بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية) ـ ليس أجمل ولا أسعد في قلب المرء وفي عينيه من رؤية إحدى الفرق الرياضية القومية تشارك في بطولة عالمية، وسط أفضل الفرق العالمية، بمظهر طيب، وبثبات وثقة تعكس حسن الاختيار للعناصر الممثلة للفريق، وللجهازين الفني والإداري القائمين على العناية بالفريق وتدريبه وتطويره وقيادته في رحلته الشاقة والهامة إلى اكتساب الخبرات، وتعظيم الإمكانات، وتحقيق الإنجازات الطيبة، وإحراز البطولات أيضًا، ولو بدت بعيدة المنال صعبة المسار.
فكل طيب صعب، وكل حلم جميل قد يبدو بعيد المنال كثير المطالب، ولكنه في النهاية يخضع للعاملين الجادين الطامحين إلى العُلا، وإلى القيادة، وإلى تقدم الجميع في حياتهم الخاصة وعلى المستوى العام.
ورؤية أداء المنتخب الوطني المصري لكرة القدم، المشارك في بطولة العالم تحت سن العشرين في جمهورية تشيلي، تُشعر المرء بالسعادة الغامرة حقًا، وتضيف إلى مخزونه من الآمال ومن الثقة الوطنية العزيزة والهامة في مسار الوطن نحو الغد.
فمجرد الوصول إلى المشاركة على هذا المستوى كان حلمًا لفرق أخرى أجنبية لم تُفلح في اجتياز العقبات، وتحمل الصعاب، والتغلب على ما واجهته من تحديات مختلفة. ثم إن القدرة على التأقلم مع بيئة جديدة للمنافسة في أسرع وقت هي قدرة جديرة بالملاحظة والإشادة، لأنها تستلزم مجهودًا جماعيًا فطنًا منسقًا، مسددًا، سريعًا وثابتًا في ذات الوقت الذي تُجرى فيه جهود التخطيط ودراسة المنافسين.
كما أن القدرة على استيعاب الدروس، وتدارك الأخطاء، وتجاوز اللوم والغضب والحزن في وقت قياسي إلى رؤية واضحة، وحالة قتالية صافية لا ترى إلا الفوز خيارًا، هي قدرة فريدة. وهي خاصية لا تطيع إلا أصحاب الإمكانات الخاصة من الأبطال الجديرين بالثقة والتقدم، من المسؤولين ـ على تنوع مسؤولياتهم ـ ومن اللاعبين الذين يعتز بهم الوطن ويرى فيهم نموذجًا يُحتذى.
إن الرياضة واجهة لطيفة ناعمة، وتضيف الأناقة إلى المظهر والمضمون في آنٍ واحد، للأفراد وللشعوب أيضًا، وهو أمر لا يتحقق للإنسان وللمجتمعات البشرية بدون الرياضة في مجالاتها المختلفة. فقد عرفت الإنسانية فضل الرياضة على الإنسان بما يواجهه من تحديات حياتية خطيرة، وبما تُنتجه الرياضة وتُحققه وتُوفره من قدرات للإنسان، ابتداءً بصحة الفرد وصحة المجتمع البشري وسلامته وقدرته على مقاومة الأمراض والأوبئة الخطيرة.
ومن خلال الرياضة يمكن إيجاد روح عالية مستبشرة بين طبقات المجتمع المختلفة، دون تحمل نفقات كثيرة أو تكلفة عالية، ودون استثمار كبير في الأجهزة والأدوات. ويمكن للرياضة أن تُسهم كثيرًا في تهذيب المعاملات بين الناس، وخفض مستويات الجريمة، وخلق فرص كثيرة للعمل، وإثراء المجتمعات بالطموح وبالتطلع إلى الغد وإلى مستقبل أفضل.
ولذلك نتمنى لفريقنا القومي، وللمسؤولين القائمين على رعايته في تشيلي، كل الثبات على هذا النحو المبشر بالخير، ونتمنى له كل التوفيق والنجاح في مقبل التحديات.