أنقرة (زمان التركية) – أثار إعلان “حزب العمال الكردستاني (PKK)” الانسحاب من تركيا، بعد قرار حل التنظيم في مؤتمره الثاني عشر في مايو الماضي، اهتمامًا واسعًا في وسائل الإعلام العالمية. هذه الخطوة العسكرية-السياسية تثير تساؤلات حول تأثيراتها المستقبلية على تركيا، وإقليم كردستان العراق، وشمال شرق سوريا.
قرار تاريخي وسط توترات طويلة الأمد
وفقًا لتقارير صحفية أعلن حزب العمال الكردستاني، الذي يصنفه كل من أنقرة والولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، انسحابه من الأراضي التركية بعد أربعة عقود من الصراع المسلح مع الحكومة التركية. يأتي هذا القرار بعد سلسلة من المحادثات والمبادرات التي تهدف إلى إنهاء النزاع، وسط تصريحات رسمية تشير إلى أن الحزب بدأ فعليًا بتفكيك أسلحته منذ يوليو الماضي، مع إحراق بعضها رمزيًا.
وذكرت صحيفة “ديلي صباح” المقربة من الحكومة التركية أن مبادرة “تركيا بلا إرهاب”، التي أطلقتها إحدى الأحزاب الحليفة للرئيس رجب طيب أردوغان في 2024، أدت إلى هذا التحول. وأشارت الصحيفة إلى أن 25 مقاتلاً من PKK غادروا تركيا في مراسم رمزية، بينما تشير تقديرات وكالة “فرانس برس” إلى أن العدد الإجمالي للمقاتلين المنسحبين قد يتراوح بين 200 و300 مقاتل.
تداعيات على إقليم كردستان العراق
من المتوقع أن يتحول التركيز الآن إلى قواعد العمال الكردستاني في جبال شمال العراق، حيث يمتلك الحزب مواقع استراتيجية منذ عقود. هذا الوضع يؤثر على العلاقات بين الحكومة الإقليمية الكردية، التي يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP)، وحكومة أنقرة، التي تربطها علاقات ودية مع الحزب الديمقراطي. وفي هذا السياق، أعلنت وسائل إعلام كردية، مثل “روداوو”، أن العمال الكردستاني عقد مؤتمرًا صحفيًا في قرية نائية بمنطقة قنديل، حضره 25 مقاتلاً، بينهم ثلاثة قادة وثماني مقاتلات.
محادثات سلام وآفاق مستقبلية
تشير التقارير إلى أن الرئيس أردوغان يستعد لاستقبال وفد من حزب الشعوب الديمقراطية (HDP) أو حزب المساواة الشعبية والديمقراطية (DEM) يوم الخميس لمناقشة استمرار عملية السلام. هذه الخطوة، التي تعد الثالثة من نوعها منذ طرح مبادرة حل الأزمة الكردية، ويهدف ذلك إلى تعزيز الحوار بين أنقرة والأحزاب الكردية.
تأثيرات إقليمية محتملة
قد يكون لانسحاب العمال الكردستاني تداعيات واسعة على سوريا والعراق. في سوريا، تتهم أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، وهي جزء من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا، بأنها امتداد للعمال الكردستاني. وتطالب تركيا بحل هذه القوات، مما قد يدفعها إلى تكثيف عملياتها العسكرية في مناطق سيطرة الأكراد بسوريا. ومع ذلك، قد يؤدي نجاح عملية السلام في تركيا إلى تقليل الحاجة لمثل هذه العمليات، مما يعزز الاستقرار في المنطقة.
في العراق، قد يدعم هذا التطور العلاقات بين إقليم كردستان وبغداد، خاصة مع استئناف تصدير النفط من الإقليم إلى تركيا. كما يمكن أن يشكل نموذجًا لتفكيك الجماعات المسلحة الأخرى، مثل الميليشيات المدعومة من إيران.
دور الأحزاب الكردية
في إقليم كردستان، قد يعزز هذا التطور من نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK) في السليمانية، الذي يُنظر إليه على أنه أكثر تسامحًا مع PKK مقارنة بالحزب الديمقراطي. مع اقتراب الانتخابات العراقية، قد يساعد هذا التغيير الاتحاد الوطني على تعزيز موقعه السياسي، خاصة بعد التوترات الداخلية الأخيرة بين قياداته.
ويمثل انسحاب حزب العمال الكردستاني من تركيا نقطة تحول محتملة في المنطقة، مع آثار محتملة على الاستقرار السياسي والاقتصادي في تركيا، العراق، وسوريا. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه العملية على كيفية تعامل أنقرة مع هذا التطور، ومدى تأثيره على علاقاتها مع الأحزاب الكردية في الداخل والخارج.


















