بقلم: طارق خاقان
بمناسبة رأس السنة “الشمسية” سأطرح بعض الأسئلة ثم أجيب عليها:
– لماذا يحتفل برأس السنة في الأول من يناير/كانون الثاني؟
– إذا كان كانون الثاني هو أول الشهور الشمسية فلم هو الثاني والشهر الأخير من السنة الشمسية هو الأول (كانون الأول)
– هل ثمة منطق في اختيار الأول من كانون الثاني رأساً للسنة الشمسية؟ هل يتميز هذا اليوم من غيره من أيام السنة الشمسية بشيء؟
رأس السنة الشمسية في الأصل هو 21 مارس/آذار لأنه يمثل الاعتدال الربيعي حيث يتساوى فيه طول الليل بطول النهار وهذا لا يحدث إلا مرتين في السنة في 21 مارس/آذار و 21 أول (مع ملاحظة أن الاعتدال قد يتقدم أو يتأخر يوماً احيانا) وفي هذين اليومين فقط تشرف الشمس في جهة الشرق تماما وتغرب في جهة الغرب تماماً ثم تميل عن جهتي الشروق والغروب يوميا ما يؤدي إلى اختلاف طول الليل وطول النهار عكسيا بعد الاعتدال. أي إن يومي الاعتدال فقط يتميزان بهذه الميزة لذا فالتحديد المنطقي لرأس السنة يجب أن يكون في أحد هذين اليومين. علما أن كثيرا من الأمم تحتفل بيوم 21 مارس/آذار الأتراك يحتفلون به منذ القدم ويسمونه (yeni gün).
أي اليوم الجديد وفي العصر السلجوقي جعل الأتراك السلاجقة اللغة الفارسية لغة دولتهم الرسمية وترجموا هذا المصطلح إلى الفارسية فأطلقوا عليه اسم (نوروز) بفتح النون وضم الراء وتسكين الواوين (نو: جديد، روز: يوم) ثم عربت هذه الكلمة إلى النيروز.
والسنة الفارسية أيضا نبدأ في 21 مارس/آذار. والتقويم الشمسي الذي معتمده اليوم هو التقويم الغريغوري الغربي مع أنه لدينا تقويم أقدم وأدق منه وهو التقويم الجلالي الذي وضعه عمر الخيام وسمي بهذا الاسم للسلطان السلجوقي ملك شاه الملقب بجلال الدولة، وهو ابن السلطان آلب آرسلان قائد معركة ملاذكرد الشهيرة. ويظن كثير من الناس أن الأول من كانون الثاني هو يوم ميلاد المسيح ولكن المسيحيين الغربيين يؤمنون بأن ميلاد المسيح في 24 ديسمبر/كانون الأول ليلا أي ليلة 25 ديسمبر/كانون الأول في حين أن المسيحيين الشرقيين يؤمنون بأن ميلاده في 6 يناير/كانون الثاني ليلا أي ليلة 7 يناير/كانون الثاني (مع يقيني بأن يوم ميلاده غير معروف بدقة. علما أن القرآن الكريم أشار أن مولده كان مصاحبا لموسم نضوج الرطب حيث قال تعالى في الآية 25 من سورة مريم مخاطباً إياها قبيل أن تلد المسيح اي لما جاءها المخاض “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا” والرطب هو البلح ولا ينضج إلا في الصيف). والتقويم الشمسي المستخدم اليوم هو تقويم تم تعديله من قبل بابا روما غريغوريوس الثالث عشر أي إنه غربي وميلاد المسيح عند الغرب يوافق ليلة 25 ديسمر/كانون الأول. فما الذي يعنيه الأول من يناير/كانون الثاني؟ إذا كان المسيح ولد ليلة 25 ديسمبر/كانون الأول فذلك يعني أنه في الأول من يناير/كانون الثاني بلغ اليوم الثامن من عمره.
وننوه بأن مريم العذراء والدة المسيح كانت من بني إسرائيل ومن عادة بني إسرائيل ختن غلمانهم في اليوم الثامن من ولادتهم. أي إن جعل الأول من يناير/ كانون الثاني رأسا للسنة الشمسية هو بسبب موافقته ليوم ختان المسيح، والاحتفال بهذا اليوم هو احتفال بعيد الختان لا الميلاد.