القاهرة (زمان التركية)ــ يزور الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير مصر على مدار يومي 10 و12 سبتمبر، وهي أول زيارة لرئيس ألماني إلى البلاد منذ 24 عامًا.
وتهدف الزيارة إلى “تعزيز الشراكة طويلة الأمد في التعليم والعلوم والأعمال وتعميق العلاقات الثنائية، لا سيما بالنظر إلى الدور المهم الذي تلعبه مصر في السياسة الخارجية والأمنية الإقليمية، وخاصة كوسيط وسط الأزمات الحالية في الشرق الأوسط”، بحسب السفارة الألمانية في القاهرة.
وبحسب السفارة الألمانبة في القاهرة، فإن برنامج الزيارة يشمل لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، يليه مؤتمر صحفي مشترك، كما سيزور عددا من المشروعات التعاونية الرئيسية، بما في ذلك محطة قطار العاصمة الإدارية الجديدة.
كما سيتضمن البرنامج استكشافًا ثقافيًا يشمل مواقع تاريخية مثل سقارة والمدينة الإسلامية، إلى جانب المشاركة في المؤسسات التعليمية مثل الجامعة الألمانية الدولية (GIU) والمدرسة الألمانية في القاهرة (DSB)، وهي واحدة من أقدم المدارس الألمانية المعترف بها خارج ألمانيا.
ويشير الدبلوماسي أيمن زين الدين فب تفرير لـ (الأهرام ويكلي) إلى أن كون الزيارة للرئيس الألماني وليس المستشارة يعني أنها زيارة رمزية، وأن أهداف الزيارة تتمثل في إظهار اهتمام ألمانيا بتعزيز علاقاتها مع مصر وإرسال رسائل حول قوة العلاقات الثنائية وليس اتخاذ قرارات على المستوى التنفيذي.
وقال زين الدين إن “الزيارات الرئاسية الألمانية في أغلب الأحوال تتضمن وفوداً تجارية لتعزيز المصالح الاقتصادية وليس العمل السياسي”. وذكر بيان صادر عن مجلس الوزراء المصري أن شتاينماير سيرافقه وفد من رجال الأعمال الألمان الذين يسعون إلى استكشاف فرص الاستثمار في مصر.
وتعليقاً على توقيت الزيارة، قال زين الدين إنها تأتي في وقت تدرك فيه ألمانيا أن انحيازها لإسرائيل بشأن الوضع في غزة أثر سلباً على صورتها في العالم العربي.
وأوضح أن “انحيازها القوي ودعمها لإسرائيل يتناقض مع رؤية العالم لها كدولة ملتزمة بقيم العدالة والإنسانية واحترام القانون وعدم استخدام القوة في العلاقات الدولية”.
لقد أدانت ألمانيا الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، كما فعلت أغلب القوى الغربية. ولكن الفظائع التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك، والتي وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية، لم تغير من الدعم الألماني لإسرائيل.
في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال المستشار الألماني أولاف شولتز أمام البوندستاغ، البرلمان الألماني، “في هذه اللحظة، لا يوجد سوى مكان واحد لألمانيا: إلى جانب إسرائيل”. وأضاف أن “أمن إسرائيل هو “سبب دولة” بالنسبة لألمانيا”، في إشارة إلى المصلحة الوطنية الأساسية لألمانيا.
وبعد مرور أحد عشر شهراً، لم يتغير شيء، بحسب زين الدين. وأشار إلى أن تصريحات ألمانيا بشأن هذه القضية غامضة ولا تدين إسرائيل مطلقاً. وأشار إلى أن أقصى ما تقوله وزارة الخارجية الألمانية هو أن “الوضع في المدن الفلسطينية غير مقبول”.
وفي تعليق نشره موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية المملوكة للدولة دويتشه فيله في شهر مايو/أيار الماضي، أوضحت ألمانيا أن إسرائيل تتحمل مسؤولية خاصة، حيث أسستها الحركة الصهيونية كدولة يهودية بعد ثلاث سنوات فقط من “قتل ألمانيا المنهجي لستة ملايين يهودي أوروبي والعديد من المجموعات الأخرى في الهولوكوست”.
“وهذا يجعل التزام ألمانيا تجاه إسرائيل أكثر من مجرد هدف سياسي؛ فهو جزء أساسي من شعور البلاد بذاتها”، بحسب المقال.
ومع ذلك، تمكنت ألمانيا ومصر من التوصل إلى العديد من نقاط الاتفاق. فمصر واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة الألمانية، حيث اشترت أسلحة بقيمة 4.3 مليار يورو في عام 2021 وحده، على سبيل المثال.
وأضاف زين الدين أن «ألمانيا لديها تفوق في بعض الأسلحة التي يحتاجها الجيش المصري مثل الغواصات، ولهذا السبب تشكل الغواصات نسبة عالية من الصادرات الألمانية إلى مصر».
حصلت مصر على أربع غواصات تعمل بالديزل والكهرباء من ألمانيا خلال الفترة من ديسمبر 2016 إلى أغسطس 2021.
بالإضافة إلى الغواصات، تستورد القاهرة البوارج والزوارق الدورية المصنوعة في ألمانيا، فضلاً عن الصواريخ والقذائف والطوربيدات وأجهزة مكافحة الحرائق وأجهزة التصويب وأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.
كما أظهرت الدولتان تعاوناً في التعامل مع مشاكل اللاجئين في المنطقة. ورغم أن ألمانيا ليست دولة أوروبية تطل على البحر الأبيض المتوسط مثل إيطاليا أو فرنسا أو اليونان، والتي تستقبل اللاجئين عادة عن طريق البحر، فإن دورها في التعامل مع مشكلة اللاجئين المتجهين إلى الاتحاد الأوروبي محوري، كما قال زين الدين.
ألمانيا هي أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان والاقتصاد، مما يجعلها وجهة نهائية مفضلة للاجئين الذين يستهدفون الاتحاد الأوروبي. وقعت ألمانيا ومصر اتفاقية الحوار الثنائي بشأن الهجرة في أغسطس 2017، حيث تسعى الدولتان إلى العمل معًا لمعالجة الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص إلى الهجرة بشكل غير قانوني إلى أوروبا، وشددتا على أهمية الاستثمار في التدريب المهني للشباب.
وتتضمن الاتفاقية تعزيز التعاون الاقتصادي ودعم قطاع التعليم المصري وتوفير منح دراسية إضافية للشباب المصري للدراسة في ألمانيا.
وعلى المستوى الاقتصادي، ارتفع حجم التبادل التجاري الألماني من 5,5 مليار يورو في عام 2022 إلى 6,8 مليار يورو في عام 2023، على الرغم من التحديات المتعلقة بسيولة النقد الأجنبي.
“بعد الانخفاض الحاد في عدد الرحلات السياحية الألمانية إلى مصر خلال جائحة كوفيد-19 في عامي 2020 و2021، ارتفع عدد السياح الألمان إلى البلاد بشكل كبير مرة أخرى في عام 2022 إلى ما يقرب من 1.3 مليون زائر”، حسبما ذكر موقع وزارة الخارجية الألمانية.
“وهذا يعني أن الألمان أصبحوا مرة أخرى أكبر مجموعة من السياح الأجانب إلى مصر في عام 2022، كما كانوا قبل الوباء.”
وأضاف الموقع أن مصر، التي تبلغ قيمتها 1.6 مليار يورو في شكل قروض وإعانات تركز على التوظيف لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، بما في ذلك تنمية القطاع الخاص، وقطاع المياه وإدارة النفايات، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، تعد “واحدة من أكبر الدول الشريكة للتعاون الإنمائي الألماني”.
وتنفذ شركة سيمنس موبيليتي حاليا مشروعا تاريخيا لبناء شبكة جديدة للسكك الحديدية عالية السرعة بطول 2000 كيلومتر تمتد من مرسى مطروح إلى العين السخنة وسفاجا وأبو سمبل. ومن بين الاستثمارات الجديدة الأخرى مصنع للأجهزة المنزلية على أحدث طراز من قبل شركة بوش سيمنس للأجهزة المنزلية في مدينة العاشر من رمضان والذي من المقرر أن يكون جاهزا بحلول نهاية هذا العام، ومحطة حاويات جديدة في دمياط من قبل يوروجيت وهاباج لويد، والتي ستكون مركزا جديدا لإعادة الشحن لشرق البحر الأبيض المتوسط اعتبارا من عام 2025.
وأشار بيان لمجلس الوزراء المصري الأسبوع الماضي إلى أن الاستثمارات الألمانية في مصر موزعة على 1620 شركة تعمل في كافة القطاعات الاقتصادية وتساعد في نقل التكنولوجيا وتشغيل آلاف العمال.
ونقل البيان عن أليكسيس بيلو، رئيس القسم الاقتصادي بالسفارة الألمانية بالقاهرة، قوله إن بلاده تخطط للاعتماد بشكل متزايد على إمدادات الطاقة من المصادر المتجددة في مصر، وخاصة قطاع الهيدروجين الأخضر.
وقال إن مصر قطعت خطوات كبيرة في هذا القطاع بإطلاق استراتيجية وقانون لتنظيم الحوافز، ما يؤهلها للاقتراب من هدفها بتغطية 8% من احتياجات الهيدروجين الأخضر عالميا، مؤكدا اهتمام الجانب الألماني بدعم جهود التنمية في مصر سواء بتوفير التمويل أو ضخ استثمارات جديدة.
وتصدرت الشركات الألمانية المستثمرة في مجال الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، عناوين الأخبار في مصر خلال العامين الماضيين.
وعلق زين الدين قائلا “إن أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص مهتمتان للغاية بالتحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة الأكثر نظافة واستدامة”. وأضاف أن التعاون المصري الألماني في قطاع الطاقة المتجددة يعود إلى أوائل التسعينيات، عندما شاركت ألمانيا في التخطيط لمزارع الرياح في الزعفرانة بالإضافة إلى المساعدة في أبحاث الطاقة الشمسية.
وفي يوليو/تموز، اختارت مبادرة H2Global، الممولة من قبل الوزارة الاتحادية الألمانية للشؤون الاقتصادية والعمل المناخي (BMWK)، عرضا بقيمة 397 مليون يورو من مجموعة فيرتيجلوب الإماراتية لتزويد الاتحاد الأوروبي بالأمونيا الخضراء المنتجة في منشآتها المصرية بين عامي 2027 و2033 وتأمين 10% من احتياجات ألمانيا السنوية من الأمونيا.
يأتي ذلك بعد عام تقريبا من توقيع مصر على اتفاقية مبادلة الديون مع ألمانيا، والتي تتنازل بموجبها الأخيرة عن 54 مليون يورو من الديون المصرية، شريطة أن تستخدم مصر المبلغ المعادل بالعملة المحلية لتمويل مشروع ربط مزرعتين للرياح بقدرة 500 ميجاوات بالشبكة الكهربائية، مما يساعدها على تحقيق تعهدها بتوليد 42 في المائة من إجمالي الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
ومن المقرر أن يتفقد الرئيس الألماني خلال زيارته هذا الأسبوع مشروع تجديد سوق الأسماك في جزيرة الذهب بالجيزة، والذي يتم تمويله من قبل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وهي وكالة تنمية.
يهدف المشروع إلى تعزيز كفاءة وجودة سوق الأسماك المحلي من خلال تحديث الأكشاك، وتعزيز الدورة الشاملة، وتطوير شبكات المرافق الأساسية، وتحسين جمع القمامة، وتحسين مظهر الداخل والخارج للمساحة، واستكشاف خيار إضافة خدمات ومرافق جديدة.