أنقرة (زمان عربي) – وجه الرئيس التركي عبد الله جول رسالة وداع إلى الشعب قبل أيام قليلة من انتهاء فترة رئاسته للجمهورية، في 28 في أغسطس/ آب المقبل، بعد انتخاب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رئيسًا للجمهورية في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 10 أغسطس/ آب 2014.
وفيما يلي مقتطفات من رسالة جول التي بثت مساءأمس عبر شاشات التليفزيون.
“لقد تشرفت باختياري رئيسًا للجمهورية التركية من قبل مجلس الأمة التركي الكبير “البرلمان” الذي يمثل إرادة الشعب، وعملت على القيام بواجباتي ومهامي في منصبي رئيسًا للجمهورية، والعمل على تطبيق الدستور وإعمال القانون، على أكمل وجه”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]جول: حذرت دائمًا من تعرض مؤسسات الدولة الديمقراطية للضعف والتهميش. وسعيتُ دائماً لعدم المساس بسيادة القانون واستقلالية الجهاز القضائي بأي شكلٍ من الأشكال. كما حرصت على تشكيل مناخ يسود فيه حرية الفكر والدين والاعتقاد والضمير، القيمة العليا التي حرصت عليها طول فترة رئاستي.[/box][/one_third]”مواطنيّ الأعزاء؛ لقد أشرفت فترة رئاستي للجمهورية كرئيس تركيا الحادي عشر على الانتهاء. وأود أن أقدم لكم تقييما ومحاسبة ودية من القلب، عن فترة السنوات السبع الماضية من رئاستي للجمهورية. فقد قمت من البداية بفتح أبواب قصر “تشانكايا” أمام شعبنا، أمامكم. وعملت على احتضان الدولة بجميع مؤسساتها واحتضان الأمة التركية، والدمج بينهم. وقد عملت على القيام بواجباتي ومهامي في منصبي رئيسًا للجمهورية والعمل على تطبيق الدستور وإعمال القانون، على أكمل وجه. كما عملت على إحضار ممثلي السلطات الثلاثة؛ القضائية والتنفيذية والتشريعة، بشكلٍ منتظم كل عام إلى هنا والاجتماع معهم. والعمل على تحقيق توافق وتناغم بينهم. وحرصت على الحيادية وعدم الانحياز لأي طرف من الأطراف، على الرغم من هويتي السياسية. وحرصت على التشاور مع الأحزاب السياسية المختلفة. وعملت على وضع ركائز رفاهية واستقرار الدولة من خلال خلق مناخ من التوافق والتعاون القريب مع حكومتنا.
“وأنا أؤمن أنني قد مثلت دولتنا وامتنا في الخارج بشكلٍ يليق بقوتها وسمعتها. وطالبت الجميع في رسائلي وأحاديثي للمجتمع ومؤسسات الدولة، بضرورة بذل قصارى الجهد للوصول بتركيا إلى مستوى الدولة الديمقراطية والعلمانية والاجتماعية. وقد وثقت في أن الوحدة والتكامل القومي سوف يحافظان جيدًا على هذه الأسس. وبالشكل نفسه، دأبتُ على تحقيق الاحترام والحفاظ على حقوق الإنسان، وتساوي فرص التعليم، وأسس الحكم الرشيد، والمساواة بين الرجل والمرأة وتحقيق التنمية والديمقراطية في المجتمع التركي. وقد كنت أدعم هذا التوجه ليكون مؤثرًا في منطقتنا وفي العالم أجمع”.
” لقد آمنت منذ مطلع حياتي السياسية وبقوة، بأن تركيا سوف تحقق ربحًا ومكسبًا كبيرًا للعالم الإسلامي والسلام العالمي بصفتها دولة صاحبة هوية إسلامية تتمتع بجميع حقوقها الديمقراطية. لهذا أوليت بالغ الاهتمام بمحادثات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.
“أيها المواطنون الأحباء؛ لقد حرصت منذ بداية حياتي السياسية كرئيس للوزراء ونائب لرئيس الوزراء ثم وزيرًا للخارجية حتى أن أصبحت رئيسًا للجمهورية، على دعم عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي التي أطلقتها في البدايات الأولى من فترة توليّ مناصبي. وقد دعوت عدة مرات إلى إعداد دستور جديد يليق بتركيا القرن الحادي والعشرين بمشاركة شعبية واسعة. وأكدت على مبدإ الفصل بين السلطات ونظام الرقابة الديمقراطي، ونبهتُ إلى أن الانتخابات هي عملية مقدسة وأهم الأسس الديمقراطية القائمة على إرادة الشعب ونوهتُ بأهمية وضرورة القيم والمبادئ الديمقراطية. وحذرت دائمًا من تعرض مؤسسات الدولة الديمقراطية للضعف والتهميش. وسعيتُ دائماً لعدم المساس بسيادة القانون واستقلالية الجهاز القضائي بأي شكلٍ من الأشكال. كما حرصت على تشكيل مناخ يسود فيه حرية الفكر والدين والاعتقاد والضمير، القيمة العليا التي حرصت عليها طول فترة رئاستي”.
“كما عملت على تطبيق حرية الصحافة ووسائل الإعلام. وحذرت من أي خطوة للتعدي على هذه الحرية، إلا في الحالات الاستثنائية المحدد إطارها بالقانون. وكنت مضطرًا لأن أكون في موقف المحذر عند استخدام لهجة حادة سواء في وسائل الإعلام أو في المجالات السياسية. لهذا كنت أتحدث دائمًا عن احتياج تركيا إلى أسلوب سياسي جديد يتناسب مع مستوى الأدب والأخلاق الذي وصل إليه بلدنا. وأنا متأكد من أنكم شهدتم مناداتي دائمًا لإرساء ثقافة التوافق السياسي، وبذلت جهوداً مضنية لتحقيق ذلك”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]جول: عملت على تطبيق حرية الصحافة ووسائل الإعلام. وحذرت من أي خطوة للتعدي على هذه الحرية، إلا في الحالات الاستثنائية المحدد إطارها بالقانون. وكنت مضطرًا لأن أكون في موقف المحذر عند استخدام لهجة حادة سواء في وسائل الإعلام أو في المجالات السياسية. لهذا كنت أتحدث دائمًا عن احتياج تركيا إلى أسلوب سياسي جديد يتناسب مع مستوى الأدب والأخلاق الذي وصل إليه بلدنا.[/box][/one_third]” لقد كنت شديد الانتباه إلى ضرورة الابتعاد عن الاستقطاب وسياسة الانتقام والتعصب؛ لأنني آمنت وكنت على ثقة أن إيمان كل منَّا بدين ما أو معتقد أو مذهب أو فكر ما دون استثناء يصب في مصلحتنا ويدعم قوتنا المشتركة ويثرينا، وأقمت جسورًا ومحادثات للتواصل بين جميع طوائف المجتمع المختلفة. ودعمت بشكلٍ دائمٍ أسس حرية الدين والعبادة، مؤكدًا ضرورة البعد عن تطبيق العلمانية بشكلٍ خاطئ. وشهدتم ما حققته خلال فترة حكمي في قضية الحجاب التي كانت تؤرق المجتمع. وأجريت أول زيارة لبيوت الجمع العلوية، وشاركت الإخوة العلويين في إفطارهم في شهر رمضان. وأوليت اهتمامًا كبيرًا بمشاكل وقضايا جميع الطوائف والمواطنين من غير المسلمين، ولم أُهمل أعيادهم ومناسباتهم الدينية”.
“لقد سافرت إلى عدد من مدننا الشرقية التي أثرت فيّ بشكلٍ كبير. ودعمت القضية الكردية والجهود المبذولة في مسار حلها من الناحية الاقتصادية والسياسية والإنسانية والثقافية النابعة من تاريخهم القديم”.
“وقد وافقت على السياسات التي ساعدت على إنهاء الوصاية والسيادة العسكرية في البلاد. كما انشغلت عن قرب بالمشكلات التي تواجه القوات المسلحة التركية واحتياجاتها وأعضائها. وبذلت جهودًا جبارة لدعم وتقوية وتحديث جيشنا وإصلاح آليات الدفاع القومي. كما أبديت الاهتمام المطلوب بشهدائنا ومحاربينا القدامى”
وأوضح جول أنه حرص على تحقيق الشفافية وسياسات الإفصاح موضحًا أنه أكد على أهمية أن تعمل مؤسسات المراقبة ومساعدتها على القيام بعملها بكل حرية.
ومن الناحية السياسية قال جول: “لقد أكّدت دائمًا على أهمية الاستقرار السياسي والعمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي. وقدمت توصياتي ومقترحاتي لتحقيق معدلات نمو مستديمة”.
وفي مجال التعليم قال: “أكدت دائمًا على ضرورة الاهتمام بجودة التعليم، والحرص على التطوير العلمي والتكنولوجي بشكلٍ مستمر. وقلت إن هناك ضرورة لأن نتحول إلى مجتمع معلوماتي.”
“لقد كنت على تواصل مستمر مع جميع طوائف الشعب من رجال الأعمال والصناعيين والتجار والعمال والنقابات والموظفين والفلاحين والمؤسسات الوظيفية المختلفة في جميع أنحاء البلاد. وأجريت العديد من الزيارات للبلديات والمدن المختلفة دون أخذ أي اعتبارات سياسية أو حزبية في الحسبان. وعملت على تعزيز مشاعر الأخوة والتضامن بين أفراد الشعب”.
أما من الناحية الاجتماعية فقال: “لقد عملت على مراعاة العديد من البرامج الاجتماعية بصحبة زوجتي. وحاولت أن أتخذ دور القيادة في حفاظ وحماية تراثنا الثقافي الغني. وقد أوليت اهتمامًا كبيرًا بالمحافظة على البيئة والطبيعة. وكنت أرى علماء الدين والفنانين وكل صاحب فكر وعلم وثقافة وجامعاتنا على أنهم ممثلون لثروتنا المعنوية والثقافية. كنت معهم ومع الشباب في حواراتٍ مجتمعية، واستفدت من وجهات نظرهم”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]جول: كنت شديد الانتباه إلى ضرورة الابتعاد عن الاستقطاب وسياسة الانتقام والتعصب؛ لأنني آمنت وكنت على ثقة أن إيمان كل منَّا بدين ما أو معتقد أو مذهب أو فكر ما دون استثناء يصب في مصلحتنا ويدعم قوتنا المشتركة ويثرينا، وأقمت جسورًا ومحادثات للتواصل بين جميع طوائف المجتمع المختلفة.[/box][/one_third]أما من ناحية العلاقات الخارجية فقال: “لقد مثَّلت دولتنا وأمتنا في الخارج أنا وزوجتي بعناية فائقة. وقمت بفعاليات وأنشطة دبلوماسية مكثفة من أجل المصالح والأهداف الإستراتيجية لدولتنا. وحرصت على أن تكون تركيا ممثلًا للسلام في المنطقة والعالم بقناعة أنها لديها قدرة التمثيل الدبلوماسي للقيام بذلك. كما عملت على توفير احتياجات السوق المالي والتجارة والاقتصاد والمصالح في مجالي المواصلات والطاقة. وأقمت علاقات مع دولٍ عديدة، واستقبلت رؤساء لأول مرة في تركيا من عدة دول. وشهدت فرحة اختيار تركيا عضوًا بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد انقطاع دام 40 عامًا”.
وفيما يتعلق بمحادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي قال جول: “لقد حرصت دائمًا أن تحصل تركيا على عضوية دائمة بالاتحاد الأوروبي، وأكدت على ضرورة سير المحادثات على هذا النحو”.
وأضاف: “عملت على تقوية العلاقة مع دول الجوار والدول الصديقة والحليفة والدول ذات الأصل التركي. كما حرصت على أن تكون علاقاتنا بدول العالم الإسلامي في أعلى مستوى لها. وأوليتُ الاهتمام المطلوب بمواطنينا، وكل من لديه أصول تركية في دول العالم المختلفة. وتطورت علاقاتنا بالدول ذات الاقتصادات الناشئة في القارة الآسيوية. ووصلت علاقاتنا إلى أدغال القارة الأفريقية وأمريكا اللاتينية. وتوصلنا لحلول مشتركة حول العديد من القضايا المزمنة على الساحة الدبلوماسية الدولية مثل: القضية الفلسطينية وقضية الجبل الأسود. وكنت دائمًا في صف القضية الفلسطينية. ودعوت في المحافل الدولية إلى اتخاذ مواقف في مواجهة الفقر وتجارة المخدرات، وانتشار السلاح، والتعصب، والعرقية، والمذهبية، والتطرف، والإسلاموفوبيا وغيرها من القضايا المعاصرة”.
وانهى جول خطابه قائلاً: “قبل أن أنهي خطابي هذا، أحب أن أؤكد للشعب التركي العزيز على آمالي وقناعتي وثقتي بمستقبل البلاد. وبالنيابة عن أسرتي وبالأصالة عن نفسي أتمنى من الله عز وجل أن يمنحكم الصحة والسلامة. وأهنئ الشباب والأطفال مقبلًا إياهم. وأستودعكم الله”.