إسطنبول (زمان عربي) – في الوقت الذي يقوم فيه العديد من الدول الأوروبية بإعداد مخطط لعمليات جديدة لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، أعرب المسلمون العاديون الذين لم يدعموا أية أعمال إرهابية أو يتورطوا فيها حتى الآن، عن قلقهم خشية أن تطولهم حملات” مطاردة الساحرات”.
ولم تقتصر الأعمال الإرهابية التي شنها تنظيم داعش على تشويه وتدنيس صورة الإسلام في الساحة الدولية فحسب، إنما أضحت في الوقت نفسه سببًا في اتحاد الدول الكارهة للإسلام؛ حيث أوضحت الأبحاث أن ثمة ارتفاع ملحوظ في عدد أعضاء المنظمات اليمينية في أوروبا منذ أن ظهر تنظيم داعش حتى اللحظة الراهنة.
ويسعى هؤلاء اليمينيون المتشددون، متى واتتهم الفرصة، إلى طرح موضوع داعش بين الرأي العام وإظهار موقفهم الصارم ضد المسلمين.
ونشرت مجلة “فوكس” الألمانية، مؤخرا خبرا بعنوان: “الاتحاد الصليبي ضد الإرهاب: مسيحيو سويسرا يخوضون الحرب ضد داعش”، لكن الخبر لم يلق القبول المنتظر من بين مئات الأخبار الأخرى التي قالت إن الشباب المسلم المتشدد يتوجه إلى الشرق الأوسط بهدف دعم داعش، لكن هذا الخبر على درجة كبيرة من الأهمية لإظهار الوجه الأخر للصورة.
ولفت الخبر إلى أن مسيحيي سويسرا بدأوا الذهاب إلى منطقة الشرق الأوسط لدعم اخوانهم في الدين المظلومين من قبل داعش في العراق وسوريا، وتم الكشف عن أن هناك عشرة أشخاص ذهبوا من سويسرا إلى المنطقة لهذا الهدف حتى اللحظة الراهنة، إلا أن قوات الأمن تبدي قلقها من زيادة هذا العدد.
فيما ذكرت صحيفة “سونتاجس تسايتونج” السويسرية، على صدر صفحاتها، أن هناك عدد من الشباب السويسري يتلقون دورات تأهيلية في مخيمات سرية في سويسرا تأهبًا للذهاب إلى المنطقة لمؤازرة إخوانهم المسيحيين في العراق وسوريا، مشيرة إلى أن الشباب الذي لم يستطع الذهاب للحرب قام بجمع أموال لمساعدة القوات العسكرية المؤسسة في المنطقة.
وبحسب تقرير أعدّه مركز الأبحاث الاجتماعية في الدانمارك، الأسبوع الماضي، تبين أن ثمة زيادة ملحوظة في عدد أعضاء المنظمات الإسلامية الراديكالية ومنظمات اليمينيين المتشددين.
ولعل الذعر الأكبر لدى الأوروبيين هو عودة الأشخاص المشاركين في الأعمال الإرهابية مع تنظيم داعش في الشرق الأوسط إلى بلادهم من جديد بعد فترة ما.
وذكر تقرير أعدّه مركز” سوفان جروب” للأبحاث الأمنية الأمريكي، أن عدد المقاتلين المنضمين لصفوف داعش في العراق وسوريا يزيد عن ألفين و500 مقاتل، وأن هؤلاء الأشخاص الذين قاموا بعمليات دموية يشكلون خطرًا في ظل عدم رغبة أية دولة أوروبية في الترحيب بهم على أراضيها مجددا.
ومنحت الحكومة البريطانية، التي أعلنت عن خطة جديدة في الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، القوات الأمنية صلاحية مصادرة جوازات سفر الشباب البريطانين المشتبه في انضمامه لداعش، وشهدت كل من فرنسا وألمانيا مناقشة قرارات مماثلة لقرارات بريطانيا، حيث أنهما تعتبران من أكثر الدول التي يشارك منها مقاتلون أوروبيون في داعش.
أما هولندا فشكلت جهاز شرطة خاصا لمراقبة فعاليات وأنشطة الأشخاص المعروفين بالجهاديين على مواقع التواصل الإجتماعي، كما أعدت الحكومة قانونا تحت عنوان “خطاب الكراهية ومكافحة الراديكالية”، تضمن سحب الجنسية من الهولنديين الذين يشاركون في منظمات إرهابية مثل داعش وجبهة النصرة.
أما المسلمون العاديون الذين لم يتورطوا في أية أعمال إرهابية حتى هذا اليوم، فيعربون عن بالغ قلقهم من أن تتحول هذه المخططات التي تقوم بها الأوساط اليمينية المتشددة إلى حملة مطاردة الساحرات، ولاسيما مع الجدل الدائر حاليا حول موضوع إسقاط الجنسية.
ولا يوجد شخص يعرف على وجه التحديد الأسباب التي ستخرجه من الجنسية، ومن ناحية أخرى، يعتبر ذلك تهديدا على درجة كبيرة من الأهمية ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد، وعدم الاستهانة.
والسؤال: هل سيمنح المسؤولين حق مراقبة المؤسسات الإسلامية كافة عن قرب؟
في هذا السياق، ينبغي أن ننظر بعناية فائقة الدقة الكلمة التي ألقاها وزير الداخلية الإيطالي انجيلينو ألفانو في البرلمان الأسبوع الماضي، حيث زعم أن إيطاليا مهد المسيحية هي الهدف الأول لداعش، وقال إنهم ينظرون بدقة إلى 514 جمعية للمسلمين و396 دار عبادة وإلى المؤسسات الدينية الموجودة في مدن ميلانو وروما وكولي فال دي إلسا ورافينا الموجود بها 4 مساجد، وهذا ما يغطي تقريبا جميع السكان المسلمين في إيطاليا.
من جانبه أعلن عمر حمدون رئيس اتحاد المسلمين البريطاني لقناة الجزيرة عدم دعمه لخطة العمل المعدّة بسبب هذه المخاوف، مؤكدًا دعمهم الخطوات المتخذة لأمن الدولة، إلا أن هذه الصلاحيات الممنوحة لا تتوقف عند استهداف المسلمين فحسب، بل ستسفر عن أحكام مسبقة في المجتمع عن المسلمين.