أنقرة (زمان التركية) – شهدت تركيا أمس الاثنين، موجة غضب واسعة النطاق إثر نشر مجلة “ليمان” الساخرة رسماً كاريكاتيرياً أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ودفع السلطات للتحرك السريع.
ليمان وهي الفرع التركي للمجلة الفرنسية “شارلي إيبدو”، نشرت شخصيتين باسم “محمد” و”موسى” فوق مدينة تتعرض للقصف، وهما يتبادلان التحية ويتصافحان، وفي الكاريكاتير يقول الشخص الأول “السلام عليكم أنا محمد”، فيرد الشخص الثاني “عليكم السلام أنا موسى”.
بعد ظهور الكاريكاتير، دعا مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المدعين العامين للتحرك، لاعتقادهم أن من يظهر في الكاريكاتير هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم والنبي موسى عليه السلام.
تحقيق فوري واعتقالات
وأعلن وزير العدل، يلماز تونتش، عن بدء تحقيق رسمي ضد مجلة “ليمان” بتهمة “الإهانة العلنية للقيم الدينية”. وأكد تونتش أن مثل هذه الرسوم لا تضر بالقيم الدينية فحسب، بل تهدد السلام الاجتماعي أيضاً.
ولم يقتصر الأمر على التحقيق، فسرعان ما أعلن وزير الداخلية، علي يرلي كايا، عن اعتقال الرسام المدعو “د. ب.” الذي نفذ الكاريكاتير، بالإضافة إلى مصمم الجرافيك “ج. أو.”. وقد أظهرت مقاطع فيديو نشرها الوزير، لحظة اعتقالهما مكبلي الأيدي من الخلف، في خطوة تعكس جدية السلطات في التعامل مع القضية.
ردود فعل شعبية ورسمية على كاريكاتير ليمان
تصاعدت حدة التوتر مع دعوات للاحتجاج، حيث اقتحمت مجموعات غاضبة مبنى المجلة في منطقة بيوغلو بإسطنبول، بينما تعرض العديد من رسامي المجلة لحملات استهداف على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعبر وزير العدل تونتش عن رفضه القاطع لهذا العمل، مؤكداً أن “لا حرية تمنح الحق في السخرية من مقدسات أي دين بطريقة بذيئة”.
مصادرة مجلة “ليمان”
لم تكتفِ السلطات بالاعتقالات، فقد أصدر مكتب المدعي العام الجمهوري في إسطنبول قراراً بجمع ومصادرة العدد الأخير من مجلة “ليمان” الصادر في 26 يونيو، وبدأت الإجراءات لحظر الوصول إلى حسابات المجلة على وسائل التواصل الاجتماعي. كما صدرت أوامر اعتقال بحق أربعة أشخاص آخرين من فريق المجلة، بينهم رئيسي تحرير ومدير التحرير المسؤول، بتهمة “التحريض على الكراهية والعداوة”.
في ظل تصاعد الغضب، دعا والي إسطنبول، داود جول، المواطنين إلى التحلي بضبط النفس وعدم الانجراف وراء الاستفزازات. وقال جول في بيان: “هذه الهجمات البشعة ليست أبدًا فكرًا أو فكاهة، بل هي استفزازات متعمدة ومنهجية تستهدف معتقداتنا مباشرة”. وشدد على ضرورة الالتزام بالمسار القانوني في الدفاع عن القيم الدينية، محذراً من الوقوع في فخ المحرضين.
وفي أعقاب قرارات الاحتجاز، نشرت مجلة ليمان بيانا توضيحيا عبر X، قالت فيه: أراد الرسام الكاريكاتيري تصوير عدل الشعب المسلم المظلوم بتصوير مسلم قتلته إسرائيل، ولم يقصد قطّ الإساءة إلى القيم الدينية. نحن لا نقبل الوصمة التي أُلصقت بنا، لأنه لا يوجد تصوير لنبينا. لا بد أن يكون المرء خبيثًا جدًا ليفسر الكاريكاتير بهذه الطريقة”.
يذكر أن مجلة ليمان سبق وأن نشرت رسوما كاريكاتورية ساخرة للرئيس رجب طيب أردوغان، أما مجلة “شارلي إيبدو” فنشرت في الماضي رسما كاريكاتوريا مسيئا للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أثار حالة غضب عارمة في الدول الإسلامية.