بينما يستخدم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا العاطفة الدينية والقومية والمذهبية وحب الوطن في الميادين، من أجل الدعاية لانتخابات الرئاسة المقرَّر إجراؤها في 10 أغسطس / آب الجاري، يلتزم موقف المتفرِّج والمتابع إزاء المجاز التي تعصف بالتركمان في العراق وسوريا.
ويفيد الخبراء أن التركمان يعتبرون ضحايا السياسية الخارجية الخاطئة التي تنتهجها تركيا في الشرق الأوسط، وكشفت الإحصائيات عن مقتل ما لايقل عن 50 ألف تركماني، ونزوح نحو 2 مليون آخرين عن أراضيهم خلال السنوات الثلاث الماضية.
وفي مطلع عام 2013، وبينما تدخل الحرب الأهلية في سوريا عامها الثاني، استضاف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ممثلي التركمان في وزارة الخارجية، وتجاذب معهم أطراف الحديث بحماسة. وأعرب التركمان خلال اللقاء عن سوء الوضع وتعذُّرهم في حماية أنفسهم، لا سيما وأنهم لا يمتلكون أسلحة ثقيلة. وزاد الوزير من حدة حماسته في كلامه، وضرب بيديه على الطاولة وحسم اللقاء قائلًا: “زملائي وأبناء نسلي الأعزاء، اطمئنوا جميعًا، فإن لزم الأمر، سنذهب ونغرس العلم التركي في منطقة “باير بوجاق” التابعة لمحافظة اللاذقية السورية”.
لا شكَّ في أن هذه الكلمات قد أثّـرتْ على جميع التركمانيين المتواجدين في القاعة بالرغم من كل شيء، وصفق الجميع للوزير، ولكنهم خاضوا تجارب مريرة علَّمتهم أن الفوز بالحرب لا يمكن أن يتحقق من خلال بضع كلمات ووعود حماسية، ولم يتبق خلال عام واحد أيٌّ من المحاربين في صفوف الاتحاد التركماني.
على أن الثورات التي أُطلق عليها “الربيع العربي” في البداية تحوّلت إلى الخريف التركماني في كل من سوريا والعراق، كما أن السياسة الصارمة التي انتهجتها تركيا وضعت أبناء نسلها في موقف حرج وجعلتهم مستهدفين، وبات التركمان العزّل الذين لا يمتلكون قوة بشرية كافية بين شقى رحى الموت والنزوح عن أراضيهم.
كما أفادت الأنباء أن قرابة 1.5 مليون تركماني نزحوا عن أراضيهم في سوريا، في حين أن نحو 500 ألف تركماني في العراق هربوا إثر هجمات الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) إلى المناطق الآهلة بالكثافة الشيعية ومدينتي كركوك وأربيل الواقعتين تحت سيطرة الأكراد.
هذا وأدى نزوح التركمانيين الذين يعيشون في المدن ذات الموقع الإستراتيجي في كلا البلدين لأراضيهم إلى جيوسياسية متجذرة وتغييرات ديمغرافية في هذه الجغرافيا.
ووفقًا للمعلومات التي قدمتها مصادر محلية لصحيفة “زمان” التركية، فقد تم هدم وتخريب ما يزيد عن 300 قرية وبلدة تركمانية تابعة لمناطق باير بوجاق وجوبان باي وتل أبيض وحلب وحمص في سوريا. واستولى كل من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي يعد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني في سوريا، وقوات نظام الأسد في سوريا، على غالبية هذه المناطق.
أما في العراق فقد قامت عناصر داعش بالهجوم على مدينة تلعفر التي تعتبر من المدن التركمانية العريقة وتقع على بعد حوالي 70 كم شمال غربي الموصل ويبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة، هُدِّم ما يزيد عن 100 قرية وبلدة، وباتت العودة شبه مستحيلة لمن حاولوا الهروب وتعذروا.

















