بقلم: ماهر المهدي
عندما يخلو جيبك من كل شيء، عليك أن تبحث عما ينبت -من جهدك ومن تعبك ومما قد تحوز من القيمة- شيئًا طيبًا فى جيبك، فلا يهم أبدًا ما قد يحوز الآخرون أو يمتلكون، فهذا شأنهم وحدهم ولك شأنك أنت.
فما ينبت من تعبك ومن فكرك ومن قناعاتك ومن عمل يديك يبقى قطعة منك ويبقى امتدادًا لك اليوم وغدًا وبعد غد، ويمنحك ميلادًا جديدًا بين الأحياء.
عليك أن تبحث في قدراتك كلها من عقل وفهم وتعليم وخبرة وقوة بدنية عما يمكنك استخدامه في عمل مفيد مطلوب ويمكنه أن يدر عليك عائدًا يبث الدفء في قلبك ويثبت قدميك ويكسب يديك قوة وحزمًا ويشعل فكرك لتفهم نفسك وما حولك وتفهم قدراتك أكثر وتعمل أكثر وأفضل وتتقدم في اتجاه ما تصبو إليه من أهداف ومن حياة.
فإن صادف اعتمادك على نفسك هوا في نفسك وعملت به، فأنت في خير في كل الأحوال وأنت ملك لنفسك وقدرك في يديك في كل الأحوال، غنيًّا وفقيرًا، وأنت بعيد عن متناول محاولات التشتيت ومحاولات التخريب ومحاولات السيطرة على قرارك في كل شيء.
أما الحلول الأخرى التي تملئ جيبك فورًا بالدفء الغريب عليك الوارد من جيوب أخرى، فليست هذه بحلول حقيقية في الواقع وإنما هي عروض شراء وبيع بخصوص إرادتك وحريتك. وما قرارك في الحقيقة -في مواجهة الحلول الجاهزة- سوى قرار يتعلق بتنازلك عن إرادتك أو عن جزء منها بقدر ما تستدين، حتى ولو كانت الاستدانة من قريب عزيز.
فما كان حقًّا للغير لا يغادر زمتهم الى زمتك إلا بالحق وحتى تؤدى ما عليك كاملًا غير منقوص ولو أنفقت حياتك وحياة من حولك للسداد. نعم، ولو أنفقت حياتك وحياة من حولك، فالدنيا تتغير كموج البحر ولا يسلم في البحر جهد ضئيل منثور باهت أبدًا مهما حدث.
وكلما انفلتت عرى جهدك، كلما طال الطريق وزادت المشقة وارتفع الثمن وحقق الغير هدفه ووضع إرادتك في حوزته تو في حوزة آخرين. فالصراع ليس فقط صراع بقاء، ولكنه أيضًا صراع على السيطرة والسؤدد.
ولن ترضى أنت أبدًا ولا من حولك ومن بعدك وإرادتك في حوزة غيرك، لأنك يومًا ما فضلت أن تترك صبرك وجهدك وعرقك إلى تحقيق أحلام سريعة بيد غيرك. الحاجة من الداخل والغنى من الداخل