بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)- لا يمكن لجهازٍ ما – في شركةٍ أو في مصنعٍ مثلًا – أن يعمل بالإكراه والإرهاب الإداري، اعتمادًا على خوف عناصر العمل، كبيرهم وصغيرهم، على استقرار حياتهم الخاصة، وعلى مستقبلهم من التعرض لاضطرابات غير طبيعية وغير متوقعة، وربما يصعب مواجهتها في الوقت المناسب. فالخوف يأتي بنتائج مضلِّلة ومخالفة للواقع – ولو بدت إيجابية بوضوح – ولا يُسهم في خدمة مشروع اليوم، ولا يبني مشروع الغد.
والمناورات والمناورات المضادة – في إطار دائرة العمل بين مسؤولي الإدارة في المواقع المختلفة – ليست إلا جزءًا من نتائج الخوف من التعبير عن الرأي، والخوف من تحمُّل المسؤولية المهنية، وإيثار التوجه إلى “ركل” مسائل الرأي والتطوير إلى الغير – بطريقة لطيفة – ليخرج الأول من دائرة المساءلة، ويبقى ناصع الصفحة، خالي البال، ويتعثر الآخر في الخيارات الصعبة بلا جريرة.
فإذا عبّر الثاني عن رأيه، دخل في مواجهات مع جهة الإدارة، ومع عنصر العمل محلّ التقييم – رغم أنه يقوم بواجبه فقط لا غير – ويفقد الكثير من وقته وجهده وأعصابه في معركته مع الجمود والوساطة والمحسوبية والمصالح وأصحاب المصالح. وفي مراتٍ عديدة، ينتصر الجمود، وفريقه من الوساطة والمحسوبية والمصالح والنسب، ويبقى الحال على ما هو عليه. والبقاء “على ما هو عليه” هو حالة تراجع وتقهقر إلى الخلف.
إن عملية التقويم تتعلق في الأساس بأصحاب الأداء المستقيم، الذين يسعون إلى الحفاظ على وظائفهم، ويجتهدون في الحفاظ عليها، ويبذلون قصارى جهدهم للارتقاء في السُّلَّم الوظيفي في كل عمل. والتقويم لمن يعرفون معنى شرف المهنة، وتكفيهم نظرة لومٍ واحدة ليعرفوا أنهم ارتكبوا خطأ، أو أخطاء، تحتاج إلى تصحيح، ويحتاجون هم إلى مراجعة أنفسهم.
وليس التقويم لمن لا يملكون أصلًا مقومات العمل وأسبابه، ويعتمدون على المراوغة والمصالح والمحسوبية والنسب وشراء الذمم في حياتهم المهنية، للتقدُّم إلى الأمام دون افتضاح أمرهم أمام الجميع. وفي سبيلهم إلى هذا التقدُّم الزائف، يعتمد المفلسون على المكابرة وعلى الجدل الفارغ من المحتوى، ولا يعترفون أبدًا بأنهم مخطئون، رغم أنهم لا يعرفون كثيرًا عمّا يتصدّون له في عملهم، ولا تنتهي أخطاؤهم.
⸻