بقلم: علي ميرزا يازار
إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يجري صباح مساء استطلاعات للكشف عن مدى شعبيته، يدرك جيدًا خطورة طرح النظام الرئاسي وحده على الاستفتاء الشعبي، مع أن حزب الحركة القومية مستعد للدعم، لكن لو اعتقد أردوغان أنه سيحصل على نسبة أصوات مرموقة تنتقل بموجبها تركيا إلى النظام الرئاسي لما توانى لحظة في الاستفتاء.
وبسبب هذه الخطورة يحتاج أردوغان إلى إضافة “جزور أخرى” إلى حزمة التعديلات الدستورية لجلب أصوات أكثر، حتى يتمكّن من تحقيق 51% من الدعم الشعبي. ولا شكّ أن “القومية” كانت هي الجزرة الأكثر جدوىً أو العلاج الأكثر ناجعًا بالنسبة لأردوغان على مدار السنوات الثلاث الأخيرة.
ولكي يضمن أردوغان حصوله على دعم “القوميين” لحزمة التعديلات الدستورية لا بد من إدراج “عقوبة الإعدام” في الحزمة؛ حيث إن القوميين يبدون حرصًا شديدًا على استعادة عقوبة الإعدام؛ لتطبق على الزعيم الإرهابي عبد الله أوجلان وعناصره الإرهابيين.
لكن عقوبة الإعدام لا تشكل أولوية لقاعدة القوميين بل حتى للقوميين العلمانيين الإثنيين، بل حتى لكثير من أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم. ولكي تتصدر عقوبة الإعدام قائمة أولويات هؤلاء، لابد من أن يزيد تنظيم العمال الكردستاني من هجماته الإرهابية. وهذا الغرض يتحقّق من خلال ضرب “الوتر الحساس” للعمال الكردستاني واستفزازه للردّ العنيف، ولهذا السبب أمر أردوغان باعتقال زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين دميرتاش والبرلمانيين الأكراد الآخرين.
في الواقع لو كان تنظيم العمال الكردستاني لجأ إلى الرد العنيف وشنّ هجمات بالقدر الذي يطلبه أردوغان عندما اعتقل رئيس بلدية ديار بكر ذات الأغلبية الكردية “جولتان كيشاناك”، لما كان طالب أردوغان بتنفيذ الحملة الأمنية الأخيرة ضد نواب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في أغلب الاحتمال.
لكن عندما لم يتدفق الأكراد إلى الشوارع، ولم ترتقِ ردود أفعالهم للحد الذي سيدفع العمال الكردستاني إلى شن سلسلة هجمات إرهابية دموية على الرغم من الحراسات والوصايات القضائية المفروضة على البلديات التابعة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، عند ذلك أصدر أردوغان تعليماته برفع حدة الإجراءات الاستفزازية لأقصى حد ممكن.
فاعتقال دميرتاش وفيجن والنوب الآخرين من الحزب الكردي يستهدف إراقة مزيد من الدماء وإحداث الفوضى، من أجل ضمان حصوله بكل سهولة على موافقة 51% من المواطنين على حزمة التعديلات الخاصة بالنظام الرئاسي والتي تتضمن إعادة عقوبة الإعدام أيضًا.
أردوغان جرّب هذه الطريقة من قبلُ
بعد أن فقد أردوغان الانفراد بالسلطة في انتخابات السابع من يونيو/ حزيران العام الماضي، أقدم على خوض اللعبة نفسها ونجح حينها أيما نجاح. فقد أطاح بطاولة “مفوضات السلام” مع العمال الكردستاني ودفعه إلى دوامة الحرب من خلال الحملات الأمنية المتتالية وجعله يشنّ الهجمات الإرهابية التي أرادها، فسقط شهداء بالقدر الذي أرداه، ومن ثم استطاع حزب أردوغان تشكيل الحكومة بمفرده مجددًا في أول انتخابات تشريعية أجريت في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2015 بعدما حصد 49% من أصوات الناخبين.
والآن أردوغان بحاجة إلى 3-5 نقاط لكي يتجاوز النسبة التي حصل عليها في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني ليضمن النظام الرئاسي الذي يحلم به؛ لذلك بادر إلى رفع سقف عملياته الاستفزازية، فمرّر الكرة إلى حزب العمال الكردستاني ليرمي الهدف إلى الشباك، ويخلق له “الجو” الذي يريده.
فالدماء التي ستراق من جديد والشهداء الذين سيسقطون مرة أخرى سيمتطي أردوغان عليها لينطلق نحو تحقيق طموحاته.
باختصار هذه هى القصة القصيرة لإمبراطورية أردوغان الدموية..
علينا الانتظار قليلاً لنرى هل سيمضي العمال الكردستاني على خطى حزب الحركة القومية ويمنح أردوغان ما يرغب فيه؟
https://youtu.be/ZstBk–1KGE