أنقرة (زمان التركية)ـــ في خضم نهاية عام 2025، تتصاعد في تركيا تحقيقات واسعة في شبكات المخدرات تصل إلى شخصيات رياضية وفنية وإعلامية بارزة، ما جعلها واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل والشعبية في المشهد التركي خلال الأسابيع الماضية. وترتفع وتيرة الأحداث بشكل متسارع مع تورط المزيد من الأسماء اللامعة في القضية خلال الأيام الماضية.
بدأت الأزمة كما تظهر سجلات النيابة العامة في إسطنبول منذ مطلع أكتوبر 2025 بتحقيق قضائي شامل في تهم تتعلق بـ«تعاطي المواد المخدّرة» طالت مجموعة كبيرة من المشاهير في مجالي الفن والإعلام والمجتمع التركي.
في صباح الأربعاء 8 أكتوبر 2025 نفّذت فرق الدرك عمليات أمنية متزامنة في إسطنبول، استُدعي خلالها 19 من أبرز الفنانين والمؤثرين إلى قيادة الدرك من أجل الاستجواب وجمع عينات الدم، وذلك في إطار تحقيقات النيابة.
بعض هؤلاء الشخصيات كانوا في منازلهم حين وصلت فرق التحقيق، إذ ضُبطت أسلحة نارية مرخّصة وغير مرخّصة، ذخيرة، وحبوب مخدّرة وأدوات تجهيز المخدرات خلال التفتيش، ما أثار جدلًا كبيرًا حول احتمال وجود شبكة أوسع في خلفية القضية.
أسماء لامعة في قلب التحقيقات
القائمة الأولية للأسماء التي شملتها التحقيقات ضمت مجموعة من الفنانين الذين يحظون بشعبية ضخمة داخل تركيا وخارجها، منهم:
المغنية هاديسة آجيكغوز وهي من أبرز نجوم المشهد الغنائي التركي.
الممثلة ديميت إيفغار باباطاش، المعروفة بأدوارها في عدة مسلسلات تركية ضاربة.
بيرّاك توزوناتاتش وإزجي أوزبيرينجي، نجمتان بارزتان في الدراما التركية.
كوبلاي أكا وكاان يلديريم، ممثلان تجمعهما قاعدة جماهيرية عريضة.
ديلان بولات وديرين تالو، من وجوه وسائل التواصل الاجتماعي.
أمام النيابة، خضع الجميع في تلك المرحلة لجمع عينات من الدم والشعر، في خطوة قالت السلطات إنها جزء من الإجراءات التأكيدية لتحديد ما إذا كانت هناك مواد مخدّرة في أنظمة أجسامهم.

وبعد أسابيع من الاستجوابات والتحقيقات، ظهرت نتائج أولية أفضت إلى إدانة 8 من هؤلاء الفنانين بتهم تتعلق بتعاطي المخدرات، وفق فحوصات أجرتها الجهات المختصة.
من الفن إلى الإعلام والرياضة
لم يتوقف أثر التحقيقات عند الأسماء الفنية، بل امتد مؤخرًا إلى عالم الرياضة والإعلام، ما أعاد القضية إلى واجهة الأخبار في الأيام الماضية.

في 20 ديسمبر 2025، استدعت النيابة العامة في إسطنبول سعد الدين سارَان (Sadettin Saran)، رئيس نادي فنربخشة الرياضي الكبير، للتحقيق في صلاته بالقضية الجارية، حيث تمّ أخذ عينات من الشعر والدم في مختبرات الطب الشرعي كجزء من التحريات.
سارَان، المعروف بصداقاته ووجوده في أروقة الرياضة والإعلام، لم يُحتجز، بل أُطلق سراحه بشرط المتابعة القضائية، وقد وُجهت له تهم تشمل “الحصول على المواد المخدِّرة واستخدامها وتسهيل استخدامها”، وفق بيانات النيابة.

هذه الخطوة أثارت صدمة بعد أن كان التحقيق يبدو منصبًا سابقًا على المشاهير في الفن، إذ أصبح رئيس نادٍ رياضي بارز أول شخصية رياضية مؤسسة في قلب الأحداث.
في محور آخر، يمثل الإعلامي التركي محمد عاكف أرسوي، المدير العام السابق لإحدى القنوات التلفزيونية الكبرى في تركيا، أحد أوجه الاتساع المتنامية للقضية؛ إذ أُوقف في موجة ثانية من التحقيقات عقب اتهامات بـ«تسهيل استخدام المخدرات وتشكيل منظمة إجرامية»، وبجانب أرسوي اعتقلت مذيعات الأخبار إيلا روميسا جبجي، وهاندا سارياوغلو وميلتم أسيت.
كما تم احتجاز الصحفي إمر الله إردينتش ومنتج الأفلام أوموت إيفيرجين.

اتهامات أوسع
لا تُظهر التحقيقات حتى الآن حدودًا واضحة بين “التعاطي الشخصي” و”الاتجار أو التسهيل المنظم”، إذ تتداخل الاتهامات وتتشابك مع قضايا قانونية أوسع تتعلق بالطابع الاجتماعي والمهني لبعض المتهمين.
الوضع اليوم في تركيا هو “تحقيق آخذ في الاتساع”؛ من فنانين ومنتجين، إلى مؤثرين، ورياضيين وإعلاميين، فيما لا تزال النيابة العامة تكشف خيوط القضية تباعًا، وسط متابعة شعبية وإعلامية واسعة.
في نهاية عام 2025، استطاعت تحقيقات المخدرات في تركيا أن تخرج من كونها قضية جنائية عادية إلى “موضوع نقاش عام واسع”، لا يقتصر على الجانب القانوني فحسب، بل يشمل تساؤلات حول علاقة المشاهير بالشباب، والمساءلة القانونية للمؤثرين في المجتمع.
بينما تتواصل التحقيقات، يبقى المشهد في تركيا متوترًا، والأسماء المتورطة تحت أنظار الجمهور والعدالة، في واحدة من أكبر حملات التحقيق التي شهدتها البلاد في الأعوام الأخيرة.




