بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ على مساحةٍ ضخمةٍ تتخطّى المليون وستمائة كيلومترٍ مربّع، هي مساحة إيران، تجري كلُّ الحسابات التي تكشف عن خيارات كثيرة أمام إيران، إلّا الهزيمة. وتتابع المواجهةُ الأمريكية مع دول العالم في حروبٍ تجارية وغير تجارية، مما قد يَحرِم الجانبَ الأمريكي من تعاطف عددٍ متزايدٍ من دول العالم، ويمنح إيران تعاطفًا دوليًا لم تَجِده من قبل. وربما لم تتوقّع إيران تعاطفًا دوليًا معها في مثل هذا الوقت، وفي مثل هذه الظروف، مطلقًا.
كذلك، فإنّ تتابُع مظاهر الاجتراء على رموز النظام العالمي من المؤسسات المختلفة، وأهمّها: الأمم المتحدة، ووكالة الطاقة الذرية، ومنظمة التجارة العالمية، يأخذ من بَهاءِ صورة الولايات المتحدة الأمريكية – كأعظم وأكبر دولة في العالم – ويستميل كثيرًا من الشعوب إلى بَعيد، وإلى شواطئ أخرى، غير شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية الجميلة. وقد يدفع هذا الاجتراء كثيرًا من الشعوب إلى النظر في احتمالاتٍ لم يكن الفكر السائد ليتطرّق إليها، أو حتى يقبلها كأطروحاتٍ فيما مضى.
إنّ الولايات المتحدة بلدٌ عظيم، وكذلك الرئيس دونالد ترامب رجلٌ عظيم، ناجحٌ على مستوياتٍ كثيرة، شخصيةٍ ومهنية؛ ولذلك ينبغي أن تكون خيارات الولايات المتحدة الأمريكية وتصرفاتها من نوعيةٍ تعكس تلك المكانة وتلك السيادة.
كذلك، فإنّ إيران بلدٌ عريق، متقدّم، كبير، وذو أهميةٍ إقليميةٍ لا خلاف عليها، ولا يمكن له أن يُهزم قبل أن يذوق الموت. فهذا شأنُ كلِّ كريمٍ أبِيٍّ، له تاريخ، وجاء من أسرةٍ ومن بيت، ولم يأتِ أمس من عارضةِ الطريق. فلا يظنّن أحدٌ أن البلاد العريقة تخاف أو تتراجع أمام التهديد والوعيد، فهذا ظنٌّ خائب.
والأفضل للجميع، في كل مكان، محاولةُ التفكّر، ومحاولةُ طرح حلولٍ ومخارجَ معقولةٍ يمكن نقاشُها، والتوصّل بها إلى تسوياتٍ مرضيةٍ للجميع. ففوز جميع الأطراف هو الفوز الأمثل، وهو المخرج الوحيد، خاصةً بعد سقوط كلِّ الحواجز الحائلة بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، واندلاع الحرب المباشرة التي خشيها الجميع لعقودٍ مضت.
ومن الواضح والمُعلَن أنّ السياسة الخارجية الإيرانية تقوم على المواجهة والتحدّي، ولا تعتمد الخنوع أسلوبًا، وهو الأسلوب الذي أثبت نجاحه منذ أكثر من أربعين عامًا وحتى الآن. وفي الغالب الأعم، ستكون الحرب الإيرانية–الإسرائيلية–الأمريكية طويلة، ممتدّة، ومتقطّعة أو متّصلة – ربما لسنواتٍ قادمة – ومن الصعب التنبؤ بنهايةٍ لها الآن.