إسطنبول (زمان عربي) – أدلى جورسال تكين، أحد مهندسي الانفتاح على الفئات المحافظة داخل صفوف حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بآراء على درجة كبيرة من الأهمية فيما يخص التطورات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وما تشهده الساحة الداخلية في تركيا حاليًا.
وجاءت أبرز النقاط التي تناولها تكين في لقائه مع صحيفة” بوجون” اليومية التركية، على النحو التالي:
طالت الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط دولة تركيا، ما الدواعي التي جعلت الوضع يصل إلى ذلك ؟
حكومة حزب العدالة والتنمية، انطلقت من حلم تحقيق مبدأ ” دولة تركيا كبيرة” و”تركيا العالمية”. وكان المقصود من تركيا العالمية هو إدارة أنفسنا والدول المجاورة لنا، لكن حدثت خلافات طائفية في سوريا بشكل لا يمكن توقعه، وكان السبب في هذا الانقسام الحادث في سوريا هو الانقسام الطائفي أو المذهبي بين الشعب؛ حيث تم إرسال الأسلحة إلى معارضي نظام الأسد وتم دعمه لوجيستيًّا، وكان الجيش السوري الحر حلمًا بحتاً، إلا أن هذا الحلم سرعان ما غير من جلده، ليصبح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.
حدثت مشكلات رئيسية مع كل من مصر والعراق، ما تقييمك لهذا الأمر؟
لا شك في أن الاشتباكات التي حدثت في سوريا أدت إلى توتر علاقاتنا مع العراق، وكنت قد توجهت إلى العراق ضمن وفد يترأسه زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، ورأينا أن المشهد في العراق صورة طبق الأصل من مثيله في سوريا؛ من إحضار المعارضين إلى تركيا، وتقديم دعم لوجيستي، وتدخلات في الشأن الداخلي. وعليه، قامت السلطات العراقية بطرح كل ذلك أمامنا من خلال وثائق وأدلة تثبت صحة ذلك.
ولنتذكر قول زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق دنيز يايكال عندما قال: “هناك دولتان أساسيتان في منطقة الشرق الأوسط، هما سوريا والعراق، إحداهما تمثل الطائفة السنية والأخرى تمثل الطائفة الشيعية، وإذا ما سعيتم للعب على هذين العمودين الرئيسيين، ستحدثون مشكلة ليس في الشرق الأوسط فحسب، إنما في العالم الإسلامي أيضًا.
لماذ لم تتنبأ الحكومة بما يحدث اليوم؟
لأن الحكومة لم تنشغل أوتقدح زناد فكرها بمثل هذه الأمور، غير أنها أولت اهتمامتها بأمور تتعلق بالبلديات مثل شراء هذا أو ذاك والسماح بتخصيص أراض معينة، وإذا كانت اهتمت بمسائل عالمية وليس بتلك الأمور الأقل شأنًا، لِما كانت جزءًا من تلك المشكلات التي تعصف بها في الوقت الراهن، إذ أن الدول التي تبغض تركيا حاليًا كانت تحترمها في السابق، بيد أنها تشهد الآن حالة من العزلة، ولم يعد لنا دولة واحدة صديقة.
ماذا كانت تضم الملفات المقدمة إليكم في العراق من معلومات لم تقدموها للرأي العام؟
قال رئيسنا العام (كليتشداراوغلو) للمسؤولين العراقيين: “إن المستثمرين الأتراك لديهم استثمارات كبيرة في العراق، على الأقل لا تعرقلوا هذه الاستثمارات، ويتم سداد مستحقات رجال الأعمال”. وعليه، وضعوا أمامنا وثائق على درجة كبيرة من الأهمية، كان قد تم الحصول عليها من قبل مخابرات معينة عن طريق رجال أعمال مقربين منه، وبصراحة كان هذا الأمر مفاجئا وصدمة بالنسبة لنا.
وماذا عن العلاقات مع مصر؟
مصر دولة على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لتركيا؛ حيث كنا دائمًا دولتين شقيقتين على مدار التاريخ، وقمنا بإرسال وفد ممثل عن الحزب إلى مصر، إلا أن الحكومة التركية قالت لنا: “أنتم تجلسون وتتباحثون مع الانقلابيين في مصر”.
هناك تحقيق بخصوص وقف شاحنات جهاز الاستخبارات التركي، وقيل إن هذه الشاحنات كانت تنقل أسلحة؟
هناك قرار صادر من المحكمة، وهناك قرار قضائي يثبت إرسال تلك الأسلحة إلى منظمات إرهابية بعينها، بيد أنهم الآن يتلاعبون ويختلقون الحيل لوقف هذا القرار.
وآليات الدولة تعمل على النحو الآتي: القضاء يصدر تعليماته للشرطة كي تقوم بعمل تجسيد للمعلومات الاستخباراتية الموجودة لديها، والشرطة مضطرة للقيام بمهمتها، وليس ثمة فارق إذا كان رجل الشرطة يساري أو يميني أو تابع للعدالة والتنمية أو للشعب الجمهوري أو للحركة القومية أو من الجماعات الدينية، والدولة تُدار على هذا النحو.
الحكومة تصفالتحقيق القضائي في أعمال الفساد 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بأنها محاولة “انقلاب” على الحكومة. ما وجهة نظركم؟
في عام 2011 كنت أعلنت خارطة المكاسب غير الشرعية لمدينة إسطنبول في البرلمان التركي، أوضحت فيها كيف تم اختلاس 100 مليار دولار وتم تخصيص هذا المبلغ من أجل العصابات المنظمة، ورأينا في التسجيلات الصوتية (لكبار مسؤولي الحكومة منهم أردوغان نفسه) التي تداولتها مواقع الإنترنت بعد أحداث 17 ديسمبر الماضي كيف تقسم مافيا الأراضي وعصابات الأراضي حصص هذه الأموال المنهوبة من المال العام.
حسنًا، ألا يوجد داخل صفوف العدالة والتنمية نواب منزعجون من هذه الأعمال؟
قبل عام ونصف العام كتب اسم مقرب من أردوغان رسالة، روى فيها كيف تتم حركة غسيل الأموال في تركيا وذكر في مقدمة من يقومون بذلك رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب.
هل هناك أمثلة شاهدتها بالفعل أو أمثلة أخرى تعرفها؟
حزب العدالة والتنمية، الحاكم، يضم نوابا لا يزالون عقلاء ولم يفقدوا رشدهم، هناك نواب من داخل الحزب قدموا لنا وثائق عن العديد من أعمال الفساد تتعلق بالحزب، وليس من الممكن أن نقول إنه ليس هناك من لاتنزف ضمائرهم، المخالفات الموجودة في مشروع الإسكان الجماعي (TOKİ) وكذلك المخالفات الموجودة داخل وزارة البيئة وتخطيط المدن، هناك انزعاجات داخل صفوف العدالة والتنمية.
يقولون “الكيان الموازي”، هل رأيتم دليلا واحدًا ملموسًا خلال 10 أشهر؟
قلنا إذا كان هناك “كيان موازي” مثلما تزعمون ويقوم هذا الكيان بفعل يؤثر سلباً في حياتكم الخاصة سنبرز جميعًا ذلك للعيان، لكن لم تصل ولا معلومة أو وثيقة عن ذلك، وآليات الدولة في قبضتكم، لكن ليست هناك أي علامة، تقومون بنقل الأموال (غير الشرعية) في حقائب، وهل لمؤسسات الدولة ألا ترى ذلك؟
تم القبض عليهم متلبسين، كانوا يسرقون، وغالبية التسجيلات الصوتية التي ظهرت بعد أحداث 17ديسمبر الماضي كانت تسجيلات قانونية، هل تريدون ألا تعمل آليات الدولة؟ لقد رأيتم بأعينكم، تجارة الأراضي وحركات الأموال غير القانونية بين البنوك، وهل يعقل أن تكون آليات الدولة تجهل كل ذلك؟
تم فتح نقاش حول الهوية الدينية (المحافظة) لحزب العدالة والتنمية، بعد أحداث الفساد الأخيرة؟
إن قلنا عن حزب العدالة والتنمية إنه حزب محافظ أي ذو ميول دينية فهذا يعد في حد ذاته إساءة للمحافظين المتدينين، فما هو تعريف المحافظة والتدين؟ أن تكون بمنأى عن الحرام، وعدم أكل حق اليتيم، وعدم قول الكذب، كيف لحزب محروم من أي من هذه الصفات أن يطلق على نفسه أنه حزب محافظ، تجدهم يهرعون إلى صلاة الجمعة في وضح النهار إلا أنهم يأخذون مال الفقير عن طريق الإنشاءات والمقاولات في ظلمات الليل.
ظهر شعار من قبل الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية لتبرير تصويتهم بعد ظهور أعمال الفساد إلى العلن يقول: “يسرقون لكنهم يعملون” .. مارأيك؟
هذه الجملة وهذا الموقف غير مقبولين لا من الناحية الدينية أو الأخلاقية أو الضميرية، وليس هناك دين على وجه الأرض يقبل السرقة، وأنا أناهض تدنيس ديننا بأعمال الفساد.
تم عمل انفتاحات على الفئة المحافظة (المتدينة) من قبل حزبكم الحزب الجمهوري اليساري، هل من الممكن أن يتولى رئاسة الحزب رجل دين في الآونة المقبلة؟
بالطبع قد يحدث ذلك، حصل إحسان أوزكس، وهو مفتي متقاعد، على المركز الأول في مؤتمر حزب الشعب الجمهوري. وهذه هي قاعدة الحزب، حيث إنه يضم العديد من الفئة المحافظة داخل صفوفه، وأنصح بألا يشكك أحد في تديننا.