إسطنبول (زمان عربي) – أكد صفوة من الخبراء وأساتذة القانون الأتراك أن محاكم الصلح والجزاء وقضاتها الذين تم تعيينهم من قبل حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ليعملوا تحت طوعه وإمرته، أشبه، في فلسفتها، بمحاكم الاستقلال الخاصة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، لإسكات أصوات معارضيه آنذاك.
وسيتولى قضاة الصلح والجزاء، المعينون حديثًا، النظر في قضية المعتقلين من رؤساء مديريات الأمن وأفراد الشرطة، الذين نفَّذوا عمليات الضبط في قضية الفساد والرشوة في 17 و25 من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في إطار حملة اعتقالات جرت الليلة الماضية.
وأوضح وزير العدل الأسبق الدكتور حكمت سامي تُورك أن الحكومة شكلت بنية قضائية تتمثّل في قضاة محاكم الصلح والجزاء، الذين لا يستطيع أي شخص الاعتراض على قراراتهم؛ لأن من سيتولى النظر في طلبات الاعتراض هم القضاة أنفسهم الذين تعيِّنهم السلطة الحاكمة، وهذا مخالف للدستور، ومخالف لمبادئ القانون الأساسية.
وأكد عميد كلية الحقوق بجامعة” فاتح” الدكتور عثمان كاشيكتشي أن ما يقوله رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يخالف القانون؛ إذ يجعل من أوامره وآرائه الشخصية قانوناً للبلاد، وكأنه يقول: “أنا القانون” ، لكن لا يمكن القبول بتشكيل محاكم بقضاة ذوي صلاحيات مطلقة، وأقل ما يمكن قوله عن هذه المحاكم هي أنها ستكون صورة طبق الأصل من محاكم” الاستقلال” التي أسسها أتاتورك، ولم يكن بإمكان أحد الاعتراض على قراراتها.
وأبدى المحامي أردال دوغان دهشته من قرار تشكيل هذه المحاكم، دهشته قائلا: “تبادرون أولاً إلى تشكيل واختلاق عناصر للجريمة،ثمّ تقومون بتعيين قضاة ومدعين عامِّين وفقًا لها، ولا تكتفون بذلك، بل تضعون الأطر التي يسيرون عليها في العملية القضائية؟”.
وأضاف: أرى أن محاكم الصلح والجزاء تشبه إلى حد كبير فلسفة تأسيس محاكم أمن الدولة والاستقلال التي شكلها أتاتورك، وهذا نظام قضائي استثنائي.
أما المحامي والصحفي أورهان كمال جنكيز فقال إن هذه المحاكم تضع جميع الحقوق والحريات تحت حصار شمولي؛ إذ يتم تأسيس نظام يضع جميع آليات صنع القرار الخاصة بالسلطة القضائية تحت سيطرة رجل واحد، وهذا سيجعل المواطن عاجزًا أمام الدولة، وسيتم سحب وسائل الدفاع من يده كاملة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، ومصيره سيكون رهن الكلمة الصادرة عن رجل واحد يدير سلطة الدولة.