أنقرة (زمان التركية) – أبدت تركيا، انزعاجها من تقرير المفوضية الأوروبية الذي يتناول وضع “القضاء والحقوق الأساسية والتطورات السياسية الداخلية”، معتبرةً أن التقرير متحيز، وأنه يتعارض مع جهود بناء أجندة إيجابية بين أنقرة وبروكسل.
ويتضمن تقرير الدولة، المعروف سابقًا باسم تقرير التقدم، والذي يقيم تركيا باعتبارها مرشحة لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، انتقادات شديدة في مجالات حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن التقرير كتب بلغة تخدم مصالح الأطراف على المدى الطويل.
وقال المفوضية الأوروبية، إن الجمعية الوطنية الكبرى في تركيا، على الرغم من امتلاكها للسلطات رسميًا، لا يمكنها استخدامها إلا بشكل محدود، وأشارت إلى أن “النظام يفتقر إلى الضوابط والتوازنات الفعالة والأدوات اللازمة لمحاسبة الحكومة خارج الانتخابات” وقالت أيضا “لم تُعالَج العيوب الهيكلية للنظام الرئاسي، ولا الفصل غير الكافي بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وظلّ الالتزام بالعمليات الديمقراطية الأساسية موضع تساؤل”.
وأشار التقرير أيضًا إلى اعتقالات وتوجيه اتهامات إلى مسؤولين منتخبين وشخصيات معارضة ونشطاء سياسيين وممثلي المجتمع المدني وقطاع الأعمال والصحفيين وغيرهم.
وأضافت المفوضية أن الاعتقالات والاتهامات “أثارت تساؤلات متزايدة حول التزام تركيا بتقاليدها الديمقراطية وعمقت المخاوف بشأن استقلال القضاء”.
وقالت “بينما تم فتح قضايا فساد رفيعة المستوى ضد رؤساء البلديات المنتخبين من قبل المعارضة في المدن والمناطق الكبرى، لم يتم فتح أي تحقيقات ضد المسؤولين المنتخبين الحاليين أو السابقين من الحزب الحاكم في المدن الكبرى”، كما جاء في الوثيقة.
وقال التقرير : “إن هذه التحقيقات/الملاحقات القضائية الانتقائية لا توفر الثقة في فعالية مكافحة السلطات للفساد”. وبحسب المفوضية الأوروبية، تراجعت أيضًا حرية التعبير.
ودعت اللجنة إلى “اتخاذ خطوات لاستعادة بيئة آمنة وتعددية يمكن فيها لوسائل الإعلام العمل بشكل مستقل دون خوف من الانتقام أو الفصل”.
ومن بين النقاط التي أبرزها تقرير التقييم أن “السلطة القضائية تظل تحت سيطرة السلطة التنفيذية”، وهو ما يؤثر على استقلال القضاء ويعرض جودة القرارات القضائية للخطر. وأكدت المفوضية أن تركيا لم تنفذ بعض قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأشارت المفوضية إلى أن الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش لا يزال محتجزًا على الرغم من أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادرة ضده ، وطالبت بالتنفيذ الأولي لأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحكم ضد عثمان كافالا.
وأشار التقرير إلى وجود 205 حالة تحت المراقبة المكثفة من قبل لجنة وزراء مجلس أوروبا.
من جهة أخرى، أكدت الوزارة أن مستوى التوافق العالي مع مكتسبات الاتحاد الأوروبي، كما ورد في التقرير، يعكس التزام تركيا الاستراتيجي بعضوية الاتحاد رغم العقبات السياسية غير العادلة في عملية الانضمام، مشيدةً بالملاحظات الإيجابية حول اقتصاد السوق الفعال وسياسات الاقتصاد الكلي السليمة.
كما رحبت الوزارة بإشارة التقرير إلى موقف تركيا البنّاء في شرق المتوسط، وتحسّن العلاقات مع اليونان، وتكثيف الحوار مع الاتحاد الأوروبي، مطالبةً بإلغاء سريع لقرارات مجلس الشؤون الخارجية الصادرة في 15 يوليو 2019، كما أثنت على الإشادة برؤية تركيا الاستراتيجية، وجهودها في تعزيز الشراكات، ودورها في السلام الإقليمي.
ودعت الوزارة إلى تفعيل هيئات الشراكة وآليات التعاون القائمة، وإشراك تركيا بفعالية في برامج الدفاع والأمن الأوروبية، مؤكدةً أهمية الدور الاستراتيجي لتركيا في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
وانتقدت الوزارة “تضمين التقرير وجهات نظر غير واقعية ومتطرفة من اليونان والجانب القبرصي اليوناني، مع تجاهل مخاوف تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية”، معتبرةً ذلك دليلًا على “انحياز الاتحاد الأوروبي في القضية القبرصية، وعدم قدرته على المساهمة في حلها”.
طالبت الوزارة الاتحاد الأوروبي بإدارة علاقاته مع تركيا وفق مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”، مع نهج يعزز عضويتها، ويتجنب الطرق المسدودة، ويحافظ على الحياد، ويمنع رهن العلاقات للقضايا الثنائية، مؤكدةً أن تعاونًا أقوى قائمًا على الثقة المتبادلة يصب في مصلحة تركيا وأوروبا والمنطقة الأوسع، ومتوقعةً من الاتحاد الأوروبي إظهار نفس العزيمة الاستراتيجية والبنّاءة.



















