بقلم: أرخان باشيورت
مسيرة السلام تصل عتبة جديدة
تمكن الزعيم الإرهابي عبد الله أوجلان، الذي أشعل فتيل “أحداث كوباني” في تركيا، بحسب تعبير نائب رئيس الوزراء “يالتشين أكدوغان”، من إرغام الحكومة على تنفيذ مطالبه، إذ تم إمداد أكراد كوباني بالأسلحة، كما سمح بفتح معبر لعبور البشمركة بناء على طلب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، امتداد العمال الكردستاني في سوريا، وتم إدراج “خريطة الطريق” التي رسمها أوجلان منذ البداية في أجندة الحكومة مقابل عدم عودة أحداث الشغب إلى المدن من جديد، ويجري الحديث الآن عن إجراءات وخطوات وانفتاحات جديدة…
وبدأت ساعة المخاض في كلا الطرفين.
فقد صرح رئيس حزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرطاش قائلا: “زعم بعض مسؤولي الحكومة أن 95% من مسيرة السلام تحقق ولم يبق سوى 5% منها، لكننا نرى العكس تمامًا، فلم يتحقق من متطلبات السلام إلا 5%، ولايزال أمامنا 95% لتحقيق السلام”.
ما زال أمامنا 95% لتحقيق عملية السلام
وأكّد دميرطاش أنه لم يُعرض عليهم في هذا الصدد سوى فهرست يقع في صفحة واحدة تتضمن 6 عناوين رئيسة فقط من خريطة الطريق، وأوضح أن ما وصل إلى جبال قنديل؛ معقل العمال الكردستاني في شمال العراق، عبارة عن هذه الفهرست دون التفاصيل.
وردَّ نائب رئيس الوزراء يالتشين أكدوغان على هذه التصريحات بقوله: “كل ما تحقق من عملية السلام لحد اليوم هو من صنع الحكومة، ومع أن الإقلاع عن أعمال العنف وأحداث الشغب وقطع الطرق كان من الشروط الأولية لبدء مفاوضات السلام، ولكن هل تحقّق ذلك؟ بالطبع لا. وكان من المقرّر أن يترك هؤلاء تركيا في شهر مايو/ أيار الماضي، فهل تركوها؟ لا ،إذن فماذا يعني قولكم بأن الحكومة لم تفعل شيئًا؟! ماذا فعلتم أنتم؟! ما هي الخطوات التي اتخذتموها أنتم من أجل ذلك؟ فمجرد ترك إطلاق النار على المخافر لا يعد خطوة”.
هذه “الاعترافات المؤلمة” لأبرز المسؤولين تلخّص بصورةٍ جيدةٍ المسافة التي قطعها الطرفان في مسيرة السلام.
إنه لمن الصحيح أن هناك 95% من مطلبات مسيرة السلام تنتظر التحقيق من جانب الحكومة، ولكن من الصحيح أيضاً أن العمال الكردستاني لم يخطُ أية خطوة في هذا الصدد سوى تجنّب إطلاق النار على المخافر، بل أقدم عليه مؤخراً أيضاً.
لماذا تمّ تكبيل أيادي وأرجل الجيش والشرطة؟
لماذا خدعتم وألهيتم الشعب على مدى أكثر من عامين في سبيل تحقيق حساباتكم السياسية والتكتيكية؟
ولماذا عملتم على إسكات وتكميم أفواه من كانوا ينبّهون إلى أن مسيرة السلام لاتسير بشكل صحيح، وأن هناك مخاطر بأن تتمخض عن هذه المسيرة مشاكل أكبر من سابقاتها، وذلك من خلال اتهامكم لهم بـ”أنكم تعارضون السلام”، و”هل ترغبون في سقوط المزيد من الشهداء” وما إلى ذلك من الجمل النمطية؟
ولماذا أقدمتم على تكبيل أيدي وأرجل الجيش والشرطة وفتحتم الطريق أمام استجماع المنظمة الإرهابية قواها مجدداً وإعادة تنظيمها المدني في المدن التركية، فأحدثتم بذلك ضعفاً وفراغاً أمنياً كبيرين في البلاد عامة؟
وفي الوقت الذي يعترف فيه السياسيون بهذه الحقائق المؤلمة، بدأ تطفو تفاصيل المرحلة الجديدة على السطح، فالتصريحات المتعاقبة، خاصة تلك التي أدلى بها نائبا حزب الشعوب الديمقراطية سري ثريا أوندر وبروين بولدان، اللذين كانا من ضمن الوفد الذي زار أوجلان في محبسه، تكتسب أهمية كبيرة.
ملخص المرحلة الجديدة في أربع موادّ…
يمكن لنا تلخيص المرحلة الجديدة التي يجري الحديث عنها في موادّ أربع:
- تشكيل سكرتارية تتألف من 5 أشخاص لتعمل عدة أشهر مع أوجلان لتنسيق المفاوضات وتحديد تفاصيل خريطة الطريق.
- سيكون في السكرتارية ممثل مباشر عن كل من حزب العمال الكردستاني واتحاد الجماعات الكردية، وسيُضمن التواصل المباشر بين أوجلان ومنظمته.
- تأسيس 9 لجان مختلفة على غرار لجنة البحث عن الحقائق التي طلبها أوجلان، على أن يتقلّد أشخاص من لجنة الحكماء ومن خارجها وظائف عديدة فيها، وهذه اللجان ستكون مرتبطة بمستشارية الأمن العام، ومكلفة بمتابعة مراحل مسيرة السلام في الوقت نفسه.
4- كفّ العمال الكردستاني عن الكفاح المسلح وسحب عناصره المسلحة، وستتضمّن هذه الحزمة السماح لميليشات العمال الكردستاني بالدخول في الحياة السياسية ومناقشة إطلاق سراح أوجلان في نهاية العملية.
اطرحوا الحسابات السياسية جانبًا
ويرى كل من سري ثريا أوندر وبروين لولدان أن كل هذه الأعمال من الممكن أن تنتهي خلال 5 إلى6 أشهر على الأكثر، أي قبل الانتخابات التشريعية القادمة.
لاشكّ في أن عملية السلام كشرب الدواء المر، وفي ظل الظروف التي توصلت إليها عملية السلام، يجب عليكم إما أن تطبّقوا المعالجة المجربة على “المنطقة المصابة من الجسم” – ولو كان العلاج مؤلماً – وإما أن تغضّوا طرفكم عن تحوّلها إلى “غرغرينا”.
وكنا منذ البداية قد قلنا “إن الصلح خير والخير صلح”، وأغلب الناس يدعمون حتى “السلام الكاذب” بأمل كبير، لذلك أوجّه هنا دعوة للمسؤولين:
أرجو منكم بعض الجدية! أرجوا منكم أن تتركوا حساباتكم السياسية جانبا من أجل وحدة بلدكم وأمنه وسعادته!
صحيفة” بوجون” التركية