بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ بعض الجرائد لا يجد بها المرء شيئًا يستحق حتى النظر، فليس هناك أكثر من أخبار الحوادث، وبرج الحظ اليوم، وبعض الوعظ الديني، ونصائح حول الخلافات الزوجية والصراع حول شقة الزوجية. فهل أفلس العالم من الأفكار المتميزة، ومن وجهات النظر المتباينة حول شتى الموضوعات، ومن التحليلات البناءة التي تتناول الماضي والحاضر والمستقبل؟ أين القصة القصيرة الجميلة ورؤى المستقبل وحكايات وتجارب الشخصيات الناجحة في مختلف المجالات والتي يمكنها أن تبعث الأمل في القلوب وتجيب على أسئلة الحائرين في سعيهم إلى حياة أفضل؟ لقد تحولت الجرائد إلى صفحات على الإنترنت.
وتحولت صفحات الإنترنت إلى جرائد جذابة في عملية تحول مدهشة تقدمت بها صفحات الإنترنت السابقة خطوات مثيرة إلى الأمام، وتراجعت بها الجرائد التي ملكت اهتمام الناس لسنوات وعقود طويلة من الزمن إلى الوراء وإلى الظل وإلى النسيان أحيانًا. وساعد على ذلك مسيرة صفحات الإنترنت في طريقها نحو الأمام ونحو تبني الحديث والمبتكر من الأمور التي تحتل اهتمام الكثيرين، بينما انكمشت الجرائد القديمة الوجود لتصبح صفحات إنترنت جديدة بفكر قديم ينظر باستغراب إلى واقعه المعاصر. ولذلك انصرف الكثيرون إلى الصفحات الخاصة لعشرات الملايين من الأفراد على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما وأن الصفحات الخاصة أيضًا، ليست إلا جرائد خاصة تتمتع بأمزجة شديدة التباين وكثيرة الألوان.
حتى الموضوعات التقليدية التي يتم تناولها تُقدَّم في شكل أقرب إلى السذاجة منه إلى الموضوعية التي تبين الحرص على تقدير القارئ ومتابعته المستمرة أو حتى المتقطعة. والقراءة وسيلة هامة في التواصل مع المجتمع وفي تنمية المجتمع وتوعيته وعلاج مخاوفه، ولذلك فمن المهم أن تبقى الجرائد وأن تتنوع وأن تكسب ثقة القارئ، حتى لا ينصرف الناس عن القراءة تمامًا ويهجرونها إلى فضاء الإشاعات والأكاذيب والخرافات.
إن الخلاف في الرأي ينير الطريق ويفتح أبوابًا عدة للاختيار. والتعبير عن الرأي يريح الصدور ويمنع الغل ويزيح الغيظ، فقد ولد الناس مختلفين في كل شيء ولا يكادون يتفقون على شيء واحد ولو كانوا أبناء أسرة واحدة مترابطة متحابة.













