أن يحاول أن يكون مثل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قضى على قوتين عظميين؛ الفرس والروم. وكان بعيدا عن حياته الشخصية لدرجة أنه كاد لا يعرف أحد أحفاده. إذ كان شغله الشاغل هو الإعلاء من شأن الأمة المحمدية ولم يكن يشغل فكره شيئ أخر سوى ذلك. وأرى الإسلام الحقيقي في أن يحاول من يدعي أنه مسلم أن يكون مثل سيدنا علي رضي الله عنه الذي لم يجد رداءً صيفيًّا وآخر شتويًّا لنفسه بالرغم من أنه كان يرأس دولة عشرين ضعف تركيا. وفيما عدا ذلك فهو عبارة عن كلمات أو مجرد ادعاء.
وأقول لأولئك الذين يحاولون التشبه بهؤلاء الصحابة الأجلاء دون بذل النفس والنفيس ويقولون” نحن مسلمون إلى هذه الدرجة.. أو نحن مسلمون إلى ذلك الحد” والله وبالله وتالله ما تقولون إلا كذبا”.
المسلم الحقيقي هو من يعيش مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
المسلم الحقيقي هو مَن يعيش مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم الذين قادوا الأمة المحمدية. عندما قال الناس لسيدنا عمر أثناء توزيع غنائم الفرس في عهد خلافته: “لنجعل لابنك عبد الله أيضا منها نصيب” فقال لهم: “ماذا تقولون أنتم بالله عليكم، لقد رأيت الصحابي الفلاني يدافع بكل ما لديه من قوة أمام رسول الله، فكيف لي أن أتركه هو وأعطي لابني عبد الله؟”.
هذا هو الإسلام الحقيقي، وهذه هي الشهامة بالفعل. ولذلك فعلينا أن نمد يد العون وننفق على أولئك الذين نذروا حياتهم وأرواحهم في سبيل الله جل وعلا ولإعلاء كلمته ويسعون لإيصال الدين الإسلامي المبين إلى الآفاق ونشر تعاليمه في كل رحاب المعمورة. أما تفضيل الأقارب والعمل بالمحسوبية وجعلهم أثرياء مثل قارون يملكون ما يملكون، فهو بعيد كل البعد عن سنة مفخرة الإنسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعما روي عن خلفائه الراشدين. والذي يكون بعيدا عنهم يكون قريبا كل القرب من الشيطان. وهل لديكم أدنى ريب في أن كلا من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كانوا قريبين من الله؟ وإن كانوا هم قريبون من الله تعالى – ولاشك في ذلك – فمعنى هذا أن من يكون بعيدا عنهم يكون بعيدا عن الله.
وكذلك فإن البعيد عن الله تعالى يكون قريبا من الشيطان (حفظنا الله) مهما ادعى ومهما فعل ومهما تحدث عن أيدلوجية ومهما خاض في الحديث عن أي نوع من الأنظمة الموجودة في العالم.
المتعجرفون والوقحون الذين يسندون الأخطاء للرسول والشياطين الخرس الذين يسكتون تجاه ذلك
وأنا لا أصدق أبدًا بتلك الأكاذيب والمهاترات؛ ولو وضع أصحابها القمر والشمس والأرض جنبا إلى جنب. لأن المقياس هو الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد يخرج علينا بعض المتعجرفين والوقحين ويحاولون تقليل شأنه وشأن أصحابه (حاشا وكلّا). وقد يجرؤ بعض قليلي الأدب والمتعجرفين ليسندوا لمفخرة الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام اقتراف سيئة أو خطأ. إن بعض عديمي الأدب والأخلاق قد ينزلون إلى درك الكفرة والمنافقين بسبب ما قالوا من أقوال بشعة في حق الرسول بالرغم مما يظهرون من الإيمان والإسلام.
ويل للمستكبرين والمتعجرفين الذين يقولون: “لو كان في عصر فلان أو علّان لما كان وقع الخطأ الذي ارتكبه مفخرة الإنسانية.. والشياطين الخرس الذين يصمتون إزاء جميع كلمات الكفر هذه!..
* القرآن الكريم بحر عميق يعج بأنواع الحلي واللآلئ المختلفة، لكن لا يصل إلى تلك الحلي والمجوهرات إلا الذين يجيدون الغوص في بحره.