أنقرة (زمان التركية) – لم تتمكن السلطات التركية لأسابيع من العثور على جثمان الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي أقرت السلطات السعودية مقتله داخل القنصلية السعودية التي اختفى داخلها بعد دخولها في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهناك حلقة واحدة مفقودة في جريمة قتل خاشقجي الذي تأكد مقتله وتقطيع جثمانه داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ألا وهي أن السعوديين لا يفصحون عن مكان الجثمان، ولا تتمكن الشرطة التركية من التوصل إلى المكان الذي ألقيت فيه الجثة.
توجد جريمة قتل مكتملة الأركان لكن الجثمان غائب.
ماذا يعني هذا؟
سنجيب على ذلك من خلال سرد تفاصيل قضية وقعت عام 1979، حيث شهدت إسطنبول جريمة قتل أثارت جدلا استمر لأشهر، واكتسبت مكانتها ضمن جرائم القتل التي يصعب نسيانها، وتعرف هذه الجريمة بجريمة قتل المدرس معزز.
كان المتهم في هذه الجريمة يدعى فريد دوسدوغرو بينما كانت الضحية مدرس يدعى معزز باتشجاجي.
في مساء الثامن عشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1979 توجه معزز باتشاجي، مدرس المرحلة الابتدائية، إلى عيادة طبيب الأسنان فريد دوسدوغرو بمنطقة شيشلي بمدينة إسطنبول، وكان دوسدوغرو يلقب حينها بطبيب أسنان النخبة وفي الوقت نفسه كان نجل طبيب أسنان شهير.
ترك باتشاجي سيارته على بعد 50 مترا من عيادة دوسدوغرو ودخل العيادة، وطلب من بائع الفاكهة المجاور الانتباه لسيارته، مفيدا أنه سيعود في غضون ساعة، لكنه لم يعد لمنزله لا هذه الليلة ولا في أي ليلة أخرى.
تقدمت عائلة ببلاغ اختفاء للجهات الأمنية، وعلى الفور حصلت الشركة على إفادة دوسدوغرو وسكرتيرته سمراء أكيالي الذين زعما أنهما لم يرونه.
في فبراير/ شباط من عام 1980 تقدمت عائلة معزز بطلب إلى النيابة العامة ونُقلت القضية إلى طاولة الجرائم الجنائية. واستدعت النيابة دوسدوغرو وسكرتيرته للاستجواب مرة أخرى، غير أن دوسدوغرو اعترف هذه المرة بقتله باتشاجي نتيجة لحقنة خاطئة.
وأضاف دوسدوغرو أن الأمر أفزعه وأربكه مما دفعه للتخلص من الجثمان بإلقائه في المياه أمام قصره في منطقة فاني كوي، كما اعترفت السكرتيرة أنها رأت آثار دم على الهاتف والسجاد.
بحث الغطاسون عن الجثمان في المنطقة التي ألقي فيها، لكن لم يتم العثور على الجثمان في أي مكان لوجود تيار قوي ودوامات بمضيق البسفور.
وفي المحكمة غير دوسدوغرو إفادته وزعمه أنه اعترف بالجريمة بفعل الضغوط التي تعرض لها. في ختام المحاكمة تم تبرئة دوسدوغرو لعدم وجود جثمان، فغياب الجثمان يعني عدم وقوع جريمة قتل.
هذا المثال يعكس لماذا لم يظهر جثمان الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أي أن الأشخاص الخمسة عشر الذين يحملهم أردوغان مسؤولية مقتل خاشقجي سيتم تبرئتهم في حال محاكمتهم في تركيا لعدم وجود جثمان، وذلك على الرغم من مطالبة أردوغان بمحاكمتهم في تركيا، وذلك لأنه وفقا للقانون التركي غياب الجثمان يعني عدم وقوع جريمة قتل.