أنقرة (زمان التركية) – مع اقتراب عيد الأضحى، تشهد أسواق الماشية ارتفاعاً صاروخيًّا في الأسعار يكشف عن الانخفاض الحاد في القوة الشرائية للمواطنين. فبينما كان العامل بأجرٍ أدنى يستطيع شراء أضحية من صغار المواشي بنصف راتبه في 2019، أصبح اليوم عاجزاً عن تحقيق ذلك حتى براتبه الكامل في 2025، مما يعكس مدى التدهور الاقتصادي خلال نصف عقد فقط.
في 2019، كان صافي الأجر الأدنى 2,020 ليرة تركية، بينما بلغ الحد الأدنى للمعاش التقاعدي حوالي 2,500 ليرة. آنذاك، تراوح سعر رأس الغنم بين 1,000 و1,500 ليرة، بينما كانت تكلفة الذبح بالوكالة أكثر معقولية بحوالي 890 ليرة. أي أن العامل بأجر أدنى كان يستطيع شراء أضحية وتغطية احتياجاته الأساسية من راتبه.
أما اليوم، فالوضع كارثي: الأجر الأدنى 22,104 ليرة، وأدنى معاش 14,469 ليرة، لكن أسعار الأضاحي تجاوزت هذه المستويات بكثير. حيث قفزت أسعار صغار المواشي إلى 12-20 ألف ليرة، بينما وصلت أسعار أسهم الأبقار الكبيرة إلى 20-30 ألف ليرة. حتى تكلفة الذبح بالوكالة التي أعلنتها رئاسة الشؤون الدينية بلغت 13,500 ليرة محلياً، مما يعني أن التقاعدي الذي بالكاد يعيش على معاشه لن يستطيع تحمل هذه النفقة دون حرمان.
صوت الشارع: “اللحوم حلم والأضحية معجزة“
تعكس آراء المواطنين في الشارع عمق الأزمة، حيث يؤكد أغلبهم عدم قدرتهم على الذبح هذا العام. تعليقات مثل “شراء اللحوم أصبح حلماً، فما بالك بالأضحية” تتردد بقوة، في تناقض صارخ مع تصريحات المسؤولين عن “نجاح البرنامج الاقتصادي”.
رغم أن الأجر الأدنى زاد 8 أضعاف خلال 5 سنوات، إلا أن أسعار الأضاحي قفزت 10-12 ضعفاً، ساحقةً القوة الشرائية للمواطن. هذه المفارقة تكشف كيف تحولت حتى الواجبات الدينية الأساسية إلى عبء مالي ثقيل في ظل غياب سياسات حقيقية لدعم الدخل. المشهد لا يترك مجالاً للشك: الاقتصاد التركي يعاني اختلالات هيكلية عميقة، والأكثر تضرراً هم الفئات محدودة الدخل التي باتت عاجزة عن تلبية أبسط متطلباتها.