القاهرة (زمان التركية)ــ القتل عمل آثم عظيم الجرم، والاختلاف وارد، والحساب مطلوب، والاحترام للجميع ولو اختلفوا معنا واختلفنا معهم.
الحساب والعقاب واردان -وفقًا للنظم المتبعة والقوانين- ولكن توجيه الإهانة الشخصية لا يوجد له مبرر -في القوانين والأعراف والأديان ومختلف الفلسفات المتبعة- ويجب الأحجام عنه وعدم الوقوع في براثنه ولو ظننت نفسك بعيد المنال ومحصن الجانب، فهناك من الناس من تحبهم وتحب ألا يمسهم السوء وألا يدفعوا ثمن كراهية الناس لك ولأفعالك. فالناس تعلم ما اقترفت وتقر بما تستحق من عقاب -اذا كانت محلًّا للعقاب- ولكنها لا تغفر الإهانة الشخصية والإهانة الماسة بمن يحبون ويقدرون أبدًا. ولا يستطيع الناس تجاهل ألم الإهانة الشخصية في أنفسهم وفي قلوبهم حتى تتحقق العدالة ولو تأخرت.
في هذا السباق ومن متابعة أقوال قتلة الرئيس الراحل أنوار السادات، يتضح الدور الكبير الذي لعبته الإهانة الشخصية التي وجهها الرئيس السادات إلى بعض القيادات الدينية المصرية في ذلك الحين، جنبًا إلى جانب مؤثرات أخرى أسهمت جميعها في تعبئة قلب الملازم أول خالد الإسلامبولي بالكراهية والضغينة الفائرة التي صدته عن رؤية المستقبل الطيب أمامه وصرفته عن استشراف حياة ناجحة ودفعته الى إلقاء كل شيء إلى أمواج الغضب والاعتداء الإجرامي. وأقدم خالد على اقتراف جريمة القتل غير عابئ بما يصيبه وغير عابئ بما يصيب أسرته وأهله من بعده، وغير عابئ بما يصير في البلاد من جراء القضاء على رئيس الدولة والفوضى والانهيار المفاجئ -على مرأى ومسمع من العالم- على الاستقرار وعلى الأمن في مصر وعلى الاقتصاد المصري وعلى حاضر ومستقبل الشعب المصري. فجاء قرار خالد الاسلامبولى الشخصي بقتل الرئيس السادات قرارًا ضالًّا أنانيًّا إلى أبعد مدى على كافة المستويات. وخسر خالد حياته وكذلك خسر الذين ساعدوه في ارتكاب جريمته حياتهم مبكرًا، ولم يعيشوا ليروا شيئًا طيبًا في حياتهم، ولم يتركوا خلفهم أثرًا طيباً يذكر لهم على مدى الأيام .
إن التعبير عن الرأي هام ومفيد وحتمي لتقدم الحياة بشكل متزن، لأنه لا يوجد من يرى كل زوايا الحياة، ويشعر بكل مشاعر البشر المتناقضة، وتمر برأسه كافة أفكار وأطروحات البشر. وتوجيه الإهانة الشخصية إلى الغير خطأ كبير في حق المرء ذاته، ولا ينبغي لأحد الوقوع فيه ولا يرجى من ورائه سوى الشر والسوء، خاصة إذا صدرت الإهانة من صاحب منصب. فإن غلبتك مشاعر الغضب وأهنت أحدًا في نفسه أو في أهله -حتى ولو كان بسيط الحال- فلا أقل من أن تسارع إلى الاعتذار والاعتذار الكثير الصادق الطوية حتى لا تتسرب الإهانة في القلب وتغلغه وتغلقه على كراهية ورغبة في الانتقام.