أنقرة (الزمان التركية) رصدت صحيفتا (جمهوريت) و(يني تشاغ) التركيتان من خلال الرسائل معاناة مواطنين من الاعتقالات المتوالية عقب الانقلاب الفاشل في 15 يوليو الماضي.
فمن جانبه، روى الكاتب التركي أيدين أنجين في عموده الخاص بصحيفة (جمهوريت) معاناة سيدة أرسلت له ضمن عدد كبير من الرسائل لكل منها قصته الحزينة قائلة “تعرضت لصدمة كبيرة عندما سمعت كلمات النائب العام بينما كنت أنتظر مذكرة اتهام وهو يقول لي يا سيدة أوصيك العودة إلى منزل والديك واعتبر زوجك ميتا لأنه لن يخرج من محبسه”.
وأكد أنجين أن الرسالة وصلت إليه من السيدة وهى أم لطفلين ذهبت إلى السجن لزيارة زوجها وطالبت من النائب العام كتابة مذكرة اتهام حتى تعرف ما ذنب زوجها إلا أن النائب العام قال لها لا تنتظر ذلك الرجل عودي إلى منزل والديك معتبرة زوجك ميتا وأسسي لنفسك حياة جديدة!
وفي نموذج أخر لمعاناة المواطنين العزل في السجون التركية، ذكر أنجين أن رسالة أخرى وصلت إليه تحمل اسم علي تولاك وهو يقول سجلت ابني المعاق في إحدى مدارس حركة الخدمة نظرا لأن المدارس الحكومية لم تكن ملائمة لدراسة المعاقين في بلدتنا وبعد الانقلاب اعتقلتني القوات الأمنية بتهمة العلاقة مع حركة الخدمة ورغم إنني أكدت مرارا وتكرارا أنه ليس لي أية علاقة مع هذه الحركة .. ألحقت ابني في مدرستهم نظرا لأنهم كان لديهم إمكانيات جيدة لعناية أطفال المعاقين مثل ابني إلا أن المسئول عاتبني قائلا تقرير الإعاقة ليس موجود في ملفك ورفض طلب الاستئناف.
وقال أنجين في نهاية مقاله “إنني أعرف أن مثل هذه المقالات التي تنقل مثل هذه الوقائع لا تقرأ كثيرا من قبل القراء إلا أنني أنشره وأضعه بين أيديكم”..
وفي رسالة آخرى لصحيفة (يني تشاغ) حيث اعتقلت قوات الأمن التركية في ديسمبر الماضي الشرطي البطل بلال كوناكجي المتخصص في التعامل مع المتفجرات، سبق وأن افتدى زملاءه عام 2009، لإنقاذهم وهو ما أدى إلى إصابته بإعاقة وصلت نسبتها 98 %، وذلك عقب صدور أول قانون بعد محاولة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في 15 يوليو الماضي، ضمن تحقيقات الانتماء لحركة الخدمة، التي يزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تورطها في الانقلاب.
استدعي بلال كوناكجي – الذي تمكن من إبطال مفعول 18 عبوة متفجرة خلال عام 2009- بصورة طارئة إلى أحد المدارس الواقعة في شمال مدينة إزمير التركية، 5 فبراير 2009، للتعامل مع جسم غريب، اشتبه فيه أحد المواطنين خوفا من أن يكون قنبلة.
وقرر كوناكجي التعامل مع الجسم المشتبه به بعيدا عن المواطنين، وأخذ الجسم إلى مديرية الأمن، إلا أنه سمع صوتا لتفعيل القنبلة الموجودة داخل الجسم، في طريقه إلى المكان المخصص للتعامل مع المتفجرات في المديرية، ولم يفكر في نفسه وإنما فكر فقط في زملائه في مبنى المديرية والمترددين عليه من المواطنين، فقرر حمل القنبلة والخروج بها مسرعا وألقاها أسفل السلم.
وتعرض كوناكجي لإصابات بالغة عندما انفجرت القنبلة، فقد فيها بعض أعضائه، نقل على إثرها إلى المستشفى الجامعي التابعة لجامعة إيجه، وتمكن الأطباء من إنقاذ الشرطي إلا أنه أصبح معاقا بنسبة 98% .
وقالت زوجته في الخطاب الذي أرسلته إلى الصحيفة “جاءت قوات الشرطة إلى بيتنا يوم الثلاثاء 20 ديسمبر الماضي، عند الساعة 07:30 صباحا، ضمن العمليات الأمنية للتحقيقات بشأن الانتماء لحركة الخدمة، نظروا إلى الصور الموجودة في يدهم ثم إلى زوجي للتأكد من أنه هو، ولأن الصور التي معهم له قبل حادث الانفجار الذي أصيب فيه، حاول مأمور الشرطة التواصل مع النائب العام لشكه في أن يكون زوجي هو ممن كانوا يطلبونه للاعتقال نظرا لحالته المعاقة، إلا أنه لم يتمكن من التواصل معه واضطر لإجراء عمليات التفتيش واصطحاب زوجي إلى المخفر، وقالوا لي إنه سيعود مساء أو يوم الجمعة على الأكثر، ولكنهم اعتقلوه 21 يوما، حتى استمعوا إلى أقواله يوم 10 يناير الجاري، ولكن المحامي الذي خصصته لنا النقابة لم يحضر وجاء محام آخر لم يستطع المرافعة والدفاع عن زوجي لعدم درايته بالتفاصيل. ترتب عليه بعد ذلك اعتقال زوجي 12 يوما حتى الآن في ظروف قاسية، بالرغم من إعاقته بنسبة 98%.
نتعرض لأذى نفسي كبير بسبب ما حدث، ابنتي الكبرى يتجنب الجميع التعامل معها لأن الناس ينظرون إليها وكأنها بنت رجل انقلابي، والصغرى، البالغة من العمر 3 سنوات، تستيقظ ليلا باحثة عن والدها وتنتظره دائما في النافذة، وأنا أيضا لا أستطيع النوم أو تناول الطعام أو حتى الاهتمام ورعاية أبنائي.
كان زوجي سندي الوحيد والأكبر في هذه الدنيا، بالرغم من عجزه لجلب قوت يومنا منذ يوم إصابته، فقد عانينا كثيرا من أجل تحسين الحالة النفسية لزوجي بعد إصابته، وكذلك الحالة النفسية لابنتنا، وكنا قد تأقلمنا على هذا الوضع، وإذ بهذه الواقعة تحدث وتقلب عالمنا رأسا على عقب.
من خلال جريدتكم، أريد توجيه رسالة لمن له اليد في كل ما نمر به، كيف يأكل زوجي في محبسه، بعد أن أصيب بالعمى، ولا يحرك ذراعيه، فضلا عن صعوبة تحركه على قدميه؟ كيف يقضي حاجته هناك؟ كيف يرعى نفسه؟ كيف يغسل ملابسه؟.
لا علاقة لنا بحركة الخدمة أو تنظيم الدولة الموازية، من قريب أو من بعيد، كيف يمكن لزوجي أن يرتكب الجرائم الموجهة إليه، وهو مصاب بعجز بنسبة 98%، ونريد منكم أن تكونوا صوتنا”.
أذكركم أن تقرير المستشفى الجامعي التابعة لجامعة “إيجه” في مدينة إزمير، التي نقل إليها عقب الحادث، قيل فيه: “نسبة العجز بالجسد: 98%”.
ومن جانبها أوضحت، زينب كوناكجي، زوجة الشرطي المعتقل، أنها أرسلت خطابات لنواب بالبرلمان ولكنهم لم يوصلوا صوتها إلى أحد، قائلة: “لا نعرف ماذا يحدث، وهم أيضا لا يقولون شيئا واضحا عن حالته. ولكنهم يوجهون التهم له. لا نعرف ماذا نفعل”.
وقالت كوناكجي في نهاية خطابها:
“إلى من يهمه الأمر من المسئولين…! اعملوا ضمائركم، انظروا إلى هذه الأم الثكلانة باهتمام، بالله عليكم استمعوا لها…”.
وفي نموذج آخر .. اعتقلت قوات الأمن التركية سيدة أثناء زيارتها لزوجها داخل السجن بعد اعتقاله في إطار تحقيقات حركة الخدمة.
وكانت ناجحان جوكشاك قد توجهت برفقة أبنائها الخمسة، أحدهم يعاني من إعاقة، إلى سجن “سنجان” في أنقرة لرؤية زوجها المحبوس في إطار تحقيقات حركة الخدمة، وخلال الزيارة اعتقلتها قوات الأمن ليبقى الأبناء بمفردهم وسط الشتاء القارس.
يذكر أن إبراهم جوكشاك قد اعتقل خلال الأشهر الماضية، في إطار تحقيقات حركة الخدمة التي تنفذها السلطات التركية، تاركا زوجته تعتني بأبنائهم الخمسة بمفردها.
وعلى هذا قام أكبر أبنائها بتصوير بكاء وعويل أشقائه، ويظهر الشقيق الأكبر وهو يبكي قائلا: “لدينا شقيق معاق لكنهم تركونا هنا بمفردنا، حسبنا الله ونعم الوكيل”.