إسطنبول (زمان التركية) – على الرغم من الانزعاج الكبير الذي أبدته الحكومة التركية إزاء قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل مقر قنصلية بلاده في إسطنبول، إلا أن البعثات الخارجية التركية تتبع الطريقة ذاتها في التعامل الوحشي مع الجاليات التركية في عدد من الدول.
وتعرض مراسل جريدة “Zeit” الألمانية في هامبروج سباستيان جيمبينس للضرب أمام القنصلية التركية في هامبرج. وأكد شهود عيان أن الاعتداء بالضرب كان من قبل موظفين في القنصلية أو أشخاص موجهين من قبلهم. وبعد أن أوضحت السلطات في تركيا أنها تعد مذكرة حول الواقعة، إلا أنها أغلقت الملف بشكل مثير.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في خبرها: “تعرض أردال كبابا المقيم في مدينة لاهاي في هولندا لرذاذ الفلفل في وجهه، من قبل موظفين في القنصلية العامة التركية في روتردام، وأنه تعرض للاعتداء بالضرب بشكل كبير، وتقدم ببلاغ حول الحادث”.
إلا أن الغريب في الأمر هو توجه الضحية السياسي حيث معروف عنه أنه من مؤيدي حزب العدالة والتنمية. وكان أردال أكبابا قد شارك في التظاهرات التي خرجت اعتراضًا على منع الوزراء الأتراك من تنظيم حملات دعائية سياسية في هولندا، وقال إنه يشعر بالولاء للأمة التركية ووطنه دائمًا.
وروى الصحفي التركي الواقعة قائلا: أحد مسؤولي الأمن قال لي “ماذا يحدث يا صاه!”، فردّ: “ماذا تقصد بصاه؟! تكلم جيدًا.” وما إن قال ذلك حتى تلقى أردال كبابا صفعة على وجهه، وبدأوا رش رذاذ الفل على وجهه. ويضيف الضحية: “في تلك الأثناء حاولت حماية نفسي، اصطحبني 4 أشخاص إلى الداخل، وأسقطوني أرضًا. لم يكن لدي قدرة على المقاومة. بدأوا ضربي بالعصي والأرجل. كان هناك الكثير من الأشخاص ينتظرون الإجراءات القنصلية، حاولوا الضرب على الزجاج والأبواب من أجل منع الموظفين”.
ويوضح أكبابا أن زوجته اتصلت بالشرطة في روتردام في تلك اللحظة، وأنه أخرج خارج القنصلية التركية عند وصول قوات الأمن إلى أمام القنصلية العامة. وحصل أكبابا على الإسعافات الأولية اللازمة من قبل سيارة الإسعاف التي أرسلتها قوات الأمن.
فضلاً عن أن قوات الأمن والفريق الطبي أكدوا له أنه كاد أن يكون كفيفًا، بسبب الكمية الكبيرة التي تعرض لها من رذاذ الفلفل، لولا التدخل السريع. وقالت قوات الأمن وشهود العيان في تصريحاتهم لـ “بي بي سي” التفاصيل نفسها. وجاء في التقرير الطبي أن الحالة الصحية لأردال أكبابا لا تسمح له بالذهاب للعمل لمدة 18 يومًا، مشيرًا إلى أنه تعرض لكدمات ومشكلات في عضلات كتفيه اليمنى واليسرى.
ويشار إلى أن البعثات الدبلوماسية التركية في الخارج بدات تقصر خدماتها الخاصة بالمواطنة من إصدار وتجديد جواز السفر، وسجل القيم، على المواطنين الذين تراهم “مقبولين” فقط، وتستبعد المعارضين المحتملين والمنتقدين للدولة. الأمر الذي اعتبره الخبراء والمحللون السياسيون انتهاكًا للدستور والقنوانين التركية، بالإضافة إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وبدأت الانتقادات تتوالى في هذا الأمر من الجاليات التركية في دول عديدة.
وأكد المحللون السياسيون أن القنصليات والسفارات التركية لم تعد مكانًا آمنًا للمواطنين الأتراك في الخارج، مشيرين إلى أن المواطنين الأتراك لم يعد لديهم أمان على أرواحهم في القنصليات التركية.
وكان المعلم التركي يافوز كوجا روى هو الآخر تعرضه قبل فترة للضرب والتهديد بالذبح في القنصلية التركية في إيسن بألمانيا التي ذهب إليها من أجل تمديد جواز سفره.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلَّم الأمن الداخلي العام للبلاد إلى أيادي أجهزة الاستخبارات منذ سنوات، وقد ظهر ذلك أيضًا في التعامل مع الأتراك في الخارج. وأصبحت البعثات الدبلوماسية التركية في الخارج تعمل وكأنها وحدات استخباراتية، وهذا ما يتحدث عنه أنصار حزب العدالة والتنمية بأنفسهم. كما أكد مراقبون أن عمليات التعيين في السلك الدبلوماسي التركي أصبحت مرتبطًة بمدى ارتباط الشخص بقصر رئاسة الجمهورية.