(زمان التركية)ــ رصد تقرير أعده موقع (أحوال تركيا) تغير توجهات الناخبين في إقليم كوجالي بشمال غرب تركيا وانصرافهم عن دعم حزب العدالة والتنمية “الإسلامي” في الانتخابات المقرر إجرائها يوم 24 يونيو/ حزيران الجاري، مسلطا الضوء على الأوضاع الاقتصادية المقلقة التي باتت تعاني منها تركيا مؤخرًا، مع تراجع قيمة العملة وارتفاع معدل التضخم، كأحد أهم الأسباب لتغيير ميول الناخبيين في الانتخابات المقبلة.
ويقول التقرير: لا يزال أردوغان وحزبه الموجود في السلطة منذ عام 2002 يتصدر استطلاعات الرأي لكن أحزاب المعارضة المفتتة في العادة توحدت ضده في الانتخابات البرلمانية.
كما تأمل المعارضة في الالتفاف حول مرشح واحد إذا لم يحصل الرئيس على 50 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية واضطر لدخول جولة فاصلة بعدها بأسبوعين.
وذكر مسح أجرته مؤسسة سونار هذا الأسبوع أن نسبة الدعم لأردوغان تسجل 48 في المئة وهي أقل مما يحتاجه لتفادي دخول جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية.
وقالت ايسل البالغة من العمر 46 عامًا والتي رفضت ذكر اسمها بالكامل إنها حولت صوتها عن حزب العدالة الذي يتزعمه أردوغان بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو 2015 وأيدت حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي. وقالت إنها رغبت في التغيير بعد 16 عاما لحكم حزب العدالة.
وأوضحت “الظلم هو مشكلتنا الأولى والمشكلة الأخرى هي الاقتصاد. منحت صوتي لحزب العدالة والتنمية حتى انتخابات السابع من يونيو ثم صوتت لحزب الشعب الجمهوري. لدينا تجربة مدتها 16 عاما والآن نريد التغيير”.
وتقول استطلاعات الرأي إن الاقتصاد هو مصدر القلق الرئيسي للناخبين في ظل انخفاض الليرة لمستويات قياسية أمام الدولار هذا العام ووصول التضخم إلى أكثر من 10 بالمئة.
وقال أحمد كورشان وهو متقاعد يبلغ من العمر 62 عامًا “إنني أنظر إلى الاقتصاد. لا يمكن تنفيذ الاستثمارات بوعود فارغة. العمل مهم”.
ونفذت تركيا تحت قيادة أردوغان عملية تجديد ضخمة للبنية التحتية شملت بناء مطارات ومد طرق وجسور ونظم سكك حديد جديدة في أنحاء البلاد. وقد وعد الرئيس بمزيد من المشروعات الضخمة إذا انتخب مجددًا.
وعندما سئل هل حملة مشروعات البنية التحتية التي تباشرها الحكومة تفيده أجاب كورشان بالنفي وقال “لا. هل (بناء) جسر سيسد جوعك؟ إنني أريد فقط أن أعيش. ولا أريد أي شيء آخر”.
لكن التغلب على حزب العدالة والتنمية في كوجالي ليس بالمهمة السهلة. وقد صوت الإقليم، وهو مركز للإنتاج الصناعي والزراعي شرقي إسطنبول، بأعداد كبيرة لصالح الحزب الحاكم في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في نوفمبر 2015.
وحصل حزب العدالة على 57 في المئة من الأصوات وهي ضعف النسبة التي حصل عليها حزب الشعب الجمهوري. وسجل حزب الحركة القومية اليميني المتشدد 11.2 بالمئة بينما جمع حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد 6 بالمئة.
شهدت تركيا نموا اقتصاديا كبيرا في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة لكن اعتقاد أردوغان بأن معدلات الفائدة المرتفعة تسبب التضخم، وهو عكس ما يرى معظم الاقتصاديين، منع البنك المركزي من اتخاذ إجراءات لكبح ارتفاع الأسعار وأدى إلى سقوط الليرة نظرًا لإحجام المستثمرين الأجانب عن دخول ما يرونها الآن سوقا أكثر خطورة.
لكن لا يزال لدى آخرين كثر ثقة في الحكومة.
وقال نضرة غورسيس (49 عاما) “صوتي يذهب دوما إلى طيب (أردوغان) وسأصوت له مجددا. إنني مرتاح معه. في عام 2001، لم أكن أقدر على توفير طعام طفلي وكان صاحب العقار يدق على بابي طالبا الإيجار. الآن حصلت على ما أردت. لذلك فالأمر جيد”.
ولمساعدة حزب الحركة القومية المتعثر أقرت الحكومة قانونا يسمح للأحزاب بإبرام تحالفات انتخابية. ورغم أن القانون ساعد حزب العدالة وحزب الحركة القومية على تشكيل تحالف “الشعب” الذي ينافس الآن في الانتخابات، فقد ساعد أيضا أحزاب المعارضة المنقسمة في العادة على تشكيل “تحالف الأمة” على عكس التوقعات.
ويتألف تحالف “الأمة” من حزب الشعب الجمهوري اليساري وحزب قومي جديد وحزب إسلامي.
ولأنه ربما شعر بالتراجع الاقتصادي الذي يتوقعه الاقتصاديون وعلى أمل مباغتة خصومه، دعا أردوغان إلى انتخابات مبكرة قبل 17 شهرًا من موعدها الأصلي.
وعبر محمد جوبلو نائب رئيس حزب الحركة القومية في أزمير عاصمة كوجالي عن ثقته.
وقال “بالنسبة لنا الدعوة إلى انتخابات مبكرة لم تكن مفاجأة وكنا نتوقعها. نحن نقف خلف زعيمنا وسوف ندعم تحالف الشعب حتى النهاية. وعملنا في الحملة يسير بشكل أفضل من المتوقع. وردود فعل الناس جيدة والكل يؤيد ويدعم تحالف الشعب”.
لكن آخرين ليسوا واثقين بهذه الدرجة في قدرة حزب العدالة والتنمية على تحقيق الانتصار الساحق الذي اعتاد الحزب الحاكم على رؤيته في كوجالي. فكثير من الناس في تركيا يشعرون باستياء من نظام محسوبية يجري فيه منح عقود حكومية لأنصار حزب العدالة والتنمية. ويقول الناس إن هذا النظام أوجد فسادًا.
وقال عمر الفاروق غرغرلي أوغلو المرشح البرلماني لحزب الشعوب الديمقراطي في كوجالي أجندة الانتخابات هي الاقتصاد. رأينا أن الناس تستمع باهتمام عندما نتحدث عن الاقتصاد. يوجد اقتصاد إيجاري بشكل مروع والمدينة نُهبت بشكل رسمي وأنصار حزب العدالة والتنمية يجنون المكاسب. هذا يقلق الناس”.
صعد مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إينجه الذي يتسم بحديثه المباشر كمرشح قوي وقد تمكن من منافسة أردوغان في خطبه الانتخابية الحماسية. ومنح استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة سونار إينجه المركز الثاني في السباق الرئاسي بنسبة تأييد تصل إلى 31 بالمئة.
وقال بكتاش جينار (57 عاما) وهو يجلس مع أصدقائه في مقهى “أؤيد محرم إينجه لأنه سيتمكن وقد تمكن من فضح رفقاء طيب (أردوغان)” مشيرا إلى أن حزب الشعب “يعمل لمنع السرقات والفساد إنهم يعملون من أجل تركيا”.
وقال يوسف أكبروت (58 عام) وهو يجلس أيضا بنفس المقهى “إنني أفضل أيضا محرم إينجه. يمكن أن أصوت لأي حزب إلا حزب العدالة والتنمية. ماذا أقول بعد ذلك؟
وعبر آخرون عن قلقهم بشأن إجراء الانتخابات في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ الانقلاب الفاشل في 2016 التي منحت الحكومة صلاحيات كاسحة ومنها سلطة إصدار المراسيم وأبعدت الكثير من إجراءات الرقابة والإشراف عن الأجهزة الأمنية.
وقد ألقي القبض على عشرات الآلاف من الناس في حملة يقول منتقدو الحكومة إنها استخدمت لاستئصال المعارضة من كل مكان.
وقال نهاد كرباجاك (54 عامًا) “سنذهب إلى الانتخابات ونحن في ظل حكم الطوارئ. وأحد الأسباب هو قلقنا بشأن احتمال سرقة أصواتنا”.
وأضاف “ليس عدلا أن يظل صلاح الدين دميرطاش مرشح حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في السجن وهو مرشح في الانتخابات الرئاسي”.
وتابع “إذا كانت توجد ديمقراطية في تركيا فهل هي من أجلنا جمعيا؟ لا هي ليست كذلك. لذلك وبكل صراحة سأمنح صوتي لحزب الشعوب الديمقراطي. صوت لدميرطاش وصوت لحزب الشعوب “.