إسطنبول (الزمان التركية) – علق د. عبدالله الدعجاني في حسابه الشخصي على افتراءات لطيف أردوغان ضد الأستاذ فتح الله كولن في برنامج “بلا حدود” الذي يقدمه أحمد منصور على قناة الجزيرة. ونقدم لكم النص الذي كتبه د. الدعجاني:
بسم الله الرحمن الرحيم
(أدرَّها و إن أبت !)
الحلقة الأولى
بهذا المثل العربي ـ الذي يُطلق على من يحاول عَسْف الأمور وإخراج شيء من لا شيء ـ يمكن أن أُلخص تعليقي على مشاهدتي الحلقة الماضية من برنامج “بلا حدود”، التي استهدفت كشف الّلثام عن “أسرار” و “حقائق” “الخدمة” وأستاذها “فتح الله كولن”، بلسان أحد أتباعها “المنشقين” عنها، ذلك على غرار استقصاء “النظام المصري الشُّمولي” عن الكُتَّاب، واستقطاب “المنشقين” عن جماعة “الإخوان المسلمين”، لإدارة وتشغيل الماكينة الإعلامية لتشويه صورة “الجماعة”، فكان من نتائجها كتاب القيادي المنشق في جماعة “الإخوان المسلمين” علي عشماوي، المعنون بـ”التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين”، وصدق من قال: “وكثيرًا ما يسرق الضحية بعض أخلاق جلاديه”!!.
لقد جاء الضيف ـ كما قد قيل قديما ـ بـ”الطّم والرّم”، وجمع في كلامه بين “الأروى والنعام”، وكانت غُلَّة وحصيلة الحلقة إفلاسًا على مستوى الضيف والمقدّم والمضامين، تجلَّى ذلك الإفلاس في الافتقار المدقع للبراهين، والإملاق البائس من الأدلة، اللذان لازما الضيف طيلة وقت الحلقة، وما بين لحظة وأخرى تستيقظ مهنية المقدّم “الأستاذ أحمد منصور”، فيبادر بسؤاله عن الأدلة والوثائق، فيجيبه ضيفه ـ وقد ألحد لسانه ولواه ـ ببراهين ووثائق ناصعة لامعة على الطريقة “الهيكليَّه”، وهي: “قال لي كولن، وحدثني شخصيًّا”، ومثل هذا البهرج لا ينطوي على المهنية الصحفية العالية، والنَّفَس التحقيقي لمقدّم البرنامج، لكنّه ـ للأسف ـ أخذ يقمع تلك المهنيَّة في نفسه، وقد تواطأ مع ضيفه في تمرير هذا العبث، لأنه يجمعهما والقناة هدف سياسي مسبق، ألا وهو “نصرة الرئيس التركي وتشويه خصومه بكل وسيلة وعلى أي وجه”، ولو كلَّفهم ذلك انهيار “قيمهم الصحفية” التي تنادي بها شبكة الجزيرة، ابتداء من “الموضوعية” و”الحياد” و”التحقيق”، وانتهاء بشعارها “الرأي والرأي الآخر”!!.
وتحل لحظة السقوط المهني المدوّي لـ”مقدّم البرنامج” حينما أعيَاه أن يجد عند “الضيف” أدلة أو وثائق أو حتى أمارات أو علامات، لجأ منكسرًا إلى فعل يترفَّع عنه من يحترم نفسه ومشاهديه من صغار الصحفيين، لقد استحلف ضيفه المنشق على بعضٍ من شهادته على خصمه و عدوه الأستاذ (فتح الله)، محاولًا ترقيع هشاشة من استضافه، ظانًا غنية هذا القسم عن الأدلة والبراهين! فهل تلك هي “المهنية الصحفية” التي تبشّر بها الجزيرة، وتدرّسها في معاهدها ؟!، تلك الممارسة التعيسة ـ في رأيي ـ يرفضها التحقيق العلمي، وتأباها المهنية الصحفية الجادة، بل وتمنعها ـ حتى ـ الممارسة القضائية، التي تُطالب المدَّعي بالبينة، وتوجه اليمين إلى المدَّعى عليه !!.