أنطاليا (الزمان التركية) – عاشت تركيا أمس الاثنين حادثة سيذكرها التاريخ على أنها وصمة لحكومة من الإسلاميين حيث اعتقلت قوات الأمن السيدة فاطمة ج. التي وضعت حملها بمستشفى في مدينة أنطاليا (جنوب تركيا) وأرسلتها إلى السجن تماماً مثل زوجها المعتقل بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة.
وتشير المعلومات الواردة إلى إدارة مكتب الأمن التابع لمديرية أمن البلدة أن السيدة فاطمة. ج التي يوجد قرار اعتقال بحقها في إطار تحقيقات حركة الخدمة راجعت المستشفى لكونها على وشك وضع حملها وتوجهت الشرطة إلى المستفى أمس الاثنين غير أنها لم تعتقل المشتبه بها لكونها حاملاً، الأمر الذي دفعها إلى الانتظار حتى تضع مولودها وتتمكن من بعدها من تنفيذ قرار الاعتقال.
واعتقلت الشرطة السيدة فاطمة بعد وضع مولودها ومغادرتها المستشفى في بلدة آلانيا الساحلية التابعة لمدينة أنطاليا جنوب تركيا، وفرقت بين الأم المرهقة ومولودها الذي وضعته منذ ساعات قليلة.
وبعد إنهائها الإجراءات بمديرية الأمن نُقلت السيدة فاطمة برفقة رضيعها الذي يبلغ من العمر يوما واحدا إلى المحكمة، وسلمت رضيعها إلى أقاربها أثناء المحاكمة وقررت المحكمة احتجاز ها يوما آخر داخل المستشفى.
وأثارت هذه الخطوة انزعاجًا كبيرًا في كل الأوساط، بما فيها النواب البرلمانيون من صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم، حيث احتجّ نائب حزب العدالة والتنمية السابق فوزي إيشباشاران على اعتقال الأم وإحضارها أمام المحكمة بقوله: “إن الشرطة تنتظر الآن أمام المستشفى لاعتقال هذه الأم المسكينة. وزوجها قابع في السجن أيضًا. إن ذلك عمل غير قانوني وغير أخلاقي مهما كانت جريمة زوجها. وحتى إذا ثبتت الجريمة فإنها شخصية. فلماذا يعاقب المولود الجديد”.
وانتقد رئيس تحرير موقع herkul.org عثمان شمشاك المختص في نشر مقالات ودروس الأستاذ فتح الله غولن حادثة اعتقال الأم بعد ولادتها مباشرة من خلال الآية: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)؛ فيما نشر حساب @nabdturkey (نبض تركيا) تغريدات قال فيها “الشرطة اعتقلت الوالدة وفرقت بينها وبين قرة عينها في اليوم الأول من فتح عينه على دنيانا المليئة بالظلم والجور.. الظلم يهز عرش الرحمن.. أين أنت يا أردوغان؛ حامي النساء والمستضعفين! أكثر ما يوجع في الأمر هو أن هذا الظلم يمارسه شخص نراه أخا لنا في الدين ونظيرا لنا في الإنسانية!”، على حد تعبيره.
وما يثير الغرابة والدهشة هو قناة أن سي أن أن التركية “العلمانية” نشرت الخبر تحت عنوان ظلم اعتقال أم بعد ولادتها مباشرة، لكن صحف أردوغان “الإسلامية” يخيم عليها الصمت المطبق! بل قدمت الحادثة على أن الشرطة نجحت في إلقاء القبض على امرأة تنتمي إلى “منظمة فتح الله غولن الإرهابية”، على حد وصفها.
وكان الكاتب التركي أيدين أنجين روى في عموده الخاص بصحيفة (جمهوريت) معاناة سيدة أخرى أرسلت له ضمن عدد كبير من الرسائل تروي له قصتها الحزينة قائلة “تعرضت لصدمة كبيرة عندما سمعت كلمات النائب العام بينما كنت أنتظر مذكرة اتهام وهو يقول لي “يا سيدة أوصيك بالعودة إلى منزل والديك واعتبر زوجك ميتا لأنه لن يخرج من محبسه”.
جدير بالذكر أن الشرطة كانت احتجزت والدة 5 أطفال، أحدهم معاق، أثناء زيارتها لزوجها في السجن، الأمر الذي أثار استياء كبيرًا في الشارع التركي والدولي، حيث حاول رسام الكاريكاتير الشهير كارلوس لاتوف التعبير عن هذا الظلم عبر كاريكاتير مثير له.