أنقرة (زمان التركية) – سياسة تركيا خلال الأزمة المتصاعدة بين إيران وإسرائيل لها بعدان رئيسيان، وكان أهم تحذير وجهته في هذا السياق هو أن خطر “تحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى حرب إقليمية” ليس بعيدًا.
وطالبت تركيا، التي حذرت جميع الأطراف المعنية، وخاصة الغرب، بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة بأقرب وقت، عندما بدأت التوترات في الشرق الأوسط، وأعربت عن قلقها من انتشار الصراع إذا استمرت الحرب.
وأوضحت تركيا أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل أثبتت صحة تقديراتها، حيث أفادت وزارة الخارجية في بيان في 14 أبريل/نيسان أن تركيا ذكّرت جميع محاوريها منذ فترة طويلة بتحذيراتنا من أن حرب إسرائيل في غزة تنطوي على خطر الانتشار والتصعيد وأن الهجوم الإسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق مخالف للقانون الدولي ويبرر مخاوف تركيا مشددة أن انتقام إيران والتطورات اللاحقة لهذا الهجوم أثبتت مرة أخرى أن الأحداث يمكن أن تتصاعد بسرعة إلى حرب إقليمية.
في تصريحاته في الأشهر الأخيرة، ذكر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن الإنسانية وصلت إلى مفترق الطرق في غزة، وأن الحرب في غزة “إما ستسفر عن حرب أكبر أو سلام شامل” مؤكدًا أن خيار تركيا هو السلام.
لا إدانة للهجوم الإيراني
ولم يتضمن بيان وزارة الخارجية التركية، أي إدانة لهجوم إيران على إسرائيل من أراضيها لأول مرة، رغم أنه في 1 أبريل/نيسان، أدانت تركيا الهجوم الإسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق والذي أدى لمقتل مسؤولين عسكريين كبار، مشيرة إلى مخالفته للقانون الدولي.
وفيما يتعلق بالهجوم الإيراني باعتباره “انتقاماً”، قالت وزارة الخارجية أن أنقرة تواصلت مع المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين قبل الحادث، ودعت إلى ضبط النفس وأبلغت الأطراف بالتوقعات والرسائل المتبادلة، وأجرت المبادرات اللازمة لجعل رد الفعل محدودا، في إشارة إلى الدبلوماسية المتعلقة بكون رد الفعل الإيراني محدودا.
الحوار مع أمريكا وإيران عبر قناتين
وبجانب الرسائل العامة أسهمت تركيا في منع خروج التوترات عن السيطرة عبر اتباعها دبلوماسية نشطة مع أطراف الصراع وعلى رأسهم إيران والولايات المتحدة، ومن المعلوم أن هذه الجهود بدأت بإبلاغ إيران كل من تركيا ودول المنطقة الأخرى بالهجوم قبل 72 ساعة من وقوعه.
وعقب تأكد المعلومات حول عزم إيران مهاجمة اسرائيل تم أول اتصال في العاشر من أبريل/ نيسان الجاري بين وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ونظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، وخلال هذا اللقاء تبادل المسؤولون الأتراك والأمريكيون الآراء بشأن ضرورة كون الرد الإيراني محدود.
وفي الوقت نفسه تناولت الصحافة التركية أنباء عن تواصل رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نظيره التركي، إبراهيم قالين، ومطالبته بإرسال رسائل واشنطن بشأن الهجوم إلى طهران.
وخلال لقاءات فيدان وبلينكن مع نظرائهم الإيرانيين تم إبلاغ طهران بدعوة تركيا لعدم اتخاذ إجراءات تصعيدية بجانب رسائل واشنطن.
واستمر الحوار بين أنقرة وواشنطن بعد انتهاء الهجوم الايراني، حيث التقى فيدان في الرابع عشر من أبريل/ نيسان الجاري بنظيره الإيراني من ثم أجرى اتصال هاتفي بنظيره الأمريكي لتبادل وجهات النظر.
وتشير المعلومات الواردة عن مصادر دبلوماسية إلى أن فيدان أبلغ نظيره الإيراني بعدم رغبة تركيا في تصاعد التوترات بالمنطقة، عقب الرد على إسرائيل وأن وزير الخارجية الإيراني أبلغ فيدان بانتهاء العملية وأن إيران لن تقدم على خطوة أخرى إذا لم تشن اسرائيل هجومًا جديدًا.
من جانبه أبلغ فيدان نظيره الأمريكي بحديث وزير الخارجية الإيراني مشيرا إلى كون الحرب المندلعة بين اسرائيل وحماس هى سبب التوترات بالمنطقة وأنه يتوجب إعلان وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة بشكل دائم وإلا فستواصل الأزمة التصاعد.
وشدد فيدان على ضرورة إرسال الدول التي تتمتع بتأثير على اسرائيل رسائل واضحة بعدم تصعيد التوترات بالمنطقة.
وفي تصريحات منه بشأن اللقاء بين فيدان وبلينكن، أفاد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن بلينكن شكر فيدان على جهوده لمنع تصاعد التوترات.
الإجراءات الإسرائيلية ستحدد مسار التوترات
ترى تركيا أن خطر الحرب الإقليمية لم يختف على الرغم من أن التوتر بين إيران وإسرائيل قد اختفى دون التسبب في حادث أكب وأن الأحداث ستتشكل وفقًا للخطوات التي ستتخذها إسرائيل في المستقبل وتطالب الأطراف الغربية باتخاذ موقف وفقًا لذلك.
وتتوقع تركيا أن يتصاعد التوتر أكثر بكثير إذا ردت إسرائيل عسكريًا على إيران أو أطلقت اعملية العسكرية في رفح، والتي كانت على أجندتها لفترة طويلة، حيث ذكرت الخارجية التركية في بيانها “اليوم، ننقل بوضوح رسائلنا إلى السلطات الإيرانية والدول الغربية التي لها تأثير على إسرائيل لوقف التصعيد. وسنواصل جهودنا لعدم إطلاق عملية من شأنها أن تضر بشكل دائم باستقرار منطقتنا وتسبب صراعات أكبر على المستوى العالمي “.
الحوار المتزايد مع حماس
بالإضافة إلى هذه الخطوات، تواصل تركيا محاولاتها لزيادة نفوذها في نطاق مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية ولكن غير الحاسمة بين إسرائيل وحماس. واللافت في الأمر هو تواصل قالين مرتين مع مسؤولين بحركة حماس عقب اتصال رئيس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية به وتبادله وجهات النظر بشأن العناصر المتفاوض عليها.
وخلال اجتماع مع الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 13 أبريل/ نيسان الجاري، ناقش قالين قضايا مثل مفاوضات وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتبادل الرهائن وعودة الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم إلى جنوب غزة إلى الشمال.