بقلم: صالح القاضي
القاهرة (زمان التركية) – إن عملية إدراك الذات واحدة من أعظم التجارب التي قد يخوضها الإنسان في حياته، ولكن ما هو الادراك أو الوعي الذاتي؟ وكيف يمكن أن يصل إليه الشخص؟ وما هي الفوائد التي ستعود على الإنسان من وراء ذلك؟ كما سنستعرض في هذا المقال خمس طرق تساعدك على زيادة وعيك بذاتك.
عزيزي القارئ هل حدث يوما أنك قمت بتصرف ما ثم لا حظت أن هذا التصرف الذي قمت به لا يتماشى مع مبادئك التي تؤمن بها أو أنك شعرت بأن هذا التصرف لم يكن من المفترض عليك القيام به؟ لا تقلق، الكثير حول العالم يشاركونك نفس التجربة، وهذا بالضبط ما نتحدث عنه اليوم.
إن الوعي الذاتي يعني التصرف الواعي المدرك للذات من حيث طموحاتها على المستوى السلوكي والأخلاقي، وكلما كانت المعايير السلوكية والأخلاقية للإنسان تتوافق مع تصرفاته فهذا يعني أن هذا الشخص مدرك لذاته أو لديه وعي ذاتي، والعكس بالكس فكلما كانت تصرفات الإنسان لا تمثل طموحات الإنسان في أن يتطور ذاتيا من خلال تحقيق نموذجه الأخلاقي والسلوكي الذي يطمح إليه كلما احتاج هذا الإنسان إلى التوقف مع نفسه ليقوم بعملية تقييم ذاتي تؤدي إلى فهمه لذاته من حيث جوانب القوة وجوانب الضعف والنقص، هذه العملية تقود الإنسان إلى إحداث التغيير المطلوب من خلال رسم خطة يقوم بتتبعها ليصل في النهاية إلى ما يطمح إليه من نجاح في حياته.
ورغم أن اصطلاح “الوعي أو الادراك الذاتي” حديث نسبيا إلا أنه قديم قدم الإنسان، وأكد عليه القران الكريم في قوله تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. فهنا نجد الإية القرائنية الكريمة تربط تغيير الواقع بتغيير ما يجول في نفس الإنسان وهذا لا يحدث إلا عندما يلاحظ الإنسان تصرفاته وأفعاله ويقوم بتحليلها بعد أن يدركها تمام الادراك فيتحرك وفقا لذلك مبدلا سلوكياته االخاطئة بأخرى سليمة.
إن عملية إدراك الذات ليست بالعملية الهينة أو البسيطة بل هي صعبة وتحتاج إلى تركيز وترتيب ووضع خطة للتغيير السلوكي تسبقها عملية فهم متعلقة بـالإجابة على سؤال مفاده “لما نتصرف بهذا الشكل؟” ومتى ما أدرك الإنسان إجابة هذا التسائل استطاع أن يتحرر من التصرف اللاواعي ويستبدل ذلك بتصرفات واعية، وإليك بعض الفوائد التي ستجنيها من وراء عملية الوعي الذاتي:
أولا : الوعي الذاتي يجعلنا أكثر تفاعلا، ويسمح لنا بأن نتطور ذاتيا.
ثانيا: يسمح لنا الوعي الذاتي بأن ننظر إلى الأمور من منظور الآخرين، ويعطينا القدرة على التحكم الذاتي، وعندما ننجح في فعل ذلك سنشعر مباشرة بالثقة الناتجة من قدرتنا على تغيير ذاتنا إلى الأفضل.
ثالثا: يقودنا الوعي الذاتي إلى اتخاذ القرارات السليمة.
رابعا: الوعي الذاتي سيجعلك أفضل في عملك، وسيجعل قدرتك على التواصل مع الآخرين أفضل، وسيزيد من موثوقيتك لدى الآخرين.
خمس نصائح لزيادة الوعي الذاتي
كيف يمكننا أن نزيد من وعينا بذاتنا؟ إن الإجابة على هذا التسائل قد تختلف إجابتها من شخص لآخر، فلكل واحد منا تجاربه الخاصه، وطريقته الخاصة في الادراك، ولكن سنستعرض معا خمس أشياء القيام بها قد يساعدك في عملية إدراكك لذاتك:
أولا: حدد الوقت والزمن لنفسك، فأن تجلس مع نفسك لعمل مراجعة بصورة يومية من شأنه أن يحسن قدرتك على فهم ذاتك، شريطة أن يكون ذلك بعيدا عن الانشغال بالسوشيال ميديا، اجلس في مكان هادئ لفترة زمنية محددة وراجع ما قمت به خلال اليوم.
ثانيا: مارس الوعي في كل أفعالك وتصرفاتك ومشاعرك حتى فيما تأكله وما تشربه، لتصبح حياتك أكثر تنظيما ووعيا.
ثالثا: دون وعيك بذاتك، دون أفكارك ومشاعرك وملاحظاتك حول تطورك الذاتي، ومشاعرك الداخلية، هذا السلوك سيمكنك من تعقيب التطور والتغير الذي قمت به على المستوى الشخصي.
رابعا: استمع جيدا، إن القدرة على الإنصات والاستماع الفعال أمر هام للغاية، استمع وحلل المشاعر ولغة الجسد وحاول أن تستفيد من ذلك دون أن تلقي أحكاما مسبقة.
خامسا: ابحث عن منظور مختلف، بمعنى أن تتوجه للآخرين وأن تستشيرهم وتأخذ بنصيحتهم فتبدأ في رؤية الأمور من منظور مختلف، الأمر الذي سيوسع من أفق رؤيتك وتصورك للأمور.
الكثير منا لديه قدرات خارقة في كشف عيوب الآخرين، ولكن ماذا عن عيوبنا نحن، لا تنسى عزيزي القارئ أنه إن أردت تغيير العالم فابدأ بنفسك أولا.
يقول الشاعر التركي المعروف يونس إمره:
العلم هو أن تعرف
أن تعرف نفسك
فإن لم تفعل
فما فائدة ما قرأت؟