أنقرة (زمان التركية) – في رسالة مفتوحة مؤثرة، اتهم الدكتور صخر حمد، مدير مستشفى كمال عدوان في غزة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالصمت والتخاذل في مواجهة المجازر والحصار الذي تتعرض له غزة، قائلاً: “لقد خدعتنا بوعودكم”.
نشر الدكتور صخر حمد، الذي يعمل في شمال قطاع غزة، رسالته الموجهة إلى الرئيس أردوغان عبر الصحفي الغزاوي محمد أبو طاقية. وتضمنت الرسالة اتهامات لتركيا بالصمت أمام الدمار والحصار في غزة.
وقال الدكتور حمد في رسالته إنهم كانوا يرون تركيا دائمًا تقف في صف المظلومين، لكنهم شعروا بالخذلان خلال المجازر الأخيرة في غزة. وكتب: “سيدي الرئيس، كنا نعلم أنك مع المظلومين، لكن رؤية تركيا تتراجع -بالصمت أو عدم الفعل على الأقل- في أحلك لحظات غزة، أحزنتنا بعمق”.
وأكد الدكتور حمد أن غزة تتعرض لهجمات وحصار شديدين منذ أكثر من 600 يوم، ووصف الدمار الإنساني قائلاً: “سقط آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى. يتم إبادة شعب بالنار والجوع والحصار. والله، سيدي الرئيس، لم نطلب منكم دعمًا عسكريًا، كل ما أردناه هو الماء والغذاء وممر للمساعدات الحقيقية. لكن بينما كان الظالمون يتلقون كل أنواع الأسلحة، لم تتمكنوا من إيصال زجاجة ماء أو قطعة خبز واحدة إلينا”.
ذكّر الدكتور حمد بكلمات أردوغان السابقة الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكتب في رسالته: “في يوم من الأيام قلت لنتنياهو: ‘كم عدد الأشخاص الذين تريد أن يموتوا لتوقف هذه الحرب؟’ التاريخ سيكتب: ‘(تم ذبح غزة في عهد الرئيس أردوغان ولم يتم منع ذلك)’. حبنا لك كان في سبيل الله، ولكنك اليوم مثل بقية القادة في العالم الإسلامي. لقد قُتل أكثر من 60 ألف شخص، وأنت تشاهد فقط. لم تتجاوز كلماتكم حناجركم، وللأسف، لقد خدعنا”.
النص الكامل للرسالة
“قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” (التوبة: 105).
“سيدي الرئيس، أحببناك، وتمنينا لك دائمًا النصر، وأردنا منك أن ترفع راية الحق، وكنا نراك دائمًا مع المظلومين، ولكن…
بعد كل هذا القتل والتهجير والجوع، صدمنا وأحزننا بشدة أن نرى تركيا تتراجع -بالصمت أو عدم الفعل على الأقل- في أحلك لحظات غزة، وأننا تُركنا وحدنا أمام أشد الجيوش النازية وحشيةً في العالم، جيش الاحتلال الإسرائيلي.
سيدي الرئيس، دعك من مبادراتكم الدبلوماسية في المحافل الدولية؛ لأنها منذ الماضي وحتى اليوم لم تستطع إيقاف نزيف الدم أو منع المجازر. أنت احترمت القانون الدولي، فأين قانون الله؟ وأين سنة نبيّه (صلى الله عليه وسلم)؟
ألم تسمع قول نبينا الحبيب (صلى الله عليه وسلم):
‘من خذل مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، خذله الله في موضع يحتاج فيه إلى نصرته. ومن نصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، نصره الله في موضع يحتاج فيه إلى نصرته’.
في غزة، وتحت القتل والدمار والحصار الذي يستمر لأكثر من ستمائة يوم، سقط آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى. يتم إبادة شعب أمام أعين العالم، من جهة بالنار ومن جهة أخرى بالجوع والحصار. ألا ترون ذلك؟ أليس استمرار هذا الظلم هو إعطاؤنا الظهر؟
أين الأخوة الإيمانية التي أمر بها الله؟ أين واجب الأخوة الذي تتحدثون عنه في خطاباتكم؟ أين المسؤولية المفروضة عليكم تجاه المسجد الأقصى والأراضي المقدسة؟
والله، سيدي الرئيس، لم نطلب منكم دعمًا عسكريًا -وهو حق لنا- بل طلبنا فقط الماء والغذاء وممرًا للمساعدات الحقيقية وخطوات تمنع الظالم وتنقذ المظلوم. ولكن بينما قام الظالمون بإيصال كل الأسلحة وعوامل الدعم للمجرمين والظالمين، لم تتمكنوا من إيصال زجاجة ماء أو قطعة خبز واحدة إلينا..!
بماذا سنسائلك أمام الله؟ بدماء أطفالنا؟ بالمجازر؟ أم بصمتكم الفعلي؟
في يوم من الأيام قلت لنتنياهو: ‘كم عدد الأشخاص الذين تريد أن يموتوا لتوقف هذه الحرب؟’
اليوم أنا أسألك: كم شهيدًا آخر يجب أن نقدمه لتتخذ موقفًا مثل السلطان عبد الحميد؟
التاريخ سيكتب: ‘(في عهد الرئيس أردوغان، تم ذبح غزة ولم يتم منع ذلك)’.
هذه الكلمات هي كلمات عتاب من محب وثق بك وانتظر منك المساعدة. نحن لا نحاسب من لا نحب.
حبنا لك كان في سبيل الله، لكنك اليوم مثل بقية القادة في العالم العربي والإسلامي.
قد نكون ضعفاء في الساحة الدولية ووفقًا للحسابات العالمية؛ لكننا أقوياء جدًا جدًا أمام الله وبمساعدته.
مكان لقائنا هو المكان الذي لا تضيع فيه الحقوق… إنه حضرة الله…
ليشهد الله أنك خذلتنا، وإننا نعلنك خصمًا لنا أمام الله.
على الرغم من كل حبنا، تم تدمير غزة في عهدك.
قُتل أكثر من 60 ألف شخص، وأنت تشاهد فقط…
النصر من الله، وليس من البشر.
كلماتكم وخطاباتكم لم تتجاوز حناجركم…
للأسف، لقد خدعنا…
أخيرًا، يا أخي الحبيب؛ أحذّرك من أن تكون من الذين ورد ذكرهم في هذه الآية الكريمة:
“لَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ…”
وأحذّرك أيضًا من أن تكون من الذين ورد ذكرهم في قول نبينا عن أمته:
“ييوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل”…
أسأل الله ألا يتركك وحيدًا في هذا الامتحان.
مع خالص التحية والدعاء..
د. صخر حمد
مدير مستشفى كمال عدوان
فلسطين – غزة – شمال غزة.